الخميس 26 ديسمبر 2024 11:44 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

تطابق مفهوم القصة القصيرة عند أنطون تشيخوف وجودت هوشيار ود.كمال يونس

د كمال يونس
د كمال يونس


الإيجاز صنو الموهبة
جودت هوشيار( الكاتب العراقي)
قال أنطون تشيخوف – وهو من دون أدنى شك أفضل من كتب القصة القصيرة في الأدبين الروسي والعالمي - إن " الإيجاز صنو الموهبة " .
الكتابة المسهبة ليست صعبة،ولكن الكتابة بإيجاز تتطلب جهداً استثنائياً ،وتظهر جميع مزاياها وعيوبها على الفور ، فهي تشبه مقطعا عرضيا عاما من طبقة قدرتك على العمل بالكلمة ، ورؤيتك للعالم ، وقدرتك على الحفاظ على إنتباه القارئ ، ونقل فكرتك إليه ، منظمة ، مبنية على أسس منطقية ، ومثيرة للاهتمام ليس فقط لك وحدك.
حتى لو كنت مصمما على أن تصبح كاتبا روائيا ، فمن الضروري أن تجرب نفسك في هذا النوع من القصة القصيرة ، فهي ماكرة ومتقلبة وتتطلب من المؤلف بذل قصارى جهده .
ليس سرا أن العديد من المؤلفين المشهورين يعترفون صراحة بأن إنشاء قصة فصيرة جيدة وكاملة من حيث المعنى والمبنى يتطلب أحيانًا طاقة أكبرمن تأليف رواية طويلة .
ومن المفارقات المثيرة للدهشة في الأدب العربي ، ان العديد من المبتدئين في الأدب السردي ، يبدأون حياتهم الأدبية بكتابة رواية طويلة فضفاضة ، بأدوات تقنية بائسة ومملة ، وتفتقر إلى البناء الفني المتماسك ، والأسلوب الجاذب الشائق .
د.كمال يونس
د.كمال يونس(فن القصة القصيرة ..خلاصة رؤيتي)
القصة القصيرة فن نثري ، كاشف عن صدق موهبة ،وتمكن مبدعيها من صياغتها ، سردية نثرية أدبية لها مبدعوها وقراؤها، لما تتميز به من من حكاية مكثفة(السرد)، مضغوطة(الأحداث)، مطوعة(التعبير)، متوافقة (إيقاع العصر ) ، بليغة اللغة مركزة (ماقل ودل ،موظفة الكلمات في جمل فصيحة سهلة ، توصل المعاني في يسر دون صدام أو تعال أو استغراق في تغريب وتجهيل القراء على اختلاف ذائقتهم اللغوية والفكرية) ، لها نفس أسس ودعائم الرواية بداية ،عقدة ،حل ،في حبكة متقنة دقيقة يصدقها ويتفاعل معها القاريء، تحوى فنونا تعبيرية رمزية مميزة تستقطب القاريء ،جاذبة إياه ،لايحمل هم زمن قراءتها ، يقف متوترا ،متشوقا ليتابع قراءتها ، وصولا لنهايتها ، متغلغلة داخل فكره ،تثير تفكيره ،لاتغادره بعد الانتهاء من القراءة ، ليست وعظية مباشرة،على الرغم من عرضها لدقائق خلل إنساني ومجتمعي ،بل محفزة فكرية ،تفكرية ،تحترم عقله ،تستحثه على إيجاد الحل بعد أن وقف على العقدة محددا إياها بدقة ،ولن يتسنى هذا إلا حين يكون كاتبها موهوبا ، يجيد رسم أبعادها ،صوت، صورة، حركة، ضوء،مجسما إياها بقوة ،ما إن تقرأ حتى تتجسد كالرؤيا بإشاراتها (رمزيتها)ودلالتها في مخيلته، إذن سر جمالها تلك المحصلة الإيحابية من مخاطبة عقل ووجدان القاريء،منشطة لملكاته الفكرية والروحية والوجدانية ، تستحثه على كشف رموزها ، تجعله في حالة من التأمل و التدبر والتفكر.