السبت 19 أبريل 2025 04:01 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتورة لميس عبدالقادر تكتب: هل لحقوق الملكية الفكرية اعتبار في عصر استخدام الذكاء الاصطناعي في التصميم المعماري؟

دكتورة لميس عبدالقادر
دكتورة لميس عبدالقادر

في السنوات الأخيرة، بدأ الذكاء الاصطناعي AI يفرض حضوره بقوة في مختلف المهن والتخصصات ، ولم تكن مهنة المعماري استثناءً بل إن التحول الرقمي السريع أثر أيضا عليها، ما يدفعنا لطرح عدة تساؤلات حول مستقبل المعماريين، و أهم ما يلح علينا من فرضيات و تساؤلات هي : هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل المعماري؟ أم سيكون أداة تمكّنه وتطور إبداعه؟

لا شك أن الذكاء الاصطناعي يستخدم اليوم في عدد من المهام المعمارية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي عمل نماذج أولية من خلال توليد أشكال معمارية متعددة خلال دقائق، بناءً على معايير يحددها المعماري مثل الموقع، المناخ، الميزانية، وعدد المستخدمين، و كذا تحليل البيانات حيث يساعد في فهم سلوك المستخدمين داخل المباني، وتحليل حركة المرور، والتهوية، والإضاءة، وغيرها من العوامل التي تؤثر على راحة المستخدمين ، كما يمكن له اقتراح تعديلات تصميمية تقلل استهلاك الطاقة، و يمكنه معالجة كميات هائلة من البيانات حول الكثافة السكانية، البنية التحتية، والتوزيع المكاني، ليقترح حلولًا أكثر استدامة.

حتى الوقت الحالي، إن هناك مجموعة من البرامج والمنصات التي أصبحت أدوات رئيسية في يد معماريين اليوم:

• Spacemaker AI: وهويساعد على تطوير تصميمات المواقع بشكل أسرع، مع تحسين الإضاءة الطبيعية، وزيادة المساحات الخضراء.

• Hypar: منصة تصميم تتيح للمعماريين إنشاء تصميمات قابلة للتعديل السريع.

• TestFit : يستخدم لتخطيط المساحات السكنية والتجارية بسرعة، والذي يأخذ في الاعتبار بعض العوامل مثل قوانين البناء، وعدد مواقف السيارات.

• Midjourney / DALL•E / Stable Diffusion: أدوات لتوليد الصور التي يمكن استخدامها لتخيل الأفكار المعمارية بصريًا قبل تنفيذها فعليًا.

ويعد مكتب المعمارية زها حديد ، من أوائل المكاتب المعمارية العالمية التي تبنت استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد تصاميم معقدة وشكلية جدًا ، حيث يستخدم الفريق تقنيات البرمجة التوليدية لخلق أشكال مستوحاة من الطبيعة والرياضيات.

و من هذا المنطلق فإنه يمكننا استنتاج تحول الذكاء الاصطناعي إلى شريك ذكي يخفف الأعباء المتكررة عن المعماريين ويمنحهم مساحة أوسع للإبداع ، كما و يساعد في التقليل من الأعمال اليدوية الروتينية، مثل الرسم التفصيلي أو الحسابات المعقدة، وتسريع عمليات اتخاذ القرار، بفضل قدرته على تحليل السيناريوهات المختلفة بسرعة ، وفتح آفاق جديدة في التصميم من خلال اقتراح حلول غير تقليدية المبنية على خوارزميات تعلم الآلة.

وعلى الرغم من هذة الفوائد العديدة فإن هناك عدد من التحديات التي يواجهها معماريين اليوم والتي لا يمكن تجاهلها ، أولها فقدان الهوية الإبداعية لأنه قد يؤدي الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي إلى تصميمات مكررة أو بعيدة عن الحس الفني للمعماري، وهنا يظهر الاحتياج إلى التعرف على مفاهيم علم الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات ، ولتعلم تقنيات جديدة تحاكي روح العصر بل واتقان أدوات برمجية جديدة.

والسؤال الأخطر في الموضوع هو من يملك التصميم إذا ساهم الذكاء الاصطناعي في إنتاجه؟ هل هو المصمم أم مبرمج الأداة ؟ و لمن تعود حقوق الملكية الفكرية ؟

لا شك أن الذكاء الاصطناعي لن يُقصي المعماري، بل سيعيد تعريف دوره في عالم اليوم الذي يتسم بسرعة التغير، وبالتأكيد سيبقى الإبداع البشري في قلب العملية التصميمية، وربما أدوات الذكاء الاصطناعي ستجعل المعماري المستقبلي أكثر تطورًا، وأكثر قدرة على استخدام أدوات تقنية ذكية لتحقيق تصاميم أكثر ذكاءا، واستدامة، وكفاءة.

إنه ليس تهديدًا بل هي فرصة، والمعماري الناجح هو من يستغلها ليضيف قيمة جديدة لمهنته، ويطور من أفكاره وأدواته لمواكبة العصر والاستعداد للمستقبل.