الخميس 31 أكتوبر 2024 12:15 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديبة راوية المصرى تكتب من السويد : الخوف من مرض مجهول

الأديبة راوية المصرى
الأديبة راوية المصرى

هل الإنسان الذي لا ينتظر حياة ثانية بعد الموت، يخاف بنفس القدر من الإنسان الذي يؤمن بالذي ينتظره بعد الموت؟

اهتم العلماء عبر التاريخ بالبحث عن ما بعد الموت!! كثيرون يؤمنون ان هناك حياة ثانية بعد الموت وعند وضع الميت في القبر يبدأ حياته الثانية وأول مرحلة للحساب هي القبر والظلام والوحدة !
ومن ثم يأتي الحساب ويصنف من أي باب يدخل الجنة او النار حسب المعتقدات الدينية! وهناك كثيرون أيضا لا يؤمنون بحياة ثانية بعد الموت ويعتبرون عندما تخرج الروح من الجسد ويدفن الميت بعد فترة قصيرة يتحلل وينتهي.....
...كانت الرابعة فجرا أثناء نوم عميق وكوابيس مفجعة وهلع صرخت وكأنني وقعت من السماء على الأرض وأنا احمل بين ذراعي ابنتي التي كانت تتعرض للتعذيب على يد أناس اشكالهم غريبة وكأنهم أتوا من عالم اخر....
كان قلبي يدق بسرعة هائلة وجميع أعضائي ترتجف ولأول مرة في حياتي أشعر بهذه الوحدة القاتلة ضعفت قوتي وقلت حيلتي وبديت كطفلة تحتاج حضن أمها، كنت اشعر بفراغ فظيع وكأني الوحيدة على وجه الأرض، لم اكن قادرة على التمييز اذ كان حلم او حقيقة لأن الظلام حالك ولا استطيع ان اشاهد بصيص ضوء من اي مكان وكأنه قبر واسع، بدأت أحاول النهوض لأشعل النور لكن قدماي خانتني ولم تمتثل لأوامري هذه المرة.
بدأت اسحل على ظهري وعندما وصلت لطرف السرير لم اتمالك جسدي وقعت وصحيت من غيبوبتي مع صداع شديد واختناق في الحلق وارتفاع في درجات الحرارة فجأة ودون تمهيد....
في اليوم التالي وبنفس الوقت شاهدت فتاة تقود آلة زراعية بسرعة جنونية وملابسي معلقة في سكة الآلة وانا اصرخ أرجوك توقفي الى أن فقدت اقدامي الإثنين وبدأ الدم ينزف بغزارة، توقفت الآلة فجأة وقالت لي الفتاة فكي نفسك واذهبي انا لا أستطيع الرجوع إلى الوراء، وقادت الآلة وتركتني بمكان مليء بالحصى كلما وضعت يدي لكي ازحف غرقت اكثر كنت أبحث عن قدماي ولكنهم غرقوا في اكوام الحصى شعرت ان قلبي توقف سمعت صوت من بعيد ماما ماما نهضت واستعدت وعي وكان ضغطي بهذه الاثناء 20 وانا لا اعاني من الضغط او مشاكل صحية أخرى....
في اليوم الثالث كنت نائمة جنب امي المتوفية من 15 عام عندما هاجمني اربع قرود وبدؤا ينهشون في جسدي وأمي تدافع عني بكل قواها، فقدت الإحساس بيدي اليسرى عندما كنت احمل كأس ماء لأضرب فيها القرد ولكن ضربت الحائط ضربة قوية كادت يدي ان تنكسر !!
بين الحلم واليقظة سمعت صوت هاتفي يرن واذ طبيبي قال لي مبروك جميع التحاليل نظيفة وانت بصحة جيدة ولا تحتاجي الى اي علاج! للوهلة الأولى قلت له من انت وماذا تريد مني قال لي انت بخير وحبيت طمنك بنفسي قلت له يعني ما في موت , ضحك الطبيب وقال على الأقل ليس الآن.....

تجمدت مكاني لبضع دقائق وبعدما كنت احتضر لمدة ثلاثة ايام وكنت بأنتظار النفس الاخير !!
نهضت من السرير وكأني كنت في مهرجان ونسيت كل ما مررت به من ألم وهواجس، كالمعتاد شربت القهوة وسمعت فيروز وانهيت اعمال المنزل وتكلمت في الهاتف مع اخوتي وعدد من أصدقائي وكأنه شيء لم يكن...

وجهة نظر...الانسان الذي يؤمن بالعقاب وظلمة القبر والحساب هو إنسان يخاف من الموت اكثر بكثير من الإنسان الذي لا يؤمن بحياة ثانية، لأنه ينتظر عقاب وحساب بعد الموت، اما الإنسان الذي لا يؤمن بالحساب والعقاب بعد الموت لا ينتظر اي عقاب بأعتقاده أنه مجرد أن تخرج روحه من جسده لا يشعر بشيء , ولا يفكر بظلام القبر ولا بنعمة الجنة ونار جهنم! ولا تعنيه مساحة القبر ، ولكن هذا لا يعني إنه لا يحب أن يعيش الحياة بل بالعكس يتمتع بكل تفاصيلها لانها تعني له حياة الدنيا والآخرة .

تعددت الأسباب والموت واحد مع العلم أن الموت جزء من الحياة وكل مخلوق نهايته الموت ، ورغم القناعة المطلقة بنهاية الإنسان يبقى الخوف المرض المجهول الذي يؤدي الى الموت وليس المرض نفسه ...
ويبقى السؤال لماذا الخوف من الموت اذ كان المؤمن ينتظر حياة ثانية ابدية ؟ والانسان الغير مؤمن يموت ولا يشعر بأي الم ولا ينتظر ثواب او عقاب؟