السبت 21 ديسمبر 2024 01:57 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وصفى هنرى يكتب من فيينا: فى البدء كانت وااء

 الكاتب الكبير وصفى هنرى
الكاتب الكبير وصفى هنرى

فى مثل ذلك اليوم فجر الثامن عشر من ديسمبر عام 1986 وأنا فى الفراش أغط فى نوم عميق إستيقظت على صوت انين خافت وتربيت خفيف على كتفى وقبلة على خدى وصوت سوزى حين قالت إصحى يبدو أننى سألد الآن .. كانت الساعة عشر دقائق بعد منتصف الليل , قمت مسرعا وأخذت دشا سريعا ولبست ملابسى على عجل لكننى لم انسى التأكيد على ربطة الكرافتة وتلميع الحذاء .. .. إتجهنا ناحية سيارتى , الجو شديد البرودة و العربة مغطاة بالثلوج , لم اهتم إلا بتنظيف الزجاج الأمامى والخلفى وفتحت باب السيارة لسوزى وانطلقنا الى مستشفى الولادة وهى تئن انينا خافتا متقطعا وتسائلت فى نفسى .. لماذا لا ترقع بالصوت الحيانى كما تفعل نساءنا .
كنا قد أتفقنا سوزى وأنا ألا نسأل الطبيبة التى كانت تتابعها عن جنس المولود ولذلك قد أعددنا قائمتىن احداهما بنات تتصدرها نادية ونورا والأخرى بنين يتصدرها اسم دانييل و رينيه وفلوريان .
استقبلنا فى المستشفى طبيب التوليد وممرضة متخصصة فى الولادة واصطحبوا سوزى الى غرفة الولادة وانتظرت انا خارجا مرددا كما فى فيلم شارع الحب ولد يارب بنت يا رب , بعد عشر دقائق اتى الطبيب الى مبتسما تخيلت انه اتى بالبشرى لكنه بادر بسؤالى ان كنت اريد مرافقة زوجتى وحضور الولادة , هذا الأمر الذى لم يكن فى مخيلتى أبدا لأننى لا استطيع مشاهدة هكذا مناظر لكننى اجبته بلا تردد طبعا فأحضر لى معطفا أبيض وحذاء بلاستيك أخضر وكمامة بيضاء ثم دخلت معه غرفة الولادة حيث سوزى مستلقية على ظهرها والممرضة تقف امامها وتتفحص الأمر وهى تعطيها التعليمات بأن تتضغط مع أخذ شهيق عميق وزفير يخرج شبه انات طويلة وأنا ممسكا بيدها اليسرى و اجفف عرقها من حين لآخر , كان قلبى يتمزق مع كل زفبر وكل أنة خافتة منها وهى تضغط على يدى كأنها تشجعنى على الثبات , مرت حوالى سبع ساعات وهى على هذا الحال مابين شهيق وزفير وأنين خافت وبدأت قواى تضعف من التعب ومن ألأسى وأنا أرى قسمات وجهها التى كانت تنطق ألما , حوالى التاسعة صباحا جاء الطبيب وأخبرنى ان هناك صعوبة فى اخراج المولود رغم انه يرى رأسه وربما تطول الولادة بعض الشئ لأنه يحاول عدم اجراء جراحة قيصرية ونصحنى بالذهاب للمنزل وهم سيخبروننى حال اتمام الولادة , ذهبت للمنزل ونمت حوالى ثلاث ساعات وانتظرت جانب الهاتف ثم قمت انا بالإتصال فاخبروننى ان المولود لم يات بعد , ذهبت للمستشفى فى الرابعة بعد الظهر وارتديت معطف ابيض مخطط من المستشفى وبدأت فى إستكمال مهامى ممسكا يدها واجفف عرقها وهى على هذه الحال بين شهييييييييق وزفييييير و الممرضة طوال الوقت تشجعها طوال الوقت , انا وأن بديت متماسكا كاد قلبى ينفطر على هذه المسكينة التى بدأ نبضها يخفت وهى تتأوه وتئن , مضى الوقت طوييييلا 24 ساعة كاملة مضت على هذا الحال حتى الواحدة بعد منتصف الليل فى اليوم التالى وفجأة ضغطت الممرضة " الداية " على جرس فأتى الطبيب مسرعا وأخذا سويا فى العمل حوالى ساعة اخرى على إخراج الجنين حتى علا صوته وااااااء واااااء
بعد قص الحبل السرى تم وضعه على ميزان وسجله 3330 جرام وولد فى تمام الساعة الواحدة واربعين دقيقة فى يوم 18 ديسمبر 1986 , تم لفه ثم أعطانى الطبيب البيبى والتقط لنا صورة وهو يسألنى عن أسمه فأجبت بلا تردد " دانييل "
الآن دانييل له أسرة جميلة مع شريكة حياته يونا وأصبحت جدا لولدين رائعين يوناس عامين وخمس اشهر وبيناس خمسة أشهر
كل سنة وانت طيب دانييل ... Happy birthday Daniel

وصفى هنرى
ڤيينا ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٤
١١ كيهك ٦٢٦٦