الخميس 26 ديسمبر 2024 05:37 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. ريهام نبيل حفناوي تكتب : الحقد آفة القلوب

د. ريهام نبيل حفناوي
د. ريهام نبيل حفناوي

منذ بداية الخلق والحقد آفة القلوب ... قرار وجزاء ... نبته خبيثة لشجرة شيطانية ... ما تجد لها موطنا إلا في القلوب العصية ... الكافرة بعدل الله ويقينه ... الحقد خُلق من الكفر بمراد الله... العَالم بكل الخفايا ... منذ أن رفض إبليس السجود لآدم عليه السلام بدافع الحقد والكبر ... فكان قرار إبليس جزاء لقلبه العاصي بأقدار الله له ولغيره ... نال عنه ما يلق به من سوء العاقبة ... وطُرد من رحمة الله: "فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ" ... بأس العقاب!

ومنذ أن اقترف إبليس الحقد ناله طعاما لقلبه يغذي به كل مريديه ... يوسوس لهم بأن يتبعوا نهجه ولا أعلم إلى الآن ما المقابل؟! فالحاقد لا يجني إلا ثمرة ما زرع ... فالحقد يحطم القلوب وأولها قلبه ... نار يبتلعها في جوفه فتحرق كل ما به وهو لا يقوى حتى على الاستغاثة ... بمن يستغيث وهو من طرد من رحمة الله فطرد الله محبته من كل القلوب!

عندما أَمْعَنَ النظر في التفكير والتدبير في قصص الأسلاف ... أجد أن أول جريمة في حياة الإنسانية كانت من جرّاءِ وسوسة إبليس بالحقد في نفس الأخ لأخيه حتى يقتله ... ويكتسب إبليس فردا آخر لقبيلته ... سجينا خلف أسوار المعصية .... مطرودا آخر من رحمة الله ... ويبدوا أن إبليس يشعر بلذة النصر الكاذب كلما أكتسب ضحية جديدة من الأشرار المغضوب عليهم ... وبالسلاح نفسه اقتلع إبليس الرحمة من قلوب أخوة يوسف حيث دفعهم حقدهم عليه إلى محاولة قتله وإلقائه في البئر. فنالوا جزاء القرار وتجرعوا العقاب ... وقدّر الله ليوسف النصر والتمكين في مصر، ليعود الأخوة بعد أن اعترفوا بالذنب وفلتوا من الأسر ليطلبوا العفو ويمتثلوا لرحمة الله.

وحتى يومنا هذا ومازال إبليس لا يكف عن اقتلاع قلوب الحاقدين وصبغها بكل قبيح خبيث ليصبحوا أسري ... عبيدا له في موطنه ... فاقدين للهوية الإنسانية ... معذبين بافتقاد الأمان والسلام ... منبوذين في الحياة ... لا طريق لهم آخره جنات ... هم المطرودون من رحمة الله.

أما أصحاب القلوب السليمة رحماء بينهم ... تارَة يتغافلون وتارة يتسامحون... طاعة لأوامر الله ... ابتغاء رحمته ... ورجاء لمحبته ... على الرغْم من أثار التدمير التي يتركها الحاقد في كل أرض يخطوها ... إلا أنهم يقابلون السيئة بالحسنة والكراهية بالمحبة ... حتى لو طفح الكيل ... وانتهت كل حلول الأرض ويئس الإنسان في الإصلاح فيعفو ... ويترك الحاقد لعقاب الله الجبار ... وكفى.