أحمد بلخيري الناقد والباحث المسرحي المغربي يكتب عن : أسطورة شجرة البان

عرض افتتاح الدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح، دورة مدينة مسقط بسلطنة عمان، قدمت هذه المسرحية فرقة مزون من سلطنة عمان. الإعداد الدراماتورجي كان عن رواية "موشكا" للكاتب العماني محمد الشحري، وهي من إخراج يوسف البلوشي. للمعد الدراماتورجي والمخرج المسرحي تاريخ حافل بالإبداع، كل في المجال الذي يشتغل فيه.
"موشكا" شخصية محورية في العرض المسرحي. كان بداية المسرحية ببرولوغ اتسم ببعده البصري، ومنه أيقونة الشجرة، ارتباطا بالعنوان "أسطورة شجرة اللبان"، هاته الشجرة كانت أحيانا كثيرة حمراء وحينا آخر، في نهاية العرض المسرحي، كانت خضراء. اللونان معا هما جزء من اللغة المسرحية تبعا لتطور الأحداث المسرحية. أحداث جسد فيها الصراع عالمان مختلفان عالم الإنس وعالم غير إنسي من علاماته وجود القرنين.
كان مجال اللعب المسرحي على الخشبة المسرحية مقسما الى قسمين رئيسيين. في مقدمة الخشبة كان تجسيد الصراع المسرحي الأساسي في المسرحية. يمكن تتبع جوهر الصراع المسرحي من خلال كل الحركات الجسدية المسرحية لشخصية "موشكا"، ذلك أن كل حركة جسدية لهذه الشخصية، وكذلك الشأن بالنسبة لكل الشخصيات المسرحية الأخرى الرئيسية وغير الرئيسية التي لا يكتمل الصراع المسرحي إلا بوجودها، هي جزء مما يمكن تسميته بالجملة المسرحية، وهي غير الجملة اللفظية. والعرض المسرحي، عموما، هو سلسلة من الجمل المسرحية المكونة لنص العرض المسرحي.
كان للكوريغرافيا، ولغة الجسد من لباس وحركة، ولغة الإضاءة المسرحية المتنوعة تبعا لتطور الأحداث المسرحية وللرسالة المسرحية المتوخاة، والأداء المسرحي الذي يمكن وصفه بالمتقن، والانسجام الحاصل بينها كلها، كان لكل ذلك الدور الأساس في تميز هذا العرض المسرحية. ويبدو جليا من خلال العرض المسرحي أنه كانت هناك تداريب متعددة، مع ما يصاحب ذلك من تصويبات وتعديلات وتوجيهات، لضبط الحركة والتموقع على الركح.
لخص "العراف"، بعكازه وسنه المتقدم، في بداية العرض المسرحي مضمون الصراع المسرحي بلغة لفظية، كانت فيها الاستعارة، مصاحبة للعلامات الأخرى لهذه الشخصية ومنها العكاز.
واذا جازت استعارة مفهومي "البنية السطحية" و"البنية العميقة" فإنه يمكن القول إن هذا العرض المسرحي يمكن الانتقال أثناء تحليله من "البنية السطحية" إلى "البنية العميقة" عن طريق التأويل (الهرمينوطيقا). ما يساعد على الانتقال من البنية السطحية إلى البنية العميقة هو ملفوظات نطقتها "موشكا" تتعلق بالفقراء.
بصفة عامة، لقد كان العرض المسرحي متميزا بلغاته المسرحية المتعددة والمنسجمة لهذا تابعه الجمهور المسرحي، وهو نوعي، بشغف. عرض مسرحي احتفى بالتراث المحلي ومنه أسطورة "موشكا" التي كانت فيها ثنائية الخير والشر. وقد كان للحب للحب دور أساسي في تطور الصراع المسرحي.
هذه انطباعات أولية بعد مشاهدتي للعرض المسرحي. أتمنى للفرقة المسرحية المزيد من الإبداع والتألق.