الأحد 23 فبراير 2025 08:38 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب: بالعقل أقول …( خطة ترامب للسلام … أم خطته لمكاسب و مآرب أخرى ..! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

قال جون بولتون في مقابلة مع "سي إن إن"، تعليقاً على الاتصال الهاتفي الذي دام تسعين دقيقة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين ..

أن شهادة بولتون برئيس بلده الحالي ورب عمله السابق مجروحة بالطبع .. فعلاقاتهما التي استمرت وجيزة في الفترة الأولى انتهت بخروج مستشار الأمن القومي مهرولاً من البيت الأبيض ، عدواً لدوداً لترامب ومتحدثاً مفوهاً ضده ..
لكن مجمل المحللين السياسيين الأميركيين ، و حتى الروس الموالين لبوتين ، لم يذهبوا بعيداً عن استنتاج بولتون في أن "ترامب قدم للكرملين هدايا عيد الفصح و عيد الميلاد و رأس السنة ملفوفة بورقة واحدة"، بحسب وصف "فورين بوليسي"..

ترامب كان جازماً خلال الأشهر السابقة لفوزه بالرئاسة أنه سينهي الحرب الروسية الأوكرانية في الساعات الأربع والعشرين الأولى من عودته إلى البيت الأبيض .. كيف؟ .. لم يوضح في حينها هو فقط كان يشير إلى قدراته الشخصية المبهرة في التواصل مع الزعماء ، ومهاراته المشهودة في عقد الصفقات التجارية كونه رجل أعمال ناجح ، وإصراره الدائم أن هذه الحرب لم تكن لتقع لو أن جو بايدن لم يسرق البيت الأبيض منه فى الإنتخابات السابقة على حد قوله..

و قد مضى شهر و يزيد على تنصيبه و لم تنتهى الحرب في اليوم الأول من ولاية ترامب كما إدعى .. فالطرفان منهكان و عاجزان عن حسمها لكن ترامب المستعجل لإنهاء هذه الحرب كيفما اتفق حمل اتصاله ببوتين أخباراً سيئة للرئيس الأوكراني فلودومير زيلنسكي .. فترامب اتفق و بوتين على أن تكون المفاوضات ثنائية بين البلدين فقط ، من دون الطرف المحارب ( زيلنسكى )، ولا الإتحاد الأوروبي الذي يرى في أوكرانيا السد الأخير أمام جموح بوتين الاستيلائية .. كانت مفاوضات من دون شروط مسبقة حسم فيها ترامب من البداية أن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف الناتو ، وأنه يمكنها أن تتنازل عن السيادة على أراضيها التي احتلتها روسيا ، إضافة إلى رفع العقوبات عن روسيا في حال تم التوصل إلى سلام بينهما..

و كذا فك العزلة الغربية عن روسيا الذي بدأ بالاتصال وبالاتفاق على اللقاء وتبادل الزيارات بين الرئيسين ، حيث تابعه ترامب بتغيير مقاربة الحرب نفسها واتهام أوكرانيا بالتسبب بغزو روسيا لها .. كما أنه تبنى الحجة الروسية بالتلميح بأن السلطات الأوكرانية لا تمثل بلدها أولاً بسبب غياب الانتخابات بسبب الحرب ، و ثانياً بسبب هبوط شعبية زيلنسكي عند مواطنيه ..

و كانت كوري شاكي، الباحثة التي عملت مساعدة للرئيس السابق جورج دبليو بوش في مسائل الأمن القومي ، تقول لصحيفة نيويورك تايمز أن ما يفعله ترامب "يعتبر تحولاً عكسياً مشيناً لثمانين سنة للسياسة الأميركية الخارجية . و قالت نحن الآن نشرّع عدواناً حتى نخلق مجالاً للتأثير" ..

و حتى إصرار ترامب على استراتيجية الجزرة من دون التلويح بالعصا لروسيا ، بدت أوراقاً كسبها الكرملين قبل أن يبدأ باللعب حتى .. فكانت مكاسب أثارت قلقاً بالغاً لدى زيلنسكي الذي انتقد لقاء وفديّ أميركا وروسيا في الرياض من دون دعوته ، للتباحث في شأن بلده نفسها .. هذا القلق الذي انسحب على الاتحاد الأوروبي من ترامب "اللا متوقع" يلقي بظلاله على المحللين الروس الذين كبحوا بهجتهم بالتخوف من لحظة غضب ترامبية ينسف فيها كل وعوده للروس بتغريدة على منصته للتواصل الاجتماعي ( تروث )، في حال تعقدت المفاوضات التي يبدو أن روسيا شديدة الحرص على ألا تكون البادئ في عرقلتها ، بخاصة و أن تسلسل الأحداث يكاد يكون بالنسبة لها جيد إلى درجة تجلعها تشك بأنه حقيقي ..

فالحقيقي الوحيد هو أن ترامب مستعجل لعقد "صفقة" وليس اتفاقاً لإحلال السلام بين البلدين ، لا هم ما إذا فرض شروطه على أوكرانيا التي تراها مجحفة ، أو عوّم فلاديمير بوتين اقتصادياً ، وحقق له فرصة بالخروج من المستنقع الأوكراني ، ليس بزلق أضرار ممكنة ، بل، وعلى العكس ، بمكاسب يمكن أن يدعي بعدها أنه خرج بها من الحرب منتصراً أوحد ..

أما ترامب ، فعينه على الفرص الاقتصادية التي تلوح لبلده في روسيا وعلى المعادن الأوكرانية الثمينة ، وعلى صورته الأحب إلى قلبه ، متوسطاً طرفين متحاربين يوقعان اتفاق سلام كان هو نفسه السبب الأول والأخير في تحققه .