الثلاثاء 25 فبراير 2025 07:59 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الناقدة نهلة إيهاب تكتب عن العرض المسرحي ”الأسد الملك” احترافية مسرحية من وحي الحكايات

الناقدة نهلة إيهاب
الناقدة نهلة إيهاب

جزء كبير من خيال طفولتنا التي تظل كامنة في القلب وعالقة بالروح ينشأ من وحي قصص الأطفال والأساطير ، وحكايات الشعوب القديمة ؛ ومن بين الكثير من الأشكال المتنوعة للقصص تلك ؛ فقد ظلت القصص المرئية التي تأتي في هيئة رسوم متحركة الأثيرة لدي الكثير ؛ وعلي رأسها تاتي أفلام ديزني التي تتمتع بالكثير من الإبداع سواء علي مستوي المحتوي أو الطرح؛ ومن بين مئات الأفلام التي صنعتها ديزني يضل فيلم بعينه يحمل مكانة خاصة عند الأطفال؛ وخاصةً جيل أطفال التسعينيات ؛ ذلك الفيلم هو Lion Kingفيلم " الأسد الملك"
ومن هذا المنطلق يطالعنا العرض المسرحي" الأسد الملك" للمخرج المميز "باسم كرم" برؤية فنية جديدة تستهدف الجيل الحالي من الأطفال وتحترم عقلية الكبار، وذلك علي مسرح الفن مسرح" جلال الشرقاوي" إنتاج وإشراف عام " تامر جلال الشرقاوي" .
حيث تدور أحداث العرض حول قصة الفيلم تلك التي يعرفها الكثيرون والتي تأثرت بشكل أو بأخر بمسرحية "هاملت" لويليام شكسبير التي سبقت الفيلم بمئات الأعوام ؛ وذلك من حيث قصة الأمير الذي يتم حرمانه من عرشه بعد موت أو مقتل والده الملك ثم يعود لينتقم ، كما نجدها أيضا منذ الأساطير القديمة علي غرار أسطورة إيزيس وأوزوريس وحورس .
فيبدوا لمن يقرأ مسرحية "هاملت " ويشاهد فيلم " الأسد الملك " أنه عبارة عن نسخة مناسبة للأطفال من مسرحية "هاملت" .
وهذا ما طرح علينا من خلال العرض المسرحي "الأسد الملك " للمخرج "باسم كرم " من خلال المعالجة الدرامية الواعية للمُعدة " فدوي نافذ" التي استطاعت بحرص شديد أن تحافظ علي الخطوط الدرامية الرئيسية للفيلم و الشخصيات المحورية وذلك بالدمج المسرحي لملامح مسرحية " هاملت " بالأضافة إلي بعض الإسقاطات الاجتماعية والسياسية أحيانًا؛ كل هذا داخل إطار مسرح الطفل ومسرح العرائس البشرية دون ركاكة أو تهميش لعقلية المتفرج بشكل عام.
" فمسرحه النص " هنا لا تعني تنفيذ النص الدرامي " للفيلم" علي المسرح في ثوب جديد ، بل يعني إعادة إنتاج النص الدرامي من خلال إرسال واستقبال يشترك فيها الممثل والجمهور ،وتدور في مكان معين تؤثر خصائصه في مسارها ، ذلك أن فن العرض ليس نشاطًا تنفيذيًا بل هو فن إبداعي ، ينشئ شيئًا أصيلًا ، ويتحول فيه الإبداع السابق" أي الفيلم " إلي وسيلة لتحقيق غاية جديدة مبتكرة هي العرض المسرحي نفسه.
قدم المخرج "باسم كرم " رؤية مسرحية شديدة الاحترافية من خلال اهتمامة بالحركة المسرحية التي نسج من خلالها العديد من التكوينات الحركية ذات الأبعاد التشكيلية والجمالية داخل الفضاء المسرحي ، وذلك بالتعاون مع مصمم الحركة والأستعراضات " أحمد سمير" .
كما نجح في تقديم رؤية بصرية رائعة من خلال"سينوغرافيا العمل المسرحي" وذلك باستخدام الديكور المسرحي الذي أشغل من خلاله عمق الخشبة المسرح بشكل واعِ، كما استخدم مستويات خشبة المسرح بشكل يجذب عين الأطفال والكبار أيضًا و ذلك بالتعاون مع مصمم الديكور "شادي قطامش"
وكذلك جاءت الإضاءة المسرحية للمصمم الواعِ والمحترف "عز حلمي" والتي اضافت للعرض الكثير من الجماليات و الحيوية لروح وجوهر العرض المسرحي ؛ كما فعلت الأثر ذاته الملابس ل" عمر حمدي" والميكياج ل "رامي جمال" والإعداد الموسيقي ل " كريم العربي" .
كما اهتم المخرج " باسم كرم " باعداد الممثلون بشكل واضح فقد استخدم العديد من المناهج المسرحية لأعداد الممثل داخليًا وخارجيًا؛ كما جاء الأداء التمثيلي لكلا من" إيمن هاني ، إيمان رجائي، راماج محمد ، ياسين محمد ، بروين أحمد ، هنا علي، يوسف ابراهيم، أحمد مصطفي ، صبري محمد " معبرًا عن مكنون الشخصية وأبعادها الجسدية والحركية.
كما تميز كلا من (عمر محمود في دور" سكار" ، حسين عشماوي في دور" زازو " ، محمد إبراهيم في دور " رفيقي " ، محمد صفاء في دور" تيمون " ، أحمد رضا في دور "بومبا" ) بالطاقة التمثيلية الرائعة والحضور المسرحي القوي .
وبهذا فقد قدم" مسرح الفن" مسرح "جلال الشرقاوي" عرض "الأسد الملك " إخراج" باسم كرم" عرضًا مسرحيًا ماتعًا للصغار والكبار ، كما يعد نموذجًا حيًا لمسرح الطفل "كما ينبغي أن يكون" .