الكاتبة داليا مهنى تكتب مستقبل بلا إعاقة
الجارديان المصريةالدمج في التعليم يعني إدماج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم من غير ذوي الاحتياجات في الفصول الدراسية العادية، بهدف تحقيق المساواة في التعليم وتوفير بيئة تعليمية دامجة تسمح للجميع بالتعلم والتطور. ورغم أن مصر تبنَّت هذا النهج مؤخرًا في إطار جهودها لتحسين التعليم وتلبية المعايير الدولية لحقوق الإنسان، إلا أن عملية الدمج تواجه عدة مشكلات وتحديات تعوق تحقيق أهدافها بشكل كامل، ومن هذه المشكلات:
نقص الوعي لدى المعلمين: يُعد نقص الوعي بين المعلمين حول كيفية التعامل مع الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة أحد أبرز التحديات التي تواجه عملية الدمج. فالكثير من المعلمين في المدارس المصرية يفتقرون إلى التدريب المتخصص الذي يمكنهم من فهم احتياجات هذه الفئة وتقديم الدعم اللازم لهم. غياب هذا التدريب يجعل من الصعب على المعلمين تلبية الاحتياجات التعليمية والاجتماعية والنفسية للطلاب المدمجين.
ضعف البنية التحتية في المدارس: تواجه المدارس المصرية نقصًا في البنية التحتية المناسبة لدمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. فالكثير من المدارس لا تتوفر فيها مرافق ملائمة مثل المصاعد، أو الحمامات الخاصة، أو الفصول المجهزة بالأدوات التي تسهل الحركة والتنقل داخل المدرسة. هذا يؤدي إلى عدم تمكين هؤلاء الطلاب من المشاركة الكاملة في الحياة المدرسية.
المناهج الدراسية غير الملائمة: في كثير من الأحيان، تكون المناهج الدراسية غير ملائمة لاحتياجات الطلاب من أصحاب الهمم. تفتقر بعض المناهج إلى المرونة التي تمكن الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة من الفهم والاستيعاب بما يتناسب مع قدراتهم، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة في مواكبة هؤلاء الطلاب لمستوى زملائهم.
الوصمة الاجتماعية والتنمر: تعد الوصمة الاجتماعية والتنمر من أكثر المشكلات التي يعاني منها الطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة في بيئة المدرسة. لا تزال بعض المجتمعات تحمل أفكارًا تقليدية حول هؤلاء الأطفال، مما يعرضهم للتهميش من قبل زملائهم. التنمر الناتج عن الفهم الخاطئ أو عدم تقبل فكرة الاختلاف يمثل عقبة أمام تكوين علاقات اجتماعية صحية وتحصيل علمي مناسب.
عدم توفر الإمكانيات المادية: تتطلب عملية الدمج موارد مالية كبيرة لتوفير الدعم المتخصص مثل المعلمين المدربين، والأدوات التعليمية الخاصة، والبنية التحتية الملائمة. إلا أن العديد من المدارس في مصر تعاني من نقص في الإمكانيات المالية، مما يعرقل قدرتها على تلبية احتياجات الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل كامل.
وللتغلب على تلك العقبات، علينا القيام بالآتي:
التدريب المتخصص للمعلمين: يجب توفير برامج تدريبية مكثفة للمعلمين حول كيفية التعامل مع الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يضمن تزويدهم بالمهارات اللازمة لدعم هؤلاء الطلاب.
تحسين البنية التحتية: ينبغي أن تقوم الحكومة بتخصيص ميزانية لتطوير البنية التحتية في المدارس بما يلائم احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة.
تعديل المناهج الدراسية: يجب أن تكون المناهج الدراسية مرنة وقابلة للتكيف مع احتياجات الطلاب المختلفة لضمان استيعابهم للمحتوى التعليمي.
تعزيز التوعية المجتمعية: يجب تنظيم حملات توعية لتغيير النظرة المجتمعية تجاه الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والحد من التنمر.
توفير الدعم الأسري: تقديم الدعم النفسي والإرشادي للأسر لمساعدتهم في فهم كيفية دعم أبنائهم وتعزيز دورهم في عملية الدمج.
فمشكلة الدمج في المدارس المصرية قضية معقدة تتطلب تعاونًا مشتركًا بين الحكومة والأسر والمجتمع ككل حتى نتمكن من رسم مستقبل بلا إعاقة لأبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، فنحوّلهم من ذوي احتياجات خاصة إلى أصحاب قدرات خارقة، ولن يتم ذلك إلا بتوفير الاحتياجات الخاصة التي يريدونها.