الخميس 21 نوفمبر 2024 04:00 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

حوارات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : حديث شيق مع عروسة البحر المبدعة !!

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم
الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم

ذهبت مع الأسرة إلي أحد شواطئ القوات المسلحة بمدينة الإسكندرية لقضاء ليلة من ليالي الصيف الحارة ،المعروف بمياهه الهادئة .
ونظرا لعدم اجادتي السباحة ، كنت أتقدم إلي الأمام بحساب دقيق ، وقفت علي مقربة من الشاطئ أسمع صوت السيدة أم كلثوم في رائعتها البليغة من اجل عينيك عشقت الهوى ، لم يكسر تلك الحالة التي كنت عليها ، الا رؤية أسرة ملتفة علي صبية لها ، تلهو معها وتمازحها بمودة وحب ، والبحر شاركهما فرحتهم ، حيث كانت المنطقة التي يقفون فيها وكأنها مختلفة عن باقي مياه الشاطيء ، أكثر صفاء ،واهدأ حركة ،
تجاسرت وتقربت منهم ، ورقبت الصبية ، فإذا هي بالغة الجمال ، وكلما تحركت الصبية صاحبتها المنطقة الرائقة ، تعجبت من حب المياه الصافية لتلك الصبية ، تركت المكان ليسعد بمن فيه ، من الأسرة والصبية ، خرجت أحتسي كوب من الشاي علي تربيزتي ، فوجئت بالأسرة وصبيتها يجلسون التربيزة المجاورة لي ، ودار حوار ، وسألتهم عن صبيتهم ، واهتمامهم بها والالتفاف حولها دوما ، كانت المفاجأة ، أنها مشروع عالمة من الطراز الفريد ، ودار حوار ممتع معها امتد إلي الساعات الأولي من اليوم الجديد. سألتها من أنتي ؟ قالت : أنا تسنيم سعيد من المنوفية ، تحديدا من شبين الكوم ، عندي ١٧ سنة ، طالبة في مدرسة الشهيد المُقدم ياسر فريج عيسوي حامد الثانوية الجديدة بنات.
قلت لها لقد حكي لي الوالد عن تفوقك العلمي ، هل من الممكن أن تحدثينا عنه ؟
قالت : أنا حصلت علي المركز الثاني علي مستوي الجمهورية في مسابقة إنتل ايسيف الدولية (ISEF 2023) ومشروعي صنف ضمن أفضل ١٠ مشاريع من إجمالي ا ٣٠٠٠ مشروع والحمد لله اخدت عليه براءة اختراع .
ممكن تلقي لنا الضوء عن ماهية مشروعك ؟
انا ابتكرت بدلة قادرة علي أن تحمي الأشخاص المتواجدين بالقرب من المفاعلات النووية والأطباء المعالجين للمرضى من الكانسر ، لأن أحيانا كتيرة بيتسرب ليهم الإشعاع ..

متي وكيف جاءت لكي تلك الفكرة ؟
الفكرة جاءت لي منذ كنت طالبة في المرحلة الإعدادية ، لما كنا بندرس حاجات بسيطة عن الإشعاع النووي ، الحقيقة أني من ساعة ما أخدت الدرس هذا ، وأنا قاعدة أفكر ازاي ممكن نحمي الناس دى من الإشعاعات الضارة الشريرة ، وكنت قاعدة أسأل نفسي : معقولة العلماء لسه لم يخترعوا حاجة تحمي من الإشعاع النووي.؟ قعدت أفكر ، كيف من الممكن أن يكون لي دور في مساعدة هؤلاء النبلاء ، فكرت في عدة مواضيع ، ولم أهتد إلي مشروعي بسرعة. ، وفضلت أيام ايام وليالي أفكر في موضوع مهم ، وظللت علي تلك الحالة من البحث حتي انتقلت إلي المرحلة الثانوية .

وأثناء دراستي بالصف الأول الثانوي، وفي حصة الكيمياء والتي تناولت الفروق بين الأشعة (ألفا وبيتا وجاما) اعتبرت أن موضوع الحصة إشارة إلي الموضوع الذي يشغلني منذ وقت بعيد ،وبعد الحصة هذه عزمت علي الموضوع ووضعت له تصور مبدئي ، وعرضت هذا التصور علي دكاترة من كلية العلوم .
ماذا قالوا لك ؟
الحقيقة أنهم سعدوا للغاية بالفكرة ، وبالتنفيذ والنتيجة التي تحققت ، حيث وصلت نسبة الحماية لأعلى من ٩٥٪.

يابنتي شوقتيني لماهية الفكرة ، ممكن تكلميني عن البروجيكت شويه؟

الفكرة عبارة عن بدلة صُممت بنظام العازل لحماية المعترضين للإشعاع ، بمعنى إنني اكتشفت مادة قادرة أن تعمل كعازل للإشعاع النووي بكفاءة أعلى من سمك كبير من النحاس او الخراسة أو حتى الرصاص !!

وهل التقدم التقني لم يكتشف إلي الآن ملابس واقية تقي العاملين من خطورة التعرض لتلك الأشعة ؟

الحقيقة أن هناك احتياطات مفعلة وموجودة ، ولكن أن تكون بدلة قادرة علي تحقيق معدل يفوق ال٩٥,% ، هنا تكمن قيمة الفكرة !!
وهل كان التصميم والتنفيذ سهلاً ، أم كانت هناك معوقات؟

الحقيقة كانت معوقات يمكن أن ألخصها في سبابين ،الأول: أن المادة المصنوع منها البدلة لكي تكون قادرة أن تعمل بكفاءة ضد الإشعاع ، لابد ان تقلل جزيئات الماء من ٩ جزيئات إلي ٧ جزيئات ، ثاني سبب ان المادة دي أساساً باودر ( بدره)
وكانت المشكلة في كيفية تحويل المادة الباودر ، لحاجة سمكها قادر أن يعزل الإشعاع ولا يكون به فراغات بين جزيئاتها ، وفي نفس الوقت يجب أن تكون مرنة ويقدر الإنسان أن يتحرك بها بسهولة ، من أجل هذا ، تم إضافة السيلكون إليها بجانب الاسيتيلين لتكون مرنة ومريحة .
وبعد تلك الإضافة استطعت إنتاج قطعة سمكها ٢٠ سم ، بعدها دخلتها في عملية إسمها الدرفلة ، من أجل تقليل السمك ، فضلا عن ضغط الجزيئات لكي تقرتب من بعضها ، بغية الوصول لمنتج يكون عازلا للإشعاع النووي .

و البدلة صُممت على هيئة ٣ طبقات : أول طبقة من نفس المزيج بس سمكها ٥ ملم ، ودي المواجهة للإشعاع ، ثاني طبقة وهي زجزاج من التنجستين سمكه حوالي نص ملم ، ودى علشان يمتص أي إشعاع متسرب من الطبقة الأولى لو حصل لقدر الله اي تسرب فيها ، ثالث طبقة ودي مشابهة للطبقة الأولى ولكن سمكها ٤ ونص ملم.

والبدلة مغلقة تماما كأي بدلة معملية ، من أجل هذا زودناها بماسك فيه فلتر من التنجستين علشان يعمل علي تنقية للهواء.. وبهذا تغلبنا علي اي مصدر يدخل منه الاشعاع.

وزودت البدلة بسينسور من الدوزيمتر علشان يكون الإنسان الذي يردتيها عنده وعي أن المكان إلموجود فيه ، به إشعاع أم لا ، ومن خلاله يقدر يحدد كميته كمان.

اثنين علي الفكرة ووصفتها بأنه جهد عظيم ومجهود شاق وموهبة مبكرة يجب أن تحاط بكل أطر الرعاية الاجتماعية والعلمية . ثم سألتها: هل حققتي كل طموحك في فوز بحثك بالمركز الثاني في تلك المسابقة بالغة الأهمية ؟
قالت : الحقيقة أنا فخورة بما وصلت إليه ، وإن شاء الله سيكون هناك مشروع آخر في مجال آخر .
ولكن طمعت بعد فوزي في مقابلة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، لأشكره علي اهتمامه بالموهوبين في كل المجالات ، كما تمنيت علي الإعلام الرسمي للدولة إلقاء مزيد الضوء على تلك المشاريع لخلق حالة من الإهتمام العلمي بدلاً من التركيز علي أشياء لا تساهم في تقدم الدولة في شكلها الجديد ، والذي يحتاج إلي مشاريع ذات أفكار مبتكرة ، لمواكبة حالة التحديث والتطوير التي تضرب جنابات الدولة في أشكالها المتنوعة ومجالاتها المتكاثرة. فضلا أن شيوع ثقافة الإبتكار والإبداع تبني الشخصية وتجعلها قادرة علي تحمل المسؤوليات.

إن من شأن التكريم من المستوي الأعلي ليدفع المرء إلي التطلع لمزيد من الأعمال التي تؤهله للفوز في مسابقات اكبر مثل UNISEF ومسابقات أولمبياد بايو وماث وعلوم فضاء وعلوم المناخ.
وحتي لو حالت ظروف فخامة الرئيس من اللقاء ، إلا أنني أطمع ان يصله صوتي من أجل أن نحيطه علما ، بأن أجيال مصر الشابة وقد لفت نظرهم إهتمام فخامتك بالموهوببن ، خلق حالة من التطلع إلي التميز ، سيكون لها أثرها الإيجابي بالغ الأهمية في القريب العاجل ، وان شاء الله سنعمل وزميلاتي بكل جد علشان بلدنا تبقى أحسن وأحسن ، وإن أي تطوير فخامته بيعمله ، إحنا مقدرينه وحاسين بيه فعلا وراضين عنه ، باعتبار أن جل ما يتم تنفيذه الآن ، هو لنا وللأجيال القادمة .

لمن يرجع له الفضل فيما وصلتي إليه ؟

أسرتي والتي أتقدم لها بجزيل الشكر على الإهتمام والمساندة ، وتحمل التبعات رغم تواضع الأحوال.
شغلني بعض التعب أن اتصل بتسنيم اعرف مجموعها في الثانوية العامة ، حتي اطمأن الي التحاقها بكلية تساهم في خلق كادر مبدع ونشيط وصغير .