الأربعاء 15 يناير 2025 02:09 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسين السمنودى يكتب : سد النهضة..صراع المياه بين إثيوبيا ومصر ومستقبل الأمن المائي

الكاتب الكبير حسين السمنودى
الكاتب الكبير حسين السمنودى

يُعد سد النهضة الإثيوبي واحدًا من أهم القضايا الجيوسياسية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في السنوات الأخيرة. يُعَدُّ هذا السد مصدرًا للصراع والتوتر بين إثيوبيا ومصر، حيث يتجسد في طياته صراع كبير حول حقوق المياه وأثرها على التنمية الاقتصادية والبيئة.

تمت الموافقة على إنشاء سد النهضة في عام 2011، وأطلق عليه اسم "سد النهضة" في إشارة إلى تحقيق التنمية والازدهار. لكن مصر، التي تعتمد بشكل كبير على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه، بدأت تشعر بالقلق من التأثيرات المحتملة لهذا السد على تدفق مياه النيل.

تاريخيًا، تمثل المياه في نهر النيل شريان حياة لمصر. نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه العذبة في البلاد، وأي تغيير كبير في كمية المياه المتدفقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الزراعة، والإمدادات الغذائية، والحياة اليومية للمصريين. وهذا ما جعل سد النهضة موضوعًا حساسًا في العلاقات بين الدول الثلاث المعنية: إثيوبيا، ومصر، والسودان.

منذ بدء بناء السد، نشأت سلسلة من النزاعات والجدل بين إثيوبيا ومصر، حيث اتهمت مصر إثيوبيا بأنها لم تأخذ في اعتبارها التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية للسد. تطالب مصر بأن يكون هناك اتفاق ملزم بشأن ملء السد وتشغيله، لضمان عدم تأثيره السلبي على حصتها من المياه.

في المقابل، ترى إثيوبيا أن السد هو مشروع حيوي لتنميتها الاقتصادية وتوفير الطاقة الكهربائية لاقتصادها النامي، والذي يعتمد بشكل كبير على توليد الطاقة من السدود. وتؤكد إثيوبيا أنها ملتزمة بمبدأ الاستخدام العادل لمياه النيل وأن السد سيحقق فوائد إقليمية تشمل تحسين مستويات المعيشة في المنطقة.

تنبئ التوترات حول سد النهضة بإمكانية حدوث صراعات أكبر حول المياه في المستقبل، حيث تُشير بعض الدراسات إلى أن التغيرات في تدفق المياه قد تؤدي إلى صراعات إقليمية. وتعتبر المياه موردًا حيويًا، وقد يكون هناك صراع حول توزيعها وكيفية إدارتها بين الدول التي تشترك في مصادر المياه المشتركة.

تسعى مصر إلى مواجهة هذا التهديد عبر مجموعة من الاستراتيجيات، مثل:

- **المفاوضات الدولية:** تحاول مصر إشراك المجتمع الدولي للضغط على إثيوبيا لتوقيع اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد.
- **التكنولوجيا والابتكار:** تركز مصر على تحسين كفاءة استخدام المياه وتطوير تقنيات جديدة في الري والحفاظ على المياه لتقليل الاعتماد على نهر النيل.
- **تطوير مصادر المياه البديلة:** تشمل استثمارات في مشاريع تحلية المياه وتوسيع مصادر المياه الجوفية، لتعزيز أمنها المائي.
- **التحالفات الإقليمية:** تسعى مصر لبناء تحالفات إقليمية مع دول أخرى متأثرة بنهر النيل لضمان دعمها في المفاوضات.

إن مسألة سد النهضة ليست مجرد قضية فنية أو اقتصادية، بل هي مسألة تتعلق بالأمن المائي والوجودي لمصر والمنطقة بأسرها. يتطلب الحل الشامل لهذا النزاع جهودًا مستمرة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك التعاون الدولي وضمان تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية.

حسين السمنودى مقالات حسين السمنودى سد النهضة صراع المياه بين إثيوبيا ومصر ومستقبل الأمن المائي