الأربعاء 30 أبريل 2025 06:22 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتورة ريهام نبيل حفناوى تكتب : لمسة وفاء لفارس الوفاء

د. ريهام نبيل حفناوى
د. ريهام نبيل حفناوى

إلى روح الأستاذ الدكتور خلف عبد العزيز الشاهدي .... أستاذ الادب المقارن بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة المنيا .... غفر الله له و اسكنه فسيح جناته ....

البداية ... قرية العذيب بسمالوط على بعد ما يقرب من ساعة من مدينة المنيا و فيها ولد الأستاذ الدكتور خلف عبد العزيز في الخامس و العشرون من نوفمبر عام 1967 . خرج هذا الشاب من قريته الصغيرة محتفظا بأخلاق الفلاح الأصيل لكي يلتحق بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة المنيا في عام 1985 و يتخرج منها وقد حصد الترتيب الأول على دفعته بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف مما اهله لتكليفه معيدا بالقسم في الثامن و العشرين من ديسمبر 1989 ... و بالرغم من الصعاب إلا انه اجتهد ليكون ذا شأن عظيم في عمله و بفضل عشقه للغة الفرنسية و الآداب بوجهه عام ، اختلط كطالب علم بأهل اللغة و نال مرتبه رفيعة لديهم و هذا بشهادة اساتذته. ودليل على اجتهاده ... حصوله على تمهيدي الماجستير من جامعة عين شمس كلية البنات في سبتمبر 1990 وهذا بالتزامن مع تأديته لسنة الخدمة العسكرية. و نتيجة بحثه الدؤوب عن فرص جديدة لتحسين مستواه اللغوي ... حصل من المركز الثقافي الفرنسي على منح دراسية ... كانت عاملا مساعدا في اتقانه اللغة و تحدثه بالفرنسية كأهل باريس ، من هذه المنح : دبلوم تأهيل المعيدين والمدرسين المساعدين في الصوتيات والطرق السماعية البصرية والشعر والتاريخ الاجتماعي الفرنسي و ذلك خلال العامين 1991-1992 . ثم تأهيله للسفر إلى فرنسا في منحه من الحكومة الفرنسية لدراسة دبلوم اللغويات والصوتيات التطبيقية من جامعة السوربون في يوليو 1992 و حصل فيه على تقدير جيد جداً. و استمر في البحث و التعلم و طرق كل أبواب العلم و المعرفة إلى أن انتهى من دراسة الماجستير و اجتيازه بتقدير ممتاز و ذلك عن موضوع ( السفر في ديوان ازهار الشر لشارل بودلير) في عام 1994 و يتم تعينه في درجة مدرس مساعد بداية من السادس من يونيو عام 1994 ... و يبدو أن عام 1994 كان عام الحظ السعيد بالنسبة له ففي شهر نوفمبر من العام نفسه عقد قرانه على زوجته الاصيلة السيدة نجلاء و استعدا للزواج في العام التالي و بعدها رزق باول أبنائه : ابنته الجميلة أماني في أغسطس 1996. بعدها استعد الباحث المجتهد واسرته الصغيرة في اعداد العدة للرحيل عن بلادة لمدة طويلة لطلب العلم و انهاء دراسته للدكتوراه في اكبر جامعات فرنسا و اعرقها و ذلك بعد حصوله على بعثة كامله لدراسة الدكتوراه هناك بداية من سبتمبر عام 1996.

و هناك كانت بداية مرحلة جديدة قام خلالها بطرق أبواب الثقافة المختلفة لتعلم جميع جوانب الادب الفرنسي و بالفعل كانت له مهارة خاصة في اكتساب الثقافات الغربية و تعلم فنون آدابها: كان يذهب ليحضر مع طلاب المدراس الابتدائية ليبدأ في تعلم الثقافة الفرنسية من اول الدرج ... كان يجلس مع الصغار امام مدرس التاريخ و الجغرافيا و العلوم ليتعلم ادق التفاصيل ثم ينتقل للمرحلة الإعدادية ثم الثانوية و ينتهي بطلاب الجامعة في ساحات جامعة السوربون يتبادل معهم اطراف الحديث و يتعلم منهم و يكتسب خبراتهم و يخرج معهم للمتاحف و المعارض الفنية و الأسواق التجارية و في الوقت نفسه لا يترك مكتبة الجامعة يبحث بين كتبها و ينهل منها كل ما هو نافع ثم يذهب ليلاحق استاذه البروفسير جان بسيير أستاذ الادب الفرنسي بجامعة باريس 3 السوربون الجديدة و يتابع محاضراته و ندواته هنا و هناك في أروقة الجامعة . و لم يكتف خلف المصري بدراسة الثقافة الفرنسية و لكن بفضل أن موضوع دراسته للدكتوراه كان في مجال الأدب المقارن و هو بعنوان ( تشعب أوجه البوس في أعمال ديكنز و موباسان و طه حسين) فكان عليه الانتقال بين بلدان كثيره ليقتطف ثمار الثقافات المختلفة و بالفعل سافر طالب العلم المجتهد إلى انجلترا ليزور مدينة لندن واكسفورد في الفترة من سبتمبر 1999 وحتى نهاية أكتوبر 1999 ثم إلى بلجيكا خلال شهر مايو 2000 و بعدها إلى هولندا خلال شهري نوفمبر و ديسمبر 2000 لينهي رحلاته بسويسرا خلال الفترة من أبريل 2001 إلى يونيو 2001 ، كل هذا خلال بعثته الدراسية ليصقل معارفه و ليتمكن من اغتنام ثقافات مختلفة يحملها في حقيبته و هو عائد إلى بلاده . و جاء يوم الحصاد في صباح التاسع و العشرين من نوفمبر 2001 في صاله وسط جامعة السوربون حضرت اللجنة المكونة من : البروفسير جان بسيير المشرف على الرسالة و البروفسير ستيفان ميشو أستاذ الادب الفرنسي جامعة السوربون الجديدة و البروفسير ان لاري الأستاذة بجامعة باريس 8 و الدكتور صبحي بستاني الأستاذ بجامعة ليل 3 ليناقشوا الطالب المصري النجيب و بنهاية المناقشة تم منحه درجة دكتوراة جامعة السوربون الجديدة بتقدير مشرف جدا في الادب العام و المقارن . و يومها جنى الدكتور خلف عبد العزيز ثمار جهده التي ككلها الله بالنجاح و بنهاية رحلته الدراسية في فرنسا اهداه استاذه خطابا يسلم للمستشار الثقافي المصري يشيد فيه بعمله الجاد مع عبارة ثناء نصها كالتالي :( إني اري أن مصر قد استثمرت فأحسنت حينما منحت السيد عبد العظيم بعثة إلى السوربون و يمكن للسيد عبد العظيم نظرا لجديته و تميزه أن يشارك في تطوير أبحاث الادب المقارن في بلده إذا ما سمحت له الفرصة بذلك) و ختم خطابه بتقديم الشكر قالا ( أشكركم على إرسالكم طالبا على هذه الدرجة العالية من الكفاءة أبدى اهتماما متواصلا بأبحاثه ) هكذا كان الدكتور خلف عبد العزيز في جميع جولاته يعود فائزا بالعلم تاركا بصمه لا تنسى في عقول من تركهم.

و عاد الدكتور خلف لمصر على مشارف عام جديد و بدأ عمله كمدرس للأدب العام و المقارن بقسم اللغة الفرنسية في الثاني و العشرين من يناير 2002 ، عاد و كله أحلام بأن ينقل كل ما تعلمه من علم و ثقافة إلى جامعته و بالفعل نجح في احداث تغير كبير في ادخال الطرق الحديثة في تعلم اللغة و كان له دور كبير في تحديث مقررات القسم و تحديثها بما يفيد طالب اللغة و بفضل مهاراته اللغوية و براعته في نقل المعلومة ، احبه طلاب اللغة و اخذوه مثلا و قدوة ، و هو عن نفسه عشق قاعات الدرس و بذل ما فيه وسعه لمساعدة طلاب العلم. و ظل يعمل هكذا إلى أن أتت له فرصة فريدة نوعا ما : حيث انه سافر ليعمل كأستاذ مساعد الأدب العام والمقارن بجامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية من أغسطس 2005 وحتى 2008م و كان الدكتور خلف أديبا بليغا في اللغة العربية أيضا و هذا ما ساعده في الفوز بهذه الفرصة . و الجدير بالذكر هنا أنه كان مترجما بارعا و كان يمتلك جميع مهارات هذا الفن و له فيه عدة محاولات ناجحة من اشهرها ترجمة رواية &سمكة من ذهب& لكليزيو عام 1999 و كتاب لاندرية رومان بعنوان رواية جديدة في قواعد اللغة العربية تمت ترجمته بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور علاء حمزاوي رئيس قسم اللغة العربية والذي تجمعه مع الدكتور خلف صداقة طويلة. أما عن انتاجه الادبي الخصب والذي لم يكرم عليه للأسف فهو مؤلف لكتاب أزمة الادب المقارن بالعالم العربي ، كما كان له مقال أساسي في جريدة القدس العربي و التي تصدر في لندن منذ عام 1999 و حتى عام 2002 ، و من اهم هذه المقالات :

- حول التصور العبري للغة العربية ، البحث اللغوي اليهودي يسخر علمويته لتجريد الحضارات الأخرى من موروثاتها ، لندن جريدة القدس العربي ، الثلاثاء ، 26 جمادي الثانية 1420 ( 7 سبتمبر 1999) .

- نهج جديد يهدأ المعركة بين الخطابين الأدبي والنقدي ، الأربعاء 26 جمادي ثانية 1420 (6 أكتوبر 1999) .

- عن ترجمة رواية سمكة من ذهب للكليزيو ، جريدة القدس العربي ، لندن ، الأربعاء 19 جمادي الثانية 1420 (، 29 سبتمبر 1999).

- قراءة تقاطعية لحصة العرب واسرائيل في جائزة نوبل للآداب ، الأثنين 9 رجب 1420 ( 18 أكتوبر 1999) .

- لقاء مع رئيس اللجنة الدولية للأدب المقارن البروفسير جان بسيير : للأسف الأدب العربي لا يحظى بالدراسة في الغرب ، لندن ، جريدة القدس العربي ، الأثنين ، 23 رجب 1420 (أول نوفمبر 1999) .

- الإسلام في المخيلة الغربية .. في مصادر الخطاب ، لندن ، جريدة القدس العربي ، الجمعة 27 رجب 1420 (5 نوفمبر 1999) .

- متروبوليتانية أدب القرن العشرين ، لندن ، جريدة القدس العربي ، السبت 29 رجب 1420 (6 نوفمبر 1999) .

- هل كتب طه حسين التاريخ الاجتماعي لمصر الحديثة أم مصر الأساطير اليونانية ، الأحد 29 رجب 1420 (27 نوفمبر 1999) .

- تأسيس مملكة الأساطير الفكرية في العالم العربي ، أغلبية متلقية ضحية للتجهيل الجماعي وأقلية مرسلة مصابة بعقدة المؤامرة ، لندن جريدة القدس العربي ، الأثنين ، 12 شعبان 1420 . (29 نوفمبر 1999) .

- قراءة في القواسم المشتركة حول الفصحى والعامية : هل ستغدو العربية الفصحى لغة الخطاب الديني فحسب أم ستلقى مصير اللاتينية ؟ ، لندن ، جريدة القدس العربي ، الثلاثاء 6 رمضان 1420 (14 ديسمبر 1999) .

- تلاميذ المستشرقين العرب اعتبروا العربية لغة ميتة وتراثها لا قيمة له بجانب الاكتشافات الغربية ، لندن ، جريدة القدس العربي ، الأربعاء 7 رمضان 1420 (15 ديسمبر 1999) .

- هل مصر نجيب محفوظ الرواية الموباسانية ؟ ، لندن ، جريدة القدس العربي ، الأربعاء 13 شوال 1420 (19 يناير 2000) .

- هل تعد الرواية العربية رواية بالوكالة أم مسخا برجوازياً ؟ ، لندن ، جريدة القدس العربي ، الأربعاء 24 شوال 1422 ( 9 يناير 2002) .

و في عام 2003 نشر مقال شهير بمجلة الجسرة الثقافية بالدوحة بعنوان ( من خطاب الأنا المبدعة إلى المخيلة النقدية).

و نشر أيضا قصص قصيرة بجريدة دنيا الوطن و هي اول صحيفه إليكترونية فلسطينية أسست عام 2003 و جمع بعض هذه القصص و قام بنشرها في مجموعة قصصية بعنوان فياجرا .

و هذا ليس غريبا عن (البروف) كما كان يلقبه أصدقائه و تلاميذه فكان محبا للغات و للغة القران مكانة كبيرة في قلبه ... حتى انه كان دائما يداعب أصدقائه من اهل اللغة العربية و يختلق موضوع جديلا يناقشهم فيه و يتبادل معهم حكايات هذه اللغة العذبة.

و بعد عودته من رحلة عمله بالملكة ... اجتهد اكثر في العمل و العطاء ووصل به الحال إلى قضاء اغلب ساعات اليوم بمكتبه بقسم اللغة الفرنسية ينهى اعمال و يشرع في تنظيم اعمال أخرى. و رغم مهارته و اجتهاده في العمل إلا انه سعى في الترقية لأستاذ مساعد في وقت متأخر، و قد نال الدرجة عن جدارة في الخامس و العشرين من نوفمبر 2012.

و في عام 2016 انتدبه قسم اللغة الفرنسية بجامعة أسيوط للعمل لمدة عامين دراسيين كان نموذج مثاليا للأستاذ و الاب ... يقول عنه زملاؤنا هناك انه أسس لهم جميعا منهجا إنسانيا كريما لن يتكرر و ترك بصمة مؤثرة على حياتهم الإدارية و العلمية ، ارسى قواعد العدل و الايثار كعادته أينما يذهب ، و جمع بين الأطراف المتنافرة بالحب.

إلا أن المرض اللعين لم يمهله ففي نهاية عام 2017 و بداية عام 2018 بدأت علامات الاجهاد و التعب تصيب الفارس القوي ... كثرت شكواه و إن لم يفصح عنها فبدأ في زيارة الأطباء ليكتشف في مارس 2018 ان المرض الخبيث كامن في جسده و هو السبب في انهاكه و بدأت رحلة العلاج المؤلمة ..... و طريق ملئ بالألم ، كان فيه صابرا راضي بقضاء الله ... لم يكل و لم يمل و لم يترك مكانه كأستاذ مهمته الأولى التدريس، بل كان ينسى المرض في عمله و لم يعير اي انتباه لأوجاع هذا المرض القاسي. كان يقاتله كعادته في كل معاركه كفارس جسور يرفض الهزيمة .

و في عام 2019 رغم مرضه و ما تركه على جسده من اثار إلى انه لم يتنازل عن واجبه في العمل كرئيس لقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة المنيا ، و احدث تغير جزريا في تطوير القسم ... اقام ندوات مصغره لتدريب المعيدين و اجرى ورش عمل تجمع أعضاء القسم لدراسة و مناقشة اسرار اللغة ... احدث حراكا حقيقيا و قبل ذلك زرع عقيدة العدل لتطرح ثمار الحب و الرضا بين الجميع.

إلى أن كانت إرادة الله و قدره في صباح يوم الاثنين الموافق للحادي عشر من أكتوبر فاضت روحه الكريم إلى بارئها ... انتقل لرحمة الله و ترك عالمنا هذا الفارس الشريف ، المقاتل الشرس ضد الظلم و الفساد. لم يكرهه إلا فاسد او منافق او جاهل بحقيقة قلبه و نواياه.

اما معرفتي به عن قرب كانت في اول يوم له بعد عودته من رحلة دراسته في فرنسا قابلته في مكتب الأستاذة الدكتورة هناء حمودة و كانت رئيسة القسم و قتها و ذكرت استاذي بانني تلميذته التي درس لي قبل سفره مباشرة لفرنسا و بدأت مرحلة معرفتي عن قرب بهذا الأستاذ القدير الذي لم يبخل علي من علمه ولا جهده ... تتلمذت على يده لأكثر من نصف عمري كتلميذة ترى فيه القدوة و المثل و تتمنى يوما أن تصبح في مثل ثقافته و علمه ... كان يرسم لي الطريق و يشجعني أن اقطعه بجهدي ... كان يكشف لي دائما عن مهارتي و لا يكل و لا يمل في تدريبي و تنمية قدراتي اللغوية و الإدارية . أنجزت طريق دراستي إلى أن حصلت على لدكتوراه تحت اشرافه بشكل ودي حيث انه سافر في هذه الفترة كأستاذ مساعد الأدب العام والمقارن بجامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية من أغسطس 2005 وحتى 2008م و كان يتابع عملي من هناك رغم انشغاله الشديد حتى حصلت على الدكتوراه. ليعود و يستأنف عمله في صيف 2008 و يجتهد لنقل خبراته التي اكتسبها من العمل في المملكة ليعلي من شأن الكلية القريبة إلى قلبه.

و في الخامس و العشرين من نوفمبر ترقى صاحب اللسان البليغ إلى درجة أستاذ مساعد في الادب المقارن و في نفس الوقت تقريبا حصلت انا على حقي في التعيين بدرجة مدرس بعد معركة طويله ساندني فيها بكل ما يملك من قوة و من درجة جديده في حياتنا المهنية بدأت العمل من جديد تحت مظلته ... اسند إليه في ذلك الوقت رئاسة كنترول التخلفات و كان له بصمة لا ينكرها احد في تأسيس هذا الكنترول بنسخته الجديدة ... كقائد كتيبة ... انتقى فرسان كتيبته لينفذوا سياسته و نهجه و اسند إلى بعد تدريبي مهمة نائب الكنترول هذه المهمة التي سأظل اتفاخر بأن استاذي علمني و دربني و وثق في ليهديني هذا الشرف و تولينا كتيبة د.خلف مهمة كنترول التخلفات لثمان أعوام متتالية ...كعادته ... لم يتكاسل ابدا استاذي عن عمل لم يرفض مهمه القيت على عاتقه ... كان يترأس كنترول و يعمل كنائب في كنترول اخر ... أسس مهام إدارية لم تطرح من قبله ... عمل بجد و بضمير و كان دستوره دائما الحق و رفع الظلم عن الضعيف ... كان يعشق اركان كلية الآداب و كان مدمن للعمل بشكل لا علاج له حتى في اشد لحظات مرضه .... كان عاشقا للتدريس ويرفض أن يترك قاعات الدرس ويود لو يدرس جميع المقررات .... كان يجد متعته في ذلك ... له رصيد كبير لدي أجيال من طلاب اللغة الفرنسية ....

و كان عاشقا للعمل إلى أن جاء اليوم الحزين في السادس عشر من مارس 2018 أكتشف استاذي بداية اصابته بالمرض اللعين و منذ ذلك اليوم اعد العدة للرحيل لم يخشى يوما الموت و لكن كان يدعو الله دائما أن يكتب له حسن الختام وان يتقبله عنده طاهر من كل ذنب ... بدأت رحله جديدة في حياته رحله مؤلمه لنا و لكل احبائه أن نرى الأستاذ القوي الشاب و هو مهزوم و ضعيف من جراء المرض اللعين إلا انه كان دائما يصبرنا و يقول لنا أن السرطان اللعين بالنسبة له بمثابة منحه الإلهية من رب رحيم أصابه بها ليختم حياته بالصالحات و رغم الم المرض اللعين إلا أنه لم يتخلى عن عمله بل اصر أن يكمل مهمته و يخط لنا الطريق من بعده و يترك لنا دستور نسير عليه اهم بنوده العدل و العمل و الحب و الرضا. جاء لنا برسالة حقق أهدافها اثناء توليه رئاسة القسم وظل لأخر لحظات عمره على عهده ... لم يقصر في عمله بل كان دائما يتحامل على نفسه لينجز ما كلف به.

و جاء اليوم الموعود و كانت إرادة الله النافذة في الساعة السابعة و نصف من صباح يوم الاثنين الموافق للحادي عشر من أكتوبر من هذا العام انتهت رحلة فارس الحق النبيل صاحب الانتصارات في جميع معاركه ضد الفساد و فارق جسده دنيانا ليستريح في ذمة الله. انهى رسالته كما كان يقول قبل رحيله و اطمئن على ذويه واوصانا أن نكمل مشواره على النهج نفسه و ان نتقي الله في عملنا و رزقنا و ان نرحم الضعيف و لا نتهاون في مساعدة الكبير و ان نتمسك بحبل الله ... ففي الاعتصام قوة و في الرضا محبه.

رحل استاذي و ترك لنا في القلب وجعا و في العقل عظة و نهج .

وداعا أيها الفارس ولنا في الجنة لقاء بإذن الله.

اعدك باني سأحافظ على العهد. وسألتزم بجميع وصاياك.

# تلميذتك : د. ريهام نبيل حفناوي