الإثنين 30 ديسمبر 2024 06:01 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتور رضا محمد طه يكتب : الخروج من الجسد فترة تجعلك أكثر حبا للآخرين

دكتور رضا محمد طه
دكتور رضا محمد طه

ولد من جديد أو كتب له عمرا جديدا.... إلخ من المقولات التي يرددها الناس لمن يتعرضون للصدمات أو غيرها مما يذهب بالشعور بالحياة فترة مؤقتة طويلة كانت أم قصيرة، كثيرا من هؤلاء بعدما يعودون للحياة بصورة طبيعية يتركون إرث من الأحقاد والبغض أو الكراهية التي كانوا يحملونها للبعض، وكما لو أن قلوبهم بيضاء علي الفطرة السليمة التي خلقها الله عليها ويرون الآخرين بعين الحب والرضا والخير وقلوبهم تفيض بالمحبة والمودة والحنان.

محاولة الخروج من الجسد تشبه تجارب الإقتراب من الموت ، وقد يكون لها تأثير إيجابي حيث تزيد من قدرة الناس للتعاطف والتواصل مع الآخرين ، والذي يعتبر جانب أساسي من التفاعل البشري بحيث يسمح للأفراد التواصل بشكل عميق مع الآخرين من أجل تعزيز الثقة والتفاهم بينهم ، وهذا ما تناولته دراسة جديدة أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة فيرجينيا ، حيث سلطت الضوء وكشفت عن أسرار العلاقة المعقدة بين حالات الوعي المتغيرة وتزايد التعاطف مع الآخرين في ظل جمود المشاعر والجفاء والانعزالية والإنكفاء علي الذات والوقت المتصدع والعصر المتضارب في العالم. أوضح الباحثون انه من خلال تحلل الأنا المرتبط بتجربة الخروج من الجسد بمعني فقدان الشعور بالذات وخضوع الأشخاص لتجارب الخروج من الجسد مما قد يزيد من الدرامية في التعاطف لدى الأشخاص، هذه الحالة تسمي "موت الأنا " أو فقدان الأنا والتي قد تحدث نتيجة لتجارب الإقتراب من الموت أو بتأثير العقاقير المهلوسة واخري ، هؤلاء الأشخاص يشعرون بتغيير جذري في وجهة نظرهم عن العالم ومكانتهم فيه .

يؤدي الإنفصال عن العالم إلي الشعور بالترابط مع كل أشكال الحياة فضلا عن ارتباط عاطفي أعمق مع الآخرين ، تلك التغيرات يمكن لها أن تستمر إلي ما بعد التجربة مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل تصور الفرد إيجابيا عن علاقاته مع الآخرين في صورة انسجام تام مع مجتمعه ، من ثم يري الباحثون أنه يمكن ترجمة هذه المشاعر بالترابط المتسامي عن طريق تنميتها والاهتمام بها إلي سلوكيات اجتماعية مليئة بالتفاهم والتعاطف والصبر بما يخدم أمن وسلام المجتمع.

في سياق ما سبق وفي أحد المؤلفات عن الثبات الإنفعالي وتغير المشاعر، موقف حدث لسيدة من الولايات المتحدة الأمريكية تحكي فيه عن تعرض زوجها لحادث مروري وتركزت الصدمة في رأسه ودخل علي إثرها الرعاية المركزة ، وبعد أيام من العلاج وتعافي الزوج لاحظت الزوجة تغيير كبير في سلوك زوجها ماىة وثمانين درجة نحوها والابناء فأصبح طيباً وعطوفا وحنون علي أهله والاخرين بعكس ما كان عليه في السابق من معاقرته الخمر والضرب والإهانة التي كانت تعانيها والاولاد والجيران منه قبل الحادث، ومن دهشتها أو بالأحرى سعادتها فإن لسان حالها يردد قول الشاعر العربي: قد ينعم الله بالبلوي ولو عظمت.....ويبتلي بعض القوم بالنعم.