الأربعاء 15 يناير 2025 05:07 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الومضه الثالثه( الجزء الثاني)

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز يكتب : كوابيس واحلام اليقظه.

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز
الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز

كان عجيبا ان ينظر اهل الحاره الي النوافذ المعدنيه الجديده ( الالوميتال) نظره اعجاب وتبجيل ، ويحتقرون نوافذهم الخشبيه القديمه ويعتبرونها ولدت من زمن بعيد مع شمس الاصيل حتي اصابتها العته والتآكل ، اغتر بأناقتها الكثيرين حتي جامعي القمامه من الحاره فأطلقوا علي البيت التي غزت النوافذ المعدنيه عرضه وطوله ،لفظ الفيلا مع ان البيت لم تكن له حديقه غناء ولا ارض جرداء تنبئ بأن سوف تكون له في المستقبل القريب “حديقه” كي يحمل البيت اسما علي مسمي.
نزلاء هذا البيت يحسدهم اهل الحاره هم يستطيعون مراقبه الحاره ومعرفه كل صغيره وكبيره تجري بها صيف شتاء, ونوافذهم مغلقه ، فالزجاج يكشف لهم مساحات كبيره من الحاره عكس الشيش الخشبي الموارب الذي غالبا مايكشف الساعي في الحاره خلفه المُطل المتلصص والمتلهف ومن لديه ثمه تطفل وفضول ، فينادي الساعي :
اراك تطل من خلف الشيش، شايفك،فيتواري المطل سريعا وكأنه ارتكتب جرما كبيرا في حق جاره الساعي ليبلغ رأس الحاره.
اذا ابتلت الحاره واصابها برد الزمهرير ، تمتع برؤيه البلل ورذاذ زخات المظر من يقف خلف النوافذ المغلقه( الالوميتال)،اما ساعات الوطيس فالحاره تشبه الخلاء والفلاه ، ولايدخلها حال قيظها دخلاء .
شئ غريب احس به وحيد هذا البيت ( الشاب العازب ) يحركه نحو النافذه الزجاجيه العريضه ليرقب حبات المطر التي تتساقط بغزاره ناحيه وجه الحاره ومن ناحيته تكاثف بخار الماء ، لعله ان يكون الذي منحه الحركه تجاه النافذه ذالك الحنين الذي احس به نحو محبوبته في هذا الجو الاسطوري ، فاستعمل يداه يكتب اسمها علي الزجاج ، كما كتبه في الصيف الماضي علي رمال البحر المالح فمحته امواجه المتجدده في الحال ، ولكن الزجاج يمكن للاسم ان يستقر عليه مؤقتا حتي ينتهي من رصد احلامه للعام القادم ، لم يكن يعلم اخينا السنجل خطوره زخات المطر علي تكوينه الهرموني الذي يؤرقه دوما في فصل الشتاء فأطاع الحنين ينفذ اوامره في هدوء .
بعد ان انتهي من كتابه اسمها علي الزجاج ، مد اخينا الحالم نظره المفتوح علي مصراعيه نحو حبات المطر المتساقطه وبدأحلمه؛
سوف يحل العيد بعد شهر وفي العيد سأقدم لها خاتم من الالماظ ومحبس ، شيئا رقيقا ، احب ان أكون دوما متميزا ومختلفا عن من يَهب الذهب بالقنطار ، وبعدها سوف يتحدد ميعاد الفرح ، وهنا انتقل من معاينه الزخات الي معاينه حروف اسمها يردف للحروف في همس:
اتحبين ان ندخل القاعه الكبيره علي صوت علي الحجار( ادي الزين وادي الزينه) أم تدق المزيكا حزايني علي صوت فريد الاطرش؟ فيرد علي نفسه ، لا ..اغنيه الزين والزينه افضل! بعد الفرح سيأتي رمضان ولابد من ربط اواصر المحبه والصداقه من اجلها بأبيها ، الذي سوف ادعوه لبيتنا المتواضع للافطار معنا كل يوم ، وليس بعيدا ان اعزم امها وابيها عن اول مصيف لي معها ، فيعتذرون واقول حينها بركه ياجامع.
كلما زادت حبات المطر وذاد السقيع بالخارج توهج في شقه السفلي حومه الهرمونات فوجهته الي خلفته الاولي وطفله الاول الذي سوف يُسعد امه كثيرا ، فتعاتبه حروف الزجاج :
انت من اولها تريد اسعاد امك علي حسابي ، ينكر المعاتبه في الحال ويجيب نفسه، لازوجتي تحب امي كما تحبيني ولا تجرؤ علي اعتراض سعادتي وسعاده امي ، ومالذي يقع عليها من ضرر، ينظر الي الاسم مره اخري فتقدم له زوجه المستقبل اعتذار رقيقا مصحوبا بالقبلات ، التي كاد يحسها الان تنطبع علي كل خد من خدوده لولا اخاه المتزوج منذ عامين الذي اقتحم عليه حجرته واحلامه واحتضنه من الخلف يُغمي عينيه بكلتا يديه ليتفاجأ الحالم باليقظه ويردف في وجه اخيه :
ماذا دهاك ياأخي لقد كنت خفيف الدم والروح قبل الزواج ، مالذي اصابك ؟
اصابني كابوس منذ عامين لا استطيع الفكاك منه ، وكنت من قبل مثلك يأتي علي موسم الشتاء فأقف خلف النافذه وقفتك توجهني الهرمونات لأحلم احلام ورديه ، ولكي لا ينتابك انت الاخر الكوابيس ، ولاني احبك لانك اخي الوحيد سوف افتح النافذه علي مصرعيها كما تري..
فتح الاخ النافذه الزجاجيه علي مصرعيها ، واخرج رأس اخيه يغمره بالمياه فأصيب الاثنان بالبلل ، ومحيت الحروف ، وتبدد حلم اخينا الحالم بحبات المطر التي دقت راسه بمطارق من ماء اسقطتها عاي رأسه رياح عاتيه فأيقظته من احلامه الورديه ، ولكنها عجزت عن اغراق رأس اخيه المتزوج وايقاظه والنيل من كوابيس عش الزوجيه، تلكم الكوابيس التي تعصي عن تبديدها زخات المطر أو ريح صرُ عاتيه.

كوابيس واحلام اليقظه علاء عبدالعزيز وضات مقالات علاء عبدالعزيز الجارديان المصرية