الثلاثاء 29 أبريل 2025 11:49 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الإعلامى هيثم جويدة يكتب : منتهى الحرية... والادمان الالكتروني

الإعلامى هيثم جويدة
الإعلامى هيثم جويدة

في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتتداخل فيه الحدود بين العالم الواقعي والافتراضي اصبحنا نعيش حالة من التناقض بين منتهى الحرية واقصى درجات التقييد واصبح واقعا لم يعد خفيا على احد كيف وتحولت الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي والالعاب الالكترونية من ادوات للترفيه والتواصل الى قيود ناعمة تكبل العقول والنفوس وتفصل الانسان عن انسانيته قد نتصور اننا احرار نكتب ما نشاء نشاهد ما نحب نعلق ونشارك ونعبر ولكن الحقيقة ان هذا الانغماس الالكتروني لا يحررنا بل يقيدنا بطريقة لم نعهدها من قبل الحرية الحقيقية لا تعني الغرق في شاشة صغيرة ولا تعني الهروب من الواقع الى عالم افتراضي مليئ باللايك والشير والترند، ومن اخطر الظواهر النفسية التي تصيب المدمن الالكتروني ما يعرف بمتلازمة فومو Fear of Missing Out وهي الخوف من فوات شيء حيث يشعر المدمن انه ان لم يكن متصلا طوال الوقت فانه سيفوته خبر مهم او رسالة او منشور او لحظة من حياة الاخرين فيعيش في دوامة من التوتر والترقب المستمر يلاحق التنبيهات ويتفقد الرسائل كل دقائق ويفقد قدرته على التركيز والانخراط الحقيقي في الواقع هذه الحالة تجعل الشخص مشدودا دائما الى هاتفه يفكر في ما يحدث على الشاشات اكثر مما يعيش ما يحدث امامه، تم رصد حالات حقيقية في كوريا الجنوبية وتايوان حيث اودى الادمان الالكتروني بحياة عدد من الشباب بعد قضاء ايام متواصلة امام الشاشات دون نوم او طعام كافي، وفي مصر اظهرت دراسات حديثة ان اكثر من ستة وعشرين في المئة من الشباب يعانون من درجات مختلفة من الادمان الالكتروني خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي والالعاب اما عالميا فبحسب احصاءات منظمة الصحة العالمية فان اكثر من ٣٠٪ من المراهقين يعانون من اعراض مرتبطة بالادمان الرقمي وتتراوح درجاتها ما بين المتوسطة الى الشديدة هذه الارقام ليست مجرد معلومات بل هي اشارات تحذير حقيقية تنذر بمستقبل يحتاج الى وقفة ووعي جماعي ولهذا لم يكن غريبا ان يدرج الادمان الالكتروني ضمن قائمة الاضطرابات السلوكية في الدليل التشخيصي للامراض النفسية ويعالج اليوم باكثر من طريقة منها الدعم النفسي والعلاج السلوكي المعرفي واحيانا باستخدام ادوية مهدئة لضبط التوتر والانفعالات، من المهم ان نبدأ بخطوات بسيطة لكن فعالة مثل وضع برنامج يومي يشمل ممارسة الرياضة والقراءة وقضاء وقت مع العائلة مما يساعد على كسر دائرة الادمان ويعيد التوازن لحياة الفرد نحن لا نطالب بالمنع من استخدام التكنولوجيا فهي ضرورة هذا العصر ولكننا نناشد بالعقل والاعتدال نريد ان نتتحول هذه الحالات من (مدمن الكتروني) الى مستثمر ذكي على الانترنت يعرف كيف يوظف وقته ومهاراته وشغفه في تحقيق النجاح لا الهروب.