دكتور رضا محمد طه يكتب : جرثومة المعدة واستراتيجية جديدة للوقاية من السرطان


البكتريا الملوية البوابية هليكوباكتر بيلوري Helicopacter pylori والمعروفة شعبياً بإسم جرثومة المعدة والتي تصيب حوالي نصف سكان العالم وتمثل أحد أكثر أسباب العدوي البكتيرية المزمنة شيوعاً لدى البشر مسببة إلتهاب المعدة مهيئة الفرصة لزيادة خطر الإصابة بسرطان المعدة، ولأن بطانة المعدة الواقية داخل المعدة تتعرض بصورة مستمرة لحمض المعدة ومن ثم فهي دائمة التجدد بالكامل كل بضعة أسابيع مع الحفاظ في نفس الوقت على بنيتها وتكوينها في ظل التجديد المستمر.
في حالة الإصابة بجرثومة المعدة فإنها تتسبب في تلف مباشر لخلايا الغدة المعدية في بطانة المعدة مما يترتب على ذلك الإصابة بأمراض مصاحبة لها حيث تعمل البكتريا علي تعطيل التفاعلات المعقدة بين انواع الخلايا المختلفة والإشارات المسؤولة عن استقرار وسلامة الأنسجة مسببة إلتهاب بالمعدة والوصول إلى ما يعرف بمرحلة "التنسخ المعوي " بما قد يمهد للإصابة بالسرطان.
يسعي العلماء لحماية المعدة من التغيرات السرطانية من خلال تقييد عملية الانقسام الخلوي في أنسجة المعدة السليمة لأن الالتهاب المزمن الناجم عن الإصابة بجرثومة المعدة تعطل آلية الحماية الطبيعية بسبب ما يحدث من استجابة الجهاز المناعي الالتهابية للعدوى حيث تنطلق مواد محفزة للالتهابات مثل انترفيرون جاما والتي تقلل من نشاط إشارات مسؤولة عن إنتاج بروتينات هامة لنمو الأنسجة مثل BMPs في نفس الوقت تحفز انقسام الخلايا بمعدلات عالية مما يفقدها التوازن النسيجي مسببة تلف بالانسجة المصاحب للالتهاب المزمن بسبب جرثومة المعدة.
دراسة جديدة نشرت مؤخرا في مجلة نيتشر Nature كشفت عن رؤي جوهرية حول التغيرات المبكرة التي تحدث في المعدة وتساهم في تطور السرطان، حيث سوف يساعد هذا الاكتشاف على وضع الأساس لتحسين الوقاية والكشف المبكر لإنقاذ الأرواح. ونظراً للبيئة الحمضية في المعدة والتي تساعد على الهضم ، لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تحفز على حدوث طفرات مؤدية للسرطان ، وخاصة أنه ومع التقدم في السن فإن الطفرات تحدث بمعدل 28 طفرة سنوياً ويزداد هذا المعدل للضعف في حالة الإصابة بسرطان المعدة، حيث وبحلول سن الستين يكون ما يقرب من 10% من بطانة المعدة بها طفرات في جينات سرطانية.
نجح فريق البحث بعمل تحليل للطفرات الجينية في أنسجة بطانة المعدة الطبيعية باستخدام تقنية التسلسل الجينومي المتقدم في 238 عينة وتم استهداف مواقع جينية علي 829 عينة لأشخاص مصابين بسرطان المعدة وآخرين غير مصابين ، وكشفت النتائج أنه على الرغم من البيئة الحمضية الشديدة في المعدة فإن بطانة المعدة تمتلك آليات وقائية تمنع حدوث الطفرات، مما ساهم في رسم خريطة لطفرات الجهاز الهضمي وهذا يساعد في الكشف المبكر عن الطفرات قبل وقت طويل من تطور السرطان ويمثل هذا المساعدة في استراتيجيات الوقاية من السرطان، وذكر فريق البحث عوامل الخطر الإصابة بسرطان المعدة إلي جانب جرثومة المعدة جاء التدخين والافراط في شرب الكحول واتباع نظام غذائي غني بالملح.