الأربعاء 15 يناير 2025 02:07 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتورة سلوى سليمان تكتب : التعليم الفعال

دكتورة سلوى سليمان
دكتورة سلوى سليمان

شهد العالم في هذا القرن ثورة معلوماتية في جميع مجالات المعرفة، وهذه الثورة الهائلة تحتم على المؤسسات التعليمية أن تعيد النظر في أسس اختيار وتخطيط وبناء المناهج وأساليب التعامل مع المعرفة، من حيث طرق تدريسها، وأسلوب تعامل التلاميذ والمعلمين معها، هذا ما يعرف الآن باستراتيجيات التعليم الفعال.
وقد ظهرت الحاجة إلى التعلم الفعال لتجاوز قُصور الطرق التقليدية والوصول إلى مستوى الجودة و الفعالية المطلوبين لكل تعليم ناجح، بُغية الحصول على أفضل المُخرجات التي يمكنها مواكبة التطورات والمستجدات العالمية على جميع الأصعدة.

وفي هذا يشير الكثير من الباحثين إلى أن إعداد المتعلم القادر على القيام بدور إيجابي في عمليتي التعليم والتعلم يتطلب من علماء التربية والباحثين في مجال المناهج وطرق التدريس ضرورة البحث عن استراتيجيات تدريس تساعد المتعلم على بناء معنى لما يتعلمه، وتنمي ثقته في قدرته على حل المشكلات، فيعتمد على نفسه في التعلم، ولا ينتظر أن يقدم له المعلم الحلول الجاهزة للمشكلات التي تواجهه.

ولقد ظهرت العديد من النظريات التربوية التي اهتمت بكيفية بناء المعرفة لدى المتعلم، ومن هذه النظريات التي برزت في السنوات الأخيرة النظرية البنائية والتي تستمد فلسفتها من نظرية بياجيه في النمو المعرفي، وتستند إلى أساس فلسفي وتربوي وتهتم بنمط بناء المعرفة، حيث تركز على الأفكار المسبقة التي يمكن أن يستخدمها الفرد في فهم الخبرات والمعلومات الجديدة.

وبالتالي يحدث التعلم عندما يكون هناك تغيير في أفكار التلاميذ السابقة، وذلك عن طريق تزويدهم بمعلومات جديدة أو إعادة تنظيم ما يعرفونه بالفعل، كما أنه من ضمن مبادئها أن المتعلم يبني معنى لما يتعلمه بنفسه بناء ذاتيا، حيث يتشكل المعنى داخل بنيته المعرفيه من خلال تفاعل حواسه مع العالم الخارجي من خلال تزويده بمعلومات وخبرات تمكنه من ربط المعلومات الجديدة بما لديه وبشكل يتفق مع المعنى العلمي الصحيح.

ويتحقق التعلم الفعال إذا كان لدينا متعلمون يفكرون وينقدون يقرؤون ويناقشون ينخرطون في حل مشكلة أو إجراء تجربة عملية أو تحليل معطيات أو دراسة حالة أو غير ذلك من المَهمات المشابهة، البعيدة كل البعد عن ذلك المتعلم المتلقي السلبي الذي يستمع دون تفاعل، ويكتفي بتدوينه ليعود له لاحقا ليحفظه ويحاول حل التمارين على ضوء ما ورد فيه من معلومات.

و بصورة أكثر تركيزا نقول أن التعلم الفعال هو كل تعلم يدفع المتعلمين إلى استخدام مهام تفكير عُليا، مثل التحليل والتركيب والتقويم.
التعلم الفعال هو كل استراتيجية أو طريقة تدريسية أو تقنية تنشيط تُشرك المتعلمَ في أنشطة تدفعه إلى التفكير فيما يتعلمه.
وهو مرتبط بدرجة كبيرة بقدرة المدرس وإبداعه في إثارة اهتمام المتعلمين وانتباههم، وكذا بالعلاقة الإيجابية المفترضة بين المتعلمين ومدرسهم، وأثرها في التحفيز على التعلم.


والتعليم الفعال يُبنى على أساس التفاعل بين المعلم والمتعلم، بقصد تحقيق أهداف تربوية معينة ومنها تعليم موضوعات دراسية بعينها وفق أساليب متعددة قد تكون نمطية أو تقدمية، وهكذا يمكن أن يتحقق التدريس الفعال.

ويحتاج أيضا إلى بيئة تدريس مناسبة لذلك، وبيئة التدريس الفعال هي البيئة التي ينهمك فيها الطلاب في عملية بناء أو اختبار أو تطبيق لقدراتهم العقلية، يكون فيها الطالب مشاركًا لمعلمه وزملائه في العملية التعليمية، يكرس فيها المعلم جهده ووقته في جذب انتباه الطلاب وتشويقهم للدرس بشتى الطرق والوسائل.

وكذلك معلم فعال يمتلك أساليب وطرق واستراتيجيات متعددة، معلم يمتلك سمات وعلاقات إنسانية وعلاقات إيجابية بينه وبين الطلاب وفي المقابل قد لا يتحقق التدريس الفعال رغم اتباع المدرس لبعض أساليب التدريس الحديثة قد يعود ذلك بالدرجة الأولى إلى تدني العلاقات الإنسانية بين المعلم والتلاميذ والمعلم والزملاء.

دكتورة سلوى سليمان مقالات الدكتورة سلوى سليمان التعليم الجارديان المصرية