حكايات مصيرية
الكاتب الصحفي الحسيني عبد الله يكتب : تجديدًا للعهد


في توقيت بالغ الحساسية، جاءت الجولة الخليجية الأخيرة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي شملت عددًا من العواصم الخليجية الكبرى، لتعيد التأكيد على مركزية العلاقات المصرية الخليجية في موازين السياسة العربية، ولتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي بين ضفتي الخليج والبحر الأحمر.
لم تكن زيارة بروتوكولية، بل حملت في طياتها الكثير من الرسائل المباشرة وغير المباشرة، خاصة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، وتغير خارطة التحالفات الدولية بعد الحرب في أوكرانيا، وتداعيات أزمة غزة المتواصلة.
وقد حرص الرئيس السيسي خلال لقاءاته مع قادة دول الخليج على *تأكيد الثوابت المصرية تجاه أمن الخليج*، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهو المبدأ الذي لطالما شكّل حجر الزاوية في سياسة القاهرة الخارجية.
لم تخلُ الزيارة من الملفات الاقتصادية، بل جاءت في توقيتٍ حساس تشهد فيه مصر *تحولات اقتصادية كبيرة*، عقب الإعلان عن برنامج الإصلاح الجديد بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وتدفق استثمارات إماراتية وسعودية ضخمة إلى قطاعات مصرية حيوية.
اللقاءات تناولت سبل تعظيم التعاون في مجالات *الطاقة، الزراعة، الصناعة، التحول الرقمي، والمشروعات الاستراتيجية الكبرى*، مع اهتمام خاص بجذب رؤوس الأموال الخليجية إلى السوق المصرية في ظل ما يُوصف بمرحلة "الفرص الواعدة".
في الجانب الأمني، ناقشت الزيارة القضايا الساخنة في المنطقة، وعلى رأسها *أزمة غزة، والملف السوداني، والتطورات في البحر الأحمر*، إلى جانب مستقبل العلاقات العربية – الإيرانية، ودور الخليج في الحفاظ على استقرار المنطقة.
الزيارة عكست *حرصًا متبادلًا على تعزيز التنسيق الأمني والعسكري*، وتوحيد المواقف حيال عدد من التحديات، خصوصًا في ظل ما يبدو أنه "إعادة تموضع" لبعض القوى الدولية في المنطقة.
تُقرأ زيارة السيسي في سياق أوسع، فهي لم تكن معزولة عن حركة دبلوماسية نشطة تشهدها المنطقة، بل جاءت ضمن سلسلة لقاءات وتحركات، تشير إلى أن مصر تسعى إلى *ترتيب أوراقها الإقليمية*، مع ضمان شبكة دعم خليجية مستدامة.
كما تعكس في جانب منها رغبة الدول الخليجية في *الحفاظ على مصر قوية ومستقرة*، باعتبارها شريكًا لا غنى عنه في حفظ التوازن الإقليمي، و"عمود الخيمة" في العالم العربي.
وختامًا:
زيارة الرئيس السيسي الأخيرة لدول الخليج جاءت في لحظة سياسية فارقة، ومثّلت تجديدًا للعهد بين مصر وأشقائها الخليجيين، ليس فقط في إطار الأخوة، بل في إطار *تحالف المصير المشترك*، حيث تتقاطع المصالح وتتحد التحديات.
وقد لا تكون هذه الزيارة الأخيرة في العام الجاري، لكنها بالتأكيد من الزيارات *الأكثر استراتيجية* في حسابات السياسة المصرية – الخليجية.