خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( أفيقوا ياعرب ! )
الجارديان المصريةجبران خليل جبران يستقرأ المستقبل منذ زمن بعيد وكأنه يعيش فيه الآن ويقدم نصيحته للمسلمين وكأنه بينهم ويقول :
أنا لبناني ولي فخر بذلك ،
ولست بعثماني ، ولي فخر بذلك أيضاً.. لي وطن أعتز بمحاسنه ، ولي أمة أتباهى بمآتيها ، وليس لي دولة أنتمي إليها وأحتمي بها.
أنا مسيحي ولي فخر بذلك ،
ولكنني أهوى النبي العربي محمد ،
وأُكبّر إسمه ،
وأحب مجد الإسلام وأخشى زواله ،
أنا شرقي ولي فخر بذلك ، ومهما أقصتني الأيام عن بلادي أظل شرقي الأخلاق ، سوري الأميال ، لبناني العواطف.
أنا شرقي ، وللشرق مدينة قديمة العهد ذات هيبة سحرية ونكهة طيبة عطرية ، ومهما أُعجب برقي الغربيين ومعارفهم وثقافتهم ، يبقى الشرق موطناً لأحلامي ومسرحاً لأمانيّا وآمالي.
في تلك البلاد الممتدة من قلب الهند إلى جزائر ومغرب العرب ، المنبسطة من الخليج العربي إلى جبال القوقاس ،
تلك البلاد أنبتت الملوك والأنبياء والأبطال والشعراء ، في تلك البلاد المقدسة تتراكض روحي شرقاً وغرباً ، وتتسارع جنوباً وشمالاً ، مرددة أغاني المجد القديم ، مُحدّقة إلى الأفق لترى طلائع المجد الجديد بينكم .
أيها الناس من يلفظ إسمي مشفوعاً بقوله:
«هو فتى جحود يكره الدولة العثمانية ويرجو إضمحلالها».
إي والله لقد صدقوا ،
فأنا أكره الدولة العثمانية ، لأني أحب العثمانيين ،
أنا أكره الدولة العثمانية ، لأني أحترق غِيرة على الأمم الهاجعة في ظل العلم العثماني.
أنا أكره الدولة العثمانية ، لأني أحب الإسلام ، وعظمة الإسلام ، ولي رجاء برجوع مجد الإسلام.
أنا لا أحب العلة ، ولكنني أحب الجسد المعتل ،
أنا أكره الشلل ، ولكنني أحب الأعضاء المصابة به ،
أنا أجلُّ القرآن ، ولكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين ،
كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للتحكم برقاب المسيحيين.
وأي منكم أيها الناس لا يكره الأيدي التي تهدم ،
حباً للسواعد التي تبني؟
أي بشري يرى العزم نائماً ولا يطلب إيقاظه؟
أي فتى يرى العظمة متراجعة إلى الوراء ، ولا يخشى إنحجابها وفقدانها ؟
خذوها يا مسلمون ، كلمة من مسيحي قد أَسْكن «يسوع» في شطرٍ من حشاشته ،
و«محمداً» في الشطر الآخر .
إن لم يتغلب الإسلام على الدولة العثمانية ،
فسوف تتغلب أمم الإفرنج على الإسلام .
إن لم يقم فيكم من ينصر الإسلام على عدوه الداخلي ،
فلا ينقضي هذا الجيل إلا والشرق في قبضة ذوي الوجوه البائخة والعيون الزرقاء.
أفيقوا ياعرب ...