عصام أبوبكر يكتب : بايدن والدولة الفلسطينية وحديث الأيس كريم
الجارديان المصريةأيام قليله تفصلنا عن انتهاء عهد بايدن في البيت الأبيض وقد شهدت فترته 7 اكتوبر وما حدث بعده من حرب غزه وهي أسوء الاحداث التي مرت علي فلسطين منذ نكبة 48 وعلي الرغم من أن بايدن كان مؤيدا كبيرا لإسرائيل وما قدمه من خدمات جليه لأسرائيل لا تخفي علي أحد خاصة بعد حرب غزه، إلا أن حالته الصحيه حالت دون قدرته علي مواصلة فترته الرئاسيه الثانيه في حال فوزه في الانتخابات الرئاسيه والتي أصبحت محل شك كثير من المراقبين واعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الديمقراطيين، الذين طالبوه أكثر من مره بالإنسحاب خاصة بعد ظهوره الباهت في المناظره الاخيره بينه وبين ترامب
وقد بدا جليا أنه في حاله يرثي لها وخرج إنطباع لدي الكثيرين بأنه غير قادر علي مواصلة مشواره السياسي ،والانطباعات في السياسه كالحقائق حتي أن الصحفي الأمريكي الأشهر توماس فريدمان والمقرب من دوائر صنع القرار ،كتب مقالا بعد المناظره أشفق فيه علي بايدن وقال فيه ” المناظره أبكتني وعلي بايدن حفظ كرامته والانسحاب” وقد رضخ بايدن أخيرا للضغوطات التي مورست علية وأعلن أنسحابة متأخرا من سباق الانتخابات الأمريكية مما قلل فرص فوز كامالا هاريس التي دخلت السباق متأخرا
وقد تذكرت حديث الرئيس الأمريكي بايدن الهلامي في بداية أحداث حرب غزة وهو يتحدث عن الدوله الفلسطينيه وهو يتناول الأيس كريم وشعرت وقتها أنها رسالة مبطنه للعرب مفادها أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية أو هكذا ستكون الدوله الفلسطينيه تذوب في إسرائيل كما يذوب الأيس كريم في فم الرئيس الأمريكي بايدن وهو يتحدث عنها وهو الحديث القديم الجديد الذي يستدعيه أي رئيس أمريكي عند أي عمليه عسكريه تقوم بها امريكا او إسرائيل ضد الفلسطينين لتخدير العرب فهو حديث يذوب مع الوقت مثل الأيس كريم الذي يذوب في فمه عند تناوله وهي رساله بعدم الجدية عن وجود دولة فلسطينيه فالحقيقة لن تكون هناك دولة فلسطينية
وقد تبنى الكنيست الإسرائيلي بعدها قرارا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس. وأيد القرار 68 عضوا منهم زعيم حزب "الوحدة الوطنية" الإسرائيلي بيني غانتس ونواب حزبه، بينما عارضه 9 نواب فقط ،والناظر الي حجم المساعدات الامريكيه التي تقدم لإسرائيل علي مدار تاريخها والذي تجاوز ال 300 مليار دولار أغلبها مساعدات عسكريه وارسالها اكثر من 10 الاف طن من الاسلحه الي اسرائيل منذ 7 اكتوبر كان آخرها مساعدات عسكرية بقيمة 26 مليار دولار فضلا عن مذكرات تفاهم تتجاوز ال 33 مليار دولار في الوقت الذي تحظر فيه إرسال أي أموال إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين وصدر قرار من الكنيست بحظرها داخل إسرائيل يعلم أن حديث بايدن عن الدوله الفلسطينيه كان حديث غير جدي
وقد تعد محاولة السلطه الفلسطينية الحديث عن دوله فلسطينيه والتوجه الي مجلس الأمن وهي تعرف تماما أن الفيتو الأمريكي في انتظارها هي محاول عبثيه لا جدوي منها ولا طائل من ورائها وحتي لو أعترفت كل دول العالم بالدوله الفلسطينيه ولم توافق عليها أمريكا فلن تكون هناك دوله فلسطينية ،وحتي الدول التي أقرت أنها ستعترف بفلسطين لم تحدد مكانها وحدودها وشكلها وعلي أي اساس ستقوم ..؟ وهل هي داخل فلسطين أم خارجها وما هي ملامحها أسئله كثيره تحتاج الي إجابات فالواقع أن هذه الدول تعترف بدولة فلسطينية هلاميه غير معروفة الملامح ولا وجود لها
لكن علي أرض الواقع لا يوجد ما يؤشر إلي قيام دوله فلسطينيه بل العكس صحيح كل المؤشرات تدل علي إنتهاء الدوله الفلسطينيه فبالنسبه للضفة الغربية عادت إلي مرحلة ما قبل أوسلو ولم يسمح باستخدام المناطق الفلسطينيه أو فلسطين وإنما هي تجمعات سكانية ناطقه بالعربيه داخل الضفه علي شاكلة عرب ٤٨ أو عرب القدس كما بدأ يظهر بقوه مصطلح "يهودا والسامره "بديلا عن الضفه الغربيه والتي قدم عضو في الكونجرس الأمريكي قانونا للكونجرس لتغيير مسمي الضفة الي " يهودا والسامره" أما بالنسبه لغزه فقد إنتهت بعد 7 أكتوبر بعد أن تم تدميرها بالكامل وكان هذا هو الهدف الحقيقي من الحرب علي غزه والغزيون مألهم إما الي التهجير القسري او الطوعي أذن عن أي دوله يتحدثون!!؟
فالواقع يقول أن القضيه الفلسطينيه إنتهت مقابل إمتيازات إقتصاديه ولن يكون للفلسطينين دوله داخل فلسطين ، فاسرائيل التي لا تري نفسها جزءا من القانون الدولي وبالتالي لا يسري عليها كما أنها لا تعترف بقرارات مجلس الأمن ولا تنفذها وينظرون الي أنفسهم باعتبارهم شعب الله المختار لن يسمحوا بإقامة دوله فلسطينيه علي حدودها وقد صرح بذلك كثير من قادتها وأخرهم نتنياهو الذي قال
" إن إقامة دوله فلسطينيه يعني القضاء علي إسرائيل"
ولا أدل علي ذلك من أن الحكومه الفلسطينيه الجديده بقيادة الدكتور محمد مصطفي وهو أستاذ اقتصاد فلسطيني أمريكي من المتوقع أن تكون إداره مدنيه فلسطينيه خدماتيه إقتصاديه وليست سلطه فلسطينيه لها سياده وإنما سيكون دورها خدمي فقط ويقتصر علي تقديم خدمات للسكان الفلسطينيين كما ستكون إداره إقتصاديه دورها رفع المستوي الاقتصادي للمواطن الفلسطيني وإدارة السكان الفلسطينيين بشكل اقوي لكن دون أي سلطات سياسية فهي إدارة خدميه اقتصاديه فقط دون سياده علي الأرض
ان أسوء قرارين تم إتخاذهم نيابة عن الشعب الفلسطيني عن طريق فصائل إما منتفعه أو غير واعيه ساعدوا للأسف في تصفية القضيه الفلسطينيه عن جداره وإنهاء حلم الشعب الفلسطيني بإقامة الدوله الفلسطينية هما إتفاق أوسلو والذي كان خطأ ياسر عرفات والذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا لهذا الاتفاق من حصار وفساد وجدار ومفاوضات إستمرت لمدة ٣٠ عاما دون تحقيق أي نتيجه تذكر وإنقسام داخلي بين حركة فتح وحماس
والثاني وهو قرار 7 اكتوبر الذي قامت به حماس التي ابتلعت الطعم والذي قضت به علي غزه بالكامل فنتنياهو هو من دعم حماس وقواها وكان يسمح كل شهر بدخول ٣٠ مليون دولار من قطر الي حماس عبر جهاز الشاباك الاسرائيلي صحيح أن السنوار والعارورى من جهزا لسيناريو 7 اكتوبر بدعم إيراني لكن أغمضت الاستخبارات الإسرائيلية "الشاباك والموساد" أعينهم عن السيناريو بل بالعكس سهلوا عملية دخول عناصر حماس إلي غلاف غزه وشاركوا عناصرهم في ذلك للحصول علي المبرر لأعلان الحرب علي غزه بهدف القضاء علي حماس
لكن الهدف الحقيقي هو تدمير غزه بالكامل وتهجير سكانها خارج غزة والتي كان بها أكبر كثافه سكانيه فلسطينية 2،4 مليون نسمه والتي كانت تؤرق إسرائيل لدرجة أن إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق قال مقولته الشهيره " أتمني أن أستيقظ من النوم وأجد غزه قد إبتلعها البحر" وتصفية القضيه الفلسطينيه نهائيا وبالتالي لا حديث عن أي دوله فلسطينينه مستقبلا لأنة ببساطه لا دوله بدون شعب