الجمعة 27 ديسمبر 2024 01:48 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د.كمال يونس يكتب : طريق النسيان

د. كمال يونس
د. كمال يونس

بمرآها أدرك أن قلبه ينبض فأسلمه لها ،خاصة بعد أن أهدته ورقة مرسوما فيها زهورا،مكتوبا بحروف نورانية أهديك هذه الزهور التي رويتها بدمي فصارت لك حبا، واهدته صورة لها ، لتسطر ذكرياته حبا بريئا عذريا جارفا ، ملك عليه تفكيره الشاعري ، جميلة رقيقة مثل أميرات ألف ليلة وليلة ، أرقه حزن يتوارى خلف عيونها الكحيلة ، نبرة حزن تغلف أحلامها، أخبرته عن وفاة والدها بعد مرض عضال ،كانت شديدة التعلق به ، كان قد أرغمها على الالتحاق بتلك الكلية ،على غير رغبتها في الالتحاق بكلية الفنون الجميلة ، حين يلتقيان في الكلية أو يرافقها في العودة لمنزلها ، يتلكآن ، يركبان المترو عدة مرات من أول الخط لآخره عدة مرات، ثم يفترقان ويتخذ طريقه إلى منزله البعيد طربا بلقياها ،آملا في غد يراها فيه ، ذات يوم سألته ماذا ستفعل إن هجرتك ، مندهشا مستجمعا فتوة الشباب،خائفا من التفكير حتى في فقدها ،لماذا تهجرينني؟!!!.لن أسيء يوما إليك ،تعلمين هذا ، أجبني، ما أظنك ستفعلين بإرادتك، ولكن إن غدرت بي لن أسامحك مادام قلبي ينبض، وسطر أبيات من نظمه ،عنونها إلى التي سألتني ماهو مصيرك إذ هجرتك يوما ،سأهيم في الطرقات أشعث الشعر ..أغبر الوجه ممزقة ثيابي. أردد كلمات تقطر حسرة أبكي فيها حبي وشبابي،وبعض الناس يضحكون وأطفال لاهون يمزقون جلبابي ،وستذهبين بقميصي لأمي وتقولين هذا مصيره غدر الذئاب ،حياتي بعدك قبر وبقايا عظم وفتات لحم نهشه أحبابي ،هذا ياسائلتي عن مصيري بعدك فهل يرضيك شقائي وعذابي، تمر الأيام يعيشان ثوانيها قبل دقائقها ،فجأة تطلب منه يوما أن يعيد لها صورتها التي أهدته إياها ،لم يتوان ،بكل رقي ردها إليها مع رسمة الزهور ، أهكذا بكل بساطة ،لقد طلبتها والرجولة الحقة أن ألبي طلبك ،صورتك في قلبي ،تأنس بها روحي ، تسلل القلق لنفسه ، لاحظ تقلبها الشديد،غموض يتزايد ، ذات يوم بعد نزولهما سويا من الباص نظرت إليه في استغراب ،كأنها تراه لأول مرة ،لماذا ترافقني؟،ضحك ،ظنها مزحة سخيفة ، زادت تقلباتها ،أفقدته صوابه ،تارة تحبه ،تفرح لمرآه ،وتارة تستهجنه ،نجح ،ورسبت ،وأعادت سنتها الدراسية لعامين حتى نجحت أخيرا ،تخرج، عمل خارج القاهرة ،يحاول الاتصال بها ،تتملص منها ،تصده في قسوة ، تخرجت بعده بعدة سنوات ،أدرك أنها تعاني من اضطرابات نفسية شديدة ،ادت بها إلى المعاناة من تعدد الشخصية ،رحب أهلها به ورفضته رفضا باتا ، أعلن استعداده لزواجها وهو على علم تام بما تعانيه ، بعد عدة سنوات رآها تخرج من عملها ،أنطفأ جمالها ،ذهب بريق روحها ،تجعدت ملامحها ، أفاق من شاعريته ،ومضى كل في طريق .

d629fe2c2101.jpg