الدكتور القس جرجس عوض يكتب : يوحنا المعمدان امام لجنة تقصي الحقائق
الجارديان المصريةظهر يوحنا المعمدان وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ ٢قَائِلًا لليهود: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.
ظهر وهو يعمد اليهود عند نهر الأردن ولكن كثرة اعداد المقبلين علي المعمودية اربك المؤسسة الدينية اليهودية ومن هنا تم عقد اجتماع عاجل لمجمع السنهددريم وهو مكون من ٧٠ شخصا وانتهي بإرسال لجنة لتقصي الحقائق عن يوحنا المعمدان لكونه يسبب خطر علي المؤسسة الدينية للأسباب الاتية :
1ـ أنه يعمد بدون إذن السنهدريم، ولم يكلف من احد بالقيام بتلك المهمة فكأنه سحب منهم سلطانهم ومهمتهم
2ـ هو يعمد يهود لا يحتاجون الي معمودية وهذه أهانة في حق اليهود حيث انهم اولاد ابراهيم فهم لا يحتاجون الي معمودية او توبه
3ـ المعمودية او الاغتسال تجوز للأمم في حالة انضمامهم لليهودية، وهذا لا يحدث الا اذا وافق مجمع السنهدريم وعلية يكلف كهنة متخصصين للقيام بذلك فكيف يعمد المعمدان الشعب المقدس
4ـ المسيح او النبي او ايليا فقط هو وحده من يقوم بذلك إذا أراد ذلك لانه اتي من الله .
وبناء عليه تم انتخاب لجنة من رجال الدين اليهودي مكونة من كهنة ولاويين
الكهنة: هم من يقومون بتقديم الذبائح والقرابين وخدمة الهيكل في العبادة
والاويين: هم من يقومون بالتسبيح والترنيم وبناء عليه، ذهبت اللجنة لتأدية مهمتها الي يوحنا المعمدان حيث انه متواجد عند نهر الأردن وحينما وجدوه وجّهت اللجنة له هذه الاسئلة
السؤال الأول: «مَنْ أَنْتَ؟» فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: «إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ»(يو ١: ١٩)
تلك هي كلمات قانونية يسجلها الوحي يوحنا: اعتراف - ولم ينكر - واقر/ بانه ليس المسيح
١-اعتراف بانه ليس المسيح بل ان المسيح في وسطكم يحيا معكم يأكل ويشرب ويعيش دون ان تشعروا به، والخوف بل كل الخوف، ان يخرج من وسطكم دون ان تشعروا به أيضا، وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. (مت ٣: ١٠) وهذا الفكر مغاير تماما للفكر اليهودي، فهم الامة المختارة أصحاب الفردوس والنعيم، كيف يجرئ يوحنا المعمدان ان يقول لهم توبوا !
السؤال الثاني : «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا» توجد عقيدة راسخة عند اليهود ان إيليا النبي الذي صعد الي السماء دون ان يري الموت، سوف يعود قبل مجئ المسيح وكان يوحنا المعمدان يلبس لبس إيليا ويعيش مثل إيليا ويتكلم بالحق مثل إيليا وفي سفر ملاخي وهو اخر نبوة في العهد القديم قد أنهى نبوته بنبوتين، واحدة عن مجيء يوحنا المعمدان وذلك قبل مجئ المسيح الأول في ملا 3: 1 والنبوة الثانية عن مجئ إيليا قبل مجيئ المسيح الثاني ملا 5:4ا . حيث لم يكن لليهود علم بأن المسيح سيأتي مرتين، مرة للفداء والاخري للدينونة
ومن هنا نفي يوحنا بانه إيليا ولكن كان بروح إيليا كما تكلم الملاك جبرائيل مع ابوه زكريا قبل ميلاده 17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». لو 1: 17
السؤال الثالث: «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ يوحنا المعمدان : «لاَ».
لم يكن لبعض اليهود العلم او المعرفة بان المسيح، و"النبي" هما نفس الشخصية. وهذا المفهوم آت مما قاله موسى النبي للشعب في خطابه الأخير: "يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ" (تثنية 18: 15). أما قسم آخر من اليهود القريبين من الله، مثل الأسينيين؛ عرفوا أن المسيح هو النبي الذي تكلم عنه موسى. وهناك دليل من كتاباتهم في مخطوطات قمران، تفسر نص تثنية 18، بأن ان النبي الذي تكلم عنه موسى هو المسيح (Testimonia, 4Q175، أي المغارة الرابعة، مخطوطة رقم 175)
وايضاً تلاميذ المسيح من بداية الامر فهموا ذلك مثل : فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ "(يوحنا 1: 45). وهذا ما اعلنه بطرس عن المسيح،: "فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ..... إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ" (أع 3: 22- 26)
السؤال الرابع : فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟
مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» ٢٣ قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». (يو١: ٢٠-٢٣) اعدوا طريق الرب
ماهي فكرة الإعداد ؟ الإعداد المثال الاول
للحصول علي شريعة الله ايام موسي
١٠ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبْ إِلَى الشَّعْبِ وَقَدِّسْهُمُ الْيَوْمَ وَغَدًا، وَلْيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ، ١١ وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. لأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَنْزِلُ الرَّبُّ أَمَامَ عُيُونِ جَمِيعِ الشَّعْبِ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ. (الخروج ١٩: ١٠، ١١) وبما ان المسيح سوف يبدا خدمته علي الأرض ويتكلم بشريعة جديدة شريعة الحب والعطاء والبذل اذا فلابد من الاعداد
المثال الثاني
لامتلاك أراضي جديدة
٥ وَقَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: «تَقَدَّسُوا لأَنَّ الرَّبَّ يَعْمَلُ غَدًا فِي وَسَطِكُمْ عَجَائِبَ». ٦ وَقَالَ يَشُوعُ لِلْكَهَنَةِ: «احْمِلُوا تَابُوتَ الْعَهْدِ وَاعْبُرُوا أَمَامَ الشَّعْبِ». فَحَمَلُوا تَابُوتَ الْعَهْدِ وَسَارُوا أَمَامَ الشَّعْبِ. ٧ فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «الْيَوْمَ أَبْتَدِئُ أُعَظِّمُكَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ لِكَيْ يَعْلَمُوا أَنِّي كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. (يشوع ٣: ٥-٧) وهنا فكرة الدخول الي أراضي جديدة والامتلاك يلزمها الاعداد والتقديس وهنا وبنفس المفهوم يعلن يوحنا انه الصوت الصارخ لاعداد الشعب لانه جاء من سيملكنا السماء الجديدة وان كان موسي في القديم شق بحر سوف للخلاص من عبودية فرعون
ويشوع شق نهر الأردن للامتلاك أراضي جديده بالاولي ان يستعد الشعب لمن شق السماء وجاء الروح القدس وحل عليه "وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ»." (مت 3: 17)
مفهوم الاستعداد او التقديس او الاغتسال او المعمودية كان يحتوي في العهد القديم علي
1ـ غسل ألاجساد
2ـ غسل الثياب
3، غسل القلوب
. وكانت الوصية بالتطهر أو التقدس تتقدم كل أمر ذي شأن وعظمة واحترام (لاويين 20: 7 و8 وعدد 11: 18 و1صموئيل 16: 5 ويوئيل 2: 16). وكان بالأحرى بشعب الله أن يدنوا من المسيح بالتواضع والتوبة والصلاة وتطهير النفس من كل الأقذار الجسدية والروحية.
ومن ثم هم على وشك أن يشاهدوا اعظم تجلي من التجليات الإلهية وهو معمودية المسيح بالروح القدس في نهر الأردن
السؤال الخامس : ٢٤«فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ،
وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟» ٢٦ أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا قِائِلاً: «أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. (يو: ٢٤-٢٦)
١١ أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.
لكن كان كلام يوحنا كالصاعقة علي رجال الكهنة واللاويين حينما قال ان الحقل اليهودي به حنطة وتبن لكن المسيح سوف ينقي بيدره١٢ الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ». (مت ٣: ١١، ١٢) كيف هذا
كيف يقول يوحنا ان من شعب اليهود سوف يذهبون الي الجحيم ؟ هذه هي الحقيقة
ومازال حقل الخدمة ملئ بالتبن والزوان والزيف لكن هو من ينقي بيدره
#د.القس جرجس عوض كاتب ومفكر مسيحي