الجمعة 20 ديسمبر 2024 10:21 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الكبير وصفى هنرى يكتب : نستولوجيا

الكاتب الكبير وصفى هنرى
الكاتب الكبير وصفى هنرى

عندما استأجر والدي عام ١٩٥٥ شقة في حينا الجميل ( جنينة السادات ) على كورنيش النيل كان من أهم ( الكماليات ) التي أثث بها الشقة طبعا ثلاجة ، لم تكن ثلاجة تقليدية لحفظ الاطعمة والمشروبات ولكنها كانت لتبريد المياه فقط
كانت الثلاجة متصلة بصنبور للمياة مباشرة وكانت المياة تمر عبر مواسير عريضة ملتوية أو سربنتينا كما كنّا نطلق عليها وتنتهي السربنتينا بصنبور مياه آخر تنزل منه المياة
ولكي نحصل على الماء مثلجا كنّا نشتري كل يوم ربع لوح تلج بقرشين وكان يصل الربع في اوقات الذروة الصيفية إلى قرشين ونصف
كنّا نلف ربع لوح الثلج بقماش سميك أو خيش حتي نستطيع الحفاظ عليه أطول فترة ممكنة
ولأن جيراننا كانوا لا يملكون هذا الترف والرفاهية فكانوا يرسلون ابنائهم للتزود بالماء المثلج وكنت انا غالبا من يقوم بهذه المهمه وكنت املأ الأباريق المرسلة حتي آخرها وأحيانا كان الماء المثلج ( يتدلدق) على بيجامتي فيصل إلي ابن او بنت الجيران ناقصا ربعه
بالامس كنت في زيارة لشقيقي وجيه وزوجته سناء الذي مازال يسكن نفس البيت منذ قرابة السبعين عاما ، ونزلت اتفقد الحي شارعا شارعا و بيتا بيتا وأخذت في التقاط الصور لأسماء شوارع حينا
وأثناء تفقد أحوال الرعية في الحي لفت نظري سيارة نقل خفيف ( تريسيكل ) تحمل نفس الواح الثلج التي كنّا نشتريها منتصف الخمسينيات ودار حوار طريف بيني وبين البائع الذي اخبرني ان لوح الثلج يتراوح ثمنه بين الثلاثين واربعين جنيه وان زبائنه غالبا هم من محلات العصير ولما سردت له قصتنا ونحن أطفال مع ربع لوح التلج الذي كان ثمنه قرشين بادر بسؤالي يعني ايه قرش ويعني ايه سربنتينا فأجبته بلغة معاصرة شبابية دي حاجات قديمة ( فشخ )
وصفي هنري
السادات ٤ يونيو ٢٠٢٣
٢٧ بشنس ٦٢٦٤

fa5254233c61.jpg