الإثنين 23 ديسمبر 2024 01:09 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديبة نجلاء أحمد حسن تكتب : التنمر يهدد السلام المجتمعي

الأديبة نجلاء أحمد حسن
الأديبة نجلاء أحمد حسن

أصبح التنمر ظاهرة واضحة تقتضي التصدي لها  ومكافحتها واجبا قوميا من جميع أطياف المجتمع، والتنمر هو التعدي على أعراض الإنسان وإيذاءه المعنوي او الجسدي بالسب او بالضرب أو القتل ونحوه، مسببا تهديد لحياة الإنسان ،  بل قد تكون أحد مسببات المرض النفسي فهي ظاهرة تهدد السلم العام في المجتمعات المختلفة . وإن أكثر الفئات تعرضا للتنمر هي الفئات المستضعفة مثل الطفل والمعاق والمراة والمسن والمختلف ، في الفكر أو التعليم أو اللون او الجنس ،وقد يكون بشكل مباشر بالإعتداء اللفظي وتبني منهج الإستعلاء الثقافي او الاجتماعي او العرقي ، وتوجيه الإيذاء مباشرة للضحية أو الرمق بالنظرة الجارحة او بشكل غير مباشر مثل إطلاق الإشاعات الكاذبة ،والإغتيال المعنوي للشخصيات العامة  كما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ،بإفتعال الأكاذيب وطرحها للتعليقات الشرسة  والتنابز بالالقاب المهينة  ،إليكترونيا أوبشكل مباشر وجها لوجه  بالتحديق بإيمائة او بنظرة جارحة وإطلاق الضحكات والنكات بغرض الاستهزاء  بالضحية وايذائها ، والتي قد تعاني من مرض ما او اي اختلاف عن مجتمع المتنمرين .
ويتعرض الأطفال وهم أكثر الفئات المتعرضة للتنمر وأضعفهم على الإطلاق  في بداية حياتهم الإجتماعية وخروجهم من حيز الأسرة الأمن نسبيا  إلى  المجتمع المدرسي  حيث الأقران والعاملين ،او قد تمتد الى بعض الأساتذة من المعلمين والمعلمات بجميع انتمائاتهم الفكرية والثقافية والدينية ، وقد تؤخذ بشكل التندر والفكاهة والاستخفاف ، في بداية الأمر  ولكنها قد تتحول الى ممارسة يومية على أحد الأطفال المختلفين ،عن باقي المجموعة كإختلاف المستوى المعيشي  أو الدراسي او الإجتماعي او التكوين البدني ، كلون البشرة او طريقة التحدث او حتى طريقة المشي او تسريحة الشعر، او نوعيته ان كان ناعما او متموجا او أفتح لونا او أكثر قتامة .
يترسخ في ذهن  الطفل أن تعرضه للتنمر  شيئ عادي ولكن مع الأيام ، يجد ان التنمر يسبب له الضيق والإحساس السلبي والشعور بالدونية  الذي قد يؤثر على حياته التعليمية ،ونموه الفكري والمعرفي والثقافي، فقد يكره جلوسه بمقعده او دخول فصله الدراسي مرورا بكرهه لأحد المواد التعليمية الى إحساسه بعدم الإنتماء الي المجتمع المدرسي ككل ويتاخر دراسيا وقد وقد يتجه نفس الإتجاه ويفرغ طاقته السلوكية المكبوته.يتسرب من  التعليم من جراء التنمر عليه ، بان  يتحول هو الاخر الى ممارس للتنمرمنذ الصغر  على باقي زميلاته وزملاؤه ومجتمعه ويجب على الاسرة ان تتحدث مع طفلها وتوعيته باهمية الدفاع عن نفسه وعدم التأثر بالمتنمرين وزرع الثقة في نفسه وتوعيته بأهمية وجود الإختلافات في العالم وان من جمال الكون التنوع في كل شيئ وفي حقيقة الامر ليس فقط ان يدافع عن شخصه ولكن ايضا بعدم الاستهزاء بمن هم مختلفون عنه وان تكون الاسرة مثال حسن في قبول الاخر على اختلافه .

ومن هنا نجد تفشي لتلك الظاهرة السيئة والمسيئة للانسانية على الرغم ان جميع الاديان تحث على احترام الاخر، بل والحفاظ على حريته والتراحم فقد تحدث عنها صراحة في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الحجرات اية11 ) .واشكال التنمر عديدة ومتشعبة مثل النتمر اللفظي والتنمر الاجتماعي والتنمر في العمل  والتمنر الجسدى والجنسي والتنمر الاليكتروني .

وهنا اُؤكد دوما على ضرورة التوعية بأهمية تعليم الفنون بكل اشكالها  والأداب التي تهذب الروح وتنشرالعلم و البهجة وتفتح افاق فكرية وفنية وتبني مكونا ثقافيا ومعرفيا يصنع الشخصية المنفتحه على الثقافات المختلفة منذ الصغر . وضرورة  تعميم ثقافة إحترام الأخر،وأداب الحوار والإنصات له وقبوله كما هو وعدم قولبته ، او الاستعلاء عليه او الهيمنة عليه ، بل التعرف على أفكاره كأحد أشكال الإنفتاح على ثقافة جديدة ،تحمل إرث ثقافي عائلى ومجتمعي ولغوي  مفيد .ومناقشة الأفكار بلا توجيه الهجوم الشخصي للأخر، بل الوعي إنه ثقافة متكاملة تعبر وتحكي عن حياة ومجتمع اخر،  يحمل معاني إيجابية في تبادل الخبرات الحياتية والإنسانية. إن التوعية بأهمية ذلك التنوع  الذي اقره الله في خلق هذا الكون ،وبدون التنوع لن يكون للحياة طعم أو لون أو رائحة ولا يطاق ، والترسيخ أن الإختلاف هو أمر أساسي وبه تبنى الحضارات فإختلاف المهن والتخصصات العلمية تُبني الحضارات والمجتمعات فلكل مهنة دور هام في تحقيق السلام المجتمعي، فقد عانت مجتمعاتنا المعاصرة من  الفكر الُاحادي المتطرف المبني، على  هيمنه فئة على ُأُخرى وفرض الوصاية عليها، وعدم إحترام الأُخر والتحقير من شانه، وجهده  وتهميشه وقد حصد الجميع نتاجه من إستقطاب عقول الشباب  للفكر المتطرف ، للانتقام من المجتمع الكافروالمتنمر والقاسي ليحلق به الى افاق الاستعلاء الزائف على المجتمع وانتشار الفكر العنصري ،الذي هو في حقيقة الأمر تطورا  للتنمر الذى تم تمريره من قبل المجتمع ولم يتم التعامل معه بوعى كاف حتى لا يتحول الي  اجدى قضايا الأمن قومي .