الأربعاء 15 يناير 2025 08:31 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الكبير وصفى هنرى يكتب : حنين .. حنين

الكاتب الكبير وصفى هنرى
الكاتب الكبير وصفى هنرى

أحن بشدة لأيام خلت مضى عليها اكثر من ستون عاما
أحن لمدرستى المعهد العلمى الخاصة الابتدائية لصاحبها مصطفى بك عبدالهادي ، التى كنت اخرج من البيت قبل طابور الصباح بثلاث دقائق فقط حيث كنت اعبر الشارع فأكون فى المدرسة
اشتاق للبائعين المتراصين خلف اسوار المدرسة ببضائعهم العجيبة … حرنكش ، حب العزيز ، دوم ، توت ابيض واحمر ، تفاح اخضر والبرتقال الذى كان يشبه البلى وكان يؤكل بقشرة غير العسلية و النوجة و حُمُّص الشام ، وكانت أغرب البضائع دود القز والشرنقة التي كنا نسمع ان منها يصنع الحرير !!
أحن لألعاب الطفولة ، السبع طوبات ، ياصيادين السمك ......تريك تراك ... كيكا علي العالي ولا الواطي .. الترونجيلة ........ واحد اتنين سرجي مرجي
النبلة ام استيك ..المركب ابو بزيت ورتينة
اللي كان في الطشت ولا اجدعها سفينة ، ياعم ياجمال...الخناقة علي بليه اصلها نيكل مش اي كلام .
الهيلاهوب والحجلة ، غير لوجة كرة القدم واللي يكسب ياخد التعريفة بتاعته وعليها نوجة .
أحن لحينا الجميل وكل ما يذكرنى به
الفرن الإفرنجي لصاحبة بخيت و شقيقه جابر
احن لبقالة النيل وأول من وعت عليه عيناى عبد الرحيم و شقيقه سمير الشوام الذان نزحا للقاهرة وأحن لسندوتشاتهم المميزة، البسطرمة و الحلاوة الطحينية حيث كنا ناخذ الفينو طازجا من الفرن و يقوم عبد الرحيم بحشوهما
احن للعيش البلدى حيث كان عّم سعد ياتى بالقفة حتى باب الشقة ويطرق الباب ويمضي لجيراننا يوزع عليهم القفف حتى تنتهى أمى من نقاوة ماتحتاجة مابين ملدن و مفقع و ناشف وكانت تدفع خمسة قروش ثمنا لعشرة أرغفة ، و فى الصيف عند زيارة عائلة عمى إدوارد لنا كنا نشترى الف عيش والألف هنا تعنى عشرين رغيف بلغة الطابونة .
اشتاق لعم عبد العليم صاحب المكتبة و هو كان ايضا خطيب جامع الحى الذى كان لا يستأمن احدا على مفاتيحه الا لعم وليام كهربائى السيارات وكنا نفضل مكتبة عبد العليم على مكتبة ابو هابيل لانه كان " مغلوانى " .
احن لعم يعقوب الإسكافي حيث كنت اشترى من عنده الخمس ملبسات نادلر مشكل بتعريفة ، عم يعقوب كان باشا دائمآ لكن عندما يكون مزاجه ليس معتدلا أقول له صباح الخير يرد متجهما ( اهو صباح وخلاص )
اشتاق للباعة الجائلين وأصواتهم و عباراتهم المميزة بصوت ولحن لا يمكن نسيانه ، خضرة يا ملوخية ، الفول الحراتى والبطيخ و الجوافة و قصب نجع حمادى حيث كانت اللبشه بخمسة ابيض ( خمسة تعريفة او قرشين ونصف )وكان هناك رجلا يبيع خيش لمسح البلاط واغرب بائعين اتذكرهم لندرتهم بائع الجميز و مشترى زبل الحمام .
مازال صوت ام نبيل بائعة الجرائد يطن فى اذنى وهى تصرخ الاهرام و الاخبااااااار والتى كانت تنادى صديق العمر بإسمه يا ممدوووح !
. اشتاق لعم على الترزى جارنا الذى كان صديقى و اشتاق لعربات الرش التى كنا نجرى ورائها لتطرى علينا الجو صيفا ، و لمواكب الزهور التي كانت تسير في حافلات ضخمة علي كورنيش النيل مزينة بالزهور والورود ووسطها فتيات يرقصن ، كما اشتاق لمهرجان وفاء النيل حيث الأسطورة القديمة والقاء فتاة في مجري النهر ليرضى عنا ويفيض علينا بخيره ، اشتاق لعمال المطافئ الذين كانوا ياتون من وقت لاخر لتجربة حنفية المطافئ امام المنزل والتاكد انها تعمل بكفائة وكان يأتي عمال البلدية لمعاينة البلاعات فى الشوارع التى صممت بطريقة تجعل مياة الأمطار تتجمع فيها ونحن نغنى يا " نطرة " رخى رخى .
واحشانى خالص عليا النعمة يابلد

#وصفي هنري
ڤيينا ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤
٢١ مسرى ٦٢٦٥