حسين السمنودى يكتب : ” إسرائيل وإيران: لعبة القط والفأر على حساب العالم العربي”
الجارديان المصريةفي أحدث جولات الصراع بين إسرائيل وإيران، تبادل الطرفان ليلة أمس ضربات صاروخية أدت إلى تصعيد جديد في الشرق الأوسط، في مشهد بات أقرب إلى لعبة القط والفأر، حيث كل طرف يوجه ضربات محسوبة للآخر، بينما يبقى العالم العربي هو المتضرر الحقيقي من هذا النزاع المستمر. وفي ظل التصعيد المتكرر، يبدو أن هذه "المواجهة العلنية" تتركز حول تحقيق مصالح جيوسياسية للطرفين، في وقت تتخذ فيه التصريحات العلنية من القضايا الإقليمية مبرراً، بينما يبقى الهدف الأكبر هو إعادة ترتيب النفوذ والسيطرة في المنطقة.
الصراع: لعبة تكتيكية بأبعاد مختلفة
إسرائيل وإيران، ورغم التهديدات المتبادلة، حافظتا طويلاً على طبيعة "الصراع المحدود"، حيث تتجنبان الدخول في حرب شاملة مع بعضهما، في نفس الوقت الذي تستعرضان فيه قدراتهما العسكرية. هذا الصراع الذي يشبه لعبة "القط والفأر" يخدم في الواقع مصالح كلا الطرفين؛ إذ تستغل إيران الموقف لتعزيز موقعها كقوة مقاومة ضد إسرائيل، بينما تروج إسرائيل لنفسها كحامية للغرب ومصالحه في وجه التمدد الإيراني، لكن المستفيد الأكبر يبقى الطرفان على حساب استقرار العالم العربي.
التصعيد الأخير: ضربات محسوبة في توقيت مدروس
ضربات ليلة أمس تأتي بعد سلسلة من التحذيرات المتبادلة، حيث استهدفت إيران مواقع عسكرية إسرائيلية في الشمال، ردت عليها إسرائيل سريعاً بهجمات جوية استهدفت مواقع إيرانية في سوريا. ومع تزايد حدة هذه العمليات، يروج كل طرف لروايته الخاصة عن الأحداث، لكن كل المؤشرات تؤكد أن الهدف الأساسي لهذه الضربات ليس استهداف الآخر فقط، بل ترسيخ صورة العداء، واستغلالها لتعزيز النفوذ على حساب المنطقة العربية.
دور العالم العربي: المتضرر الأكبر
إن العالم العربي يقف كمتفرج متضرر في هذه اللعبة، إذ تدور معظم العمليات العسكرية وتدفقات الأسلحة في دول عربية، كما هو الحال في سوريا والعراق ولبنان، حيث تتعرض السيادة الوطنية للتآكل لصالح النفوذ الإيراني والإسرائيلي. وفي كل مرة تتصاعد فيها الضربات بين إسرائيل وإيران، تتحول هذه الدول العربية إلى ساحة حرب بالوكالة، حيث يتم استغلال أوضاعها غير المستقرة لتحقيق مصالح خارجية، وسط تجاهل مطلق لمعاناة الشعوب العربية.
استغلال الصراع لتعزيز السيطرة والنفوذ
يتجلى هدف الطرفين الحقيقي في محاولتهما تعزيز السيطرة الإقليمية. فإيران تبرر تدخلاتها بأنها جزء من "دعم المقاومة" ضد إسرائيل، بينما تبرر إسرائيل عملياتها العسكرية بدعوى "الردع والدفاع عن النفس"، لكن الحقيقة أن الطرفين يتلاعبان بالمنطقة ويحاولان الهيمنة على مقدراتها. ولا تزال هذه اللعبة المستمرة تجري وسط تجاهل لمعاناة العالم العربي، الذي يدفع تكلفة هذه التوترات الإقليمية من استقراره وتقدمه.
وختاما لذلك فإن ما يحدث بين إسرائيل وإيران، من مواجهات عسكرية وتهديدات سياسية، ليس سوى تبادل أدوار في لعبة محسوبة، تروج فيها كل دولة نفسها كقوة تحمي المنطقة وتواجه الآخر، بينما يبقى الهدف الأكبر إعادة تشكيل خريطة النفوذ على حساب دول عربية. وفي النهاية، يبقى العالم العربي هو المتأثر الأكبر من هذه اللعبة، التي، وإن بدت تنافساً بين خصمين، إلا أنها تتخذ من أرضه مسرحاً لها، وتتركه وحده يدفع فاتورة الصراع.