الدكتور شريف الدخميسي يكتب : السنوار.. هل يمضي على نهج هنية؟!
الجارديان المصريةهذا السؤال يطرح نفسه بقوة بعد أن اختارت حركة حماس بالإجماع يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة خلفاً للشهيد إسماعيل هنية.
قرأت كثيراً من التعقيبات والتعليقات، وهي تمضي في مضامينها نحو أن النهج المقاوم والمسلح للسنوار سيحل محل النهج السياسي والتفاوضي لهنية وهو ما يتوافق مع ما استقبلت به جريدة (وال ستريت جورنال) الخبر، فكتبت معلقة في مقال لها: اختيار السنوار رئيساً لحركة حماس يعزز مكانتها كحركة مقاومة مسلحة ضد "إسرائيل" ويبتعد عن دورها ككيان سياسي يهدف إلى الحكم.
وكذلك قناة سي إن إن (CNN) التي تسأل ضيفها ما مستقبل المفاوضات ووقف إطلاق النار وكذلك مصير حياة الرهائن في غزة بعد رئاسة السنوار لـ حماس؟.
وكأن لسان حاله يقول: إن بنيامين نتنياهو الذي لم يعرف أن يضع تصوراً لليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة، قد فشل أيضا عندما اتخذ قرار اغتيال إسماعيل هنية متسرعا دون أن يكون هناك تصور ما لتبعات اغتياله.
ملاحظة: إسرائيل لم تتبن اغتيال هنية حتى الآن.
ومن الواضح أن هناك موجة تدفع العقل الجمعي والرأي العام العالمي دفعاً باتجاه معين وصاحب تلك السطور يرى أن هناك خلطاً أو ما يشبه الخلط في هذا الرأي أو على سبيل الدقة أريد له أن يتحول من رأي تلوكه الألسنة من كل حدب وصوب إلى موجة ضاغطة على حماس وقيادتها الجديدة، لتعيد حساباتها، فتغير أو على الأقل ترجع خطوة إلى الوراء .
وفي هذا الصدد لا بد أن نضع هذا الرأي تحت المجهر، ونوّليه تشريحا مفصلاً، وفحصاً دقيقاً معمقاً.
وهناك بعض الحقائق نوضحها لنبني عليها فيما بعد:
أولا: القائد العسكري لحركة حماس هو محمد الضيف، وليس يحيى السنوار.
ثانيا: يحيى السنوار كان همزة الوصل بين السياسيين المفاوضين وبين الجناح العسكري للحركة.
ثالثا: الاختيار جاء في مكانه تماما فالسنوار يعرف كل صغيرة وكبيرة عن ما حدث في المفاوضات سواءً مع الاحتلال أو الأمريكان أو حتى الوسطاء.
وقد تكون الأخيرة، إذ أن هذه المعرفة التفصيلية تصب في صالح المفاوضات.
ولكن تكمن المعضلة التي تظهر بجلاء في انتقال رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس من الخارج (قطر) إلى الداخل ( أنفاق غزة).
فهي عقبة كؤود في تسهيل التفاوض أو بالأحرى اعتبرها عقوبة عاقبت بها حماس الاحتلال ورسالة مفادها: "لم يعد هناك شي سهل من الآن فصاعداً حتى التواصل مجرد التواصل مُتعب وله ثمن ووقت"
ومن خلال متابعتي للعدوان على غزة وجولات المفاوضات في الدوحة والقاهرة نجد أن بعض الردود على الاقتراحات كان الوسطاء ينتظرون لأيام عدة حتى يستطيعوا التواصل مع السنور فضلاً عن رده على الاقتراحات المطروحة.
معروف أن يحيى السنوار أحد مهندسي هجوم 7 أكتوبر، ولم يُعلم هنية، ومشعل - وهما من هما - بتفصيل الهجوم أو وقته، إلا أنهما كانا على علم فقط أن شيئاً كبيراً سيحدث كما ذكرت (وال ستريت جورنال).
وقد سمعت من أحد الغزيين القاطنين بالقاهرة أنه لو كان هجوم 7 أكتوبر قد نُفذ أيام الشيخ أحمد ياسين أو الرنتيسي لكان كل بيت في غزة يعرف بالميعاد، ويخرج قبلها مكبراً.
أما منهج السرية التي انتهجها السنوار فهي التي صعبت المهمة على الاحتلال وعملائه في الدخل حتى الآن من عدم الوصول إلى تحرير الأسرى كل الأسرى.
السنوار على درب ياسين والرنتيسي نعم، ولكن بلمسة السنوار الخبير بالداخل الإسرائيلي.
وهناك معضلة أخرى أن اختيار السنوار يفقد مساحة المناورة التي كان يملكها هنية ومشعل حيث ذكر سمير غطاس مع عمرو أديب في برنامج (الحكاية) تعقيباً على واحدة من جوالات المفاوضات التى فشلت في القاهرة أن هنية ومشعل "مش في أيدهم حاجة، القرار كله في يد من هم في غزة".
وحقيقة الأمر كما أفهمها أو يفهمها أي سياسي أن وراء الأكمة ما ورآها، وليس الموضوع أن لهنية ولا مشعل قرار بقدر ما هي أنهما كانا يمتلكان مساحة للمراوغة عندما تضغط قطر أو مصر وما لهما من فضل على حماس كحاكم لغزة، فقطر هي التي تستضيف المكتب السياسي على أرضها، وهي التى تدفع الرواتب، ومصر التي تملك الحدود ومنفذ رفح .
عندما يضغط الوسطاء على المفاوضين من حماس، فتكون الإجابة نرجع إلى من هم وراءنا في غزة، وننتظر ماذا يرون أو يقررون ؟!
نختم بإجابة السؤال الذي اتخذناه عنواناً للمقال
هل سيمضي السنوار على نهج هنية؟
نعم بكل تأكيد سيمضي، ولكن بلمسة السنوار، فلندع الأيام القادمة تكشف لنا عما يخبئه المستقبل من أحداث ومفاجأت.
وكما قالوا اسم السنوار بالإنجليزية Sin war
ينقسم إلى جزأين
Sin بمعنى الخطيئة
War بمعنى الحرب
فهذا الرجل قام بالحرب ٧ أكتوبر
وهو الذي سيعاقب المحتل على خطيئته في حق الشعب الفلسطيني.