الخميس 26 ديسمبر 2024 10:04 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور بهاء درويش يكتب : مراراً وتكراراً...هويتنا هي مصريتنا

الدكتور بهاء درويش
الدكتور بهاء درويش

الموكب المهيب والتنظيم الجيد والمشاعر الجياشة التي أثارها موكب نقل المومياوات أول أمس أعادت إثارة السؤال الذي ثار- وسيظل يثور مع كل حادثة تقتضي إثارته- وهو سؤال الهوية: (من نحن؟)
الموكب المهيب جعل البعض يقول بفخر (نحن فراعنة)، ليقابلهم من اعتقد أن هذا القول سيؤثر على ديانته بالقول (أنا مسلم)، بينما يعتقد الآخر أن هويته تكمن في إعلانه (أنا مسيحي).
أرد على هؤلاء جميعًا بالقول (نحن مصريون)، وقولي أننا مصريون ليس اختيارًا، ولكنه تعبير عن واقع حقيقي.
ولكن بأي معنى (نحن مصريون)؟
أعني أننا في وقت من الأوقات - قبل الميلاد- كنا فراعنة، ثم جاءت المسيحية فادمجت في ثقافتنا - شئنا أم أبينا- بعض القيم الروحية المسيحية، لتصبح هويتنا المصرية وقت ذاك خليطاً من عادات وتقاليد وثقافة فرعونية مسيحية. ثم جاء الاسلام فظللنا مصريين ولكن مصريتنا أصبحت خليطاً من ثقافة فرعونية مسيحية إسلامية. ثم اندرجت في وقت من الأوقات بعض العناصر التركية في ثقافتنا وهي مازالت تحيا بيننا، وهكذا. وإذا كان بإمكانك أن تميز العناصر الفرعونية من ثقافتنا، فقد لا تتمكن من تمييز الشق الثقافي المسيحي من الشق الاسلامي في ثقافتك لاشتراك الديانتين في قيم روحية مشتركة، وقد تعتقد أن (القُطرية) لا تؤدي دوراً مهماً في تحديد الهوية. ولكنك حال أن تلاحظ اختلافك أيها القبطي المصري عن القبطي البريطاني أو الروسي أو الصيني، ستدرك الدور الذي يمثله عنصر القُطرية كمكون ثقافي في الهوية. وبالمثل يختلف المسلم المصري عن المسلم الاسترالي عن الصيني لاختلاف العنصر الثقافي القطري في كل منهم.
لا تتعب نفسك أيها المصري بمحاولة إسناد عنصر واحد تجعله- بطريقة تعسفية- يصف هويتك، فأنت مصري، ولتفتخر بأنك مصري، ولتعلم أن ثقافتك - شئت أم أبيت- خليط من كل هذه العناصر التي ذكرتها، وأن تعدد عناصرها يجب أن يكون مصدر فخرك لأنه ما صنع ثراءها.