حكايات مصيرية
الكاتب الصحفي الحسيني عبدالله يكتب : حبيس الشاشة
الجارديان المصريةهل رأيتم في حياتكم محبوس اختياري؟
اعتقد أن الإجابة ستكون أن هذا درب من الجنون.
فعندما خلق الله الإنسان خلقه حر يحب العيش بحرية والتحرك بشكل مريح دون مسائلة .
ولكن مع ظهور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي اختارت الأجيال الجديدة الحبس الاختياري خلف الشاشات البيضاء يعيشون في عالم من الهلامية الافتراضية وكأنه عالم حقيقي دون النظر إلى الواقع والمستقبل
الأطفال من سن عام أو أقل إلى سن المراهقة في عالمنا العربي يرفضون إن يتركوا الموبايل بشكل قاطع . مما يسبب مشاكل أسرية حياتية داخل البيوت وقد يكون السبب الرئيسي لكل المشكلات الأسرية التأخر الدراسي وضياع الأبناء هو هذا التطور الملعون المسمى التكنولوجيا
ولعل سأل يسأل ماهو الداعي إلى كتابة هذا المقال؟
والإجابة إن ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هي دراسة فرنسية نشرت أخيراً وتم اعدادها بناء على طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتؤكد الدراسة علي
على ضرورة منع الأطفال من استخدام الهواتف الذكية ومعظم وسائل التواصل الاجتماعي حتى سن 18 عاماً،
وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة الجارديان أنه يجب منع الأطفال من استخدام الهواتف الذكية حتى يبلغوا 13 عاماً، كما يجب منعهم من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية مثل سناب شات، وتيك توك، وانستغرام، حتى يبلغوا 18 عاماً.
وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد طلب من العلماء والخبراء اقتراح إرشادات لاستخدام الأطفال للشاشات، بهدف اتخاذ الدولة خطوات غير مسبوقة للحد من تعرضهم للشاشات.
وخلصت الدراسة إلى نتائج شديدة اللهجة جاء فيها أن الأطفال بحاجة إلى الحماية من «استراتيجية صناعة التكنولوجيا التي تهدف إلى الربح لجذب انتباه الأطفال، واستخدام جميع أشكال التحيز المعرفي لعدم إبعاد الطفل عن الشاشة، والسيطرة عليهم، وتحقيق الدخل عبر ذلك».
وأضاف التقرير أن الأطفال أصبحوا «سلعة» في سوق التكنولوجيا الجديدة، وقال بلهجة شديدة «نريد أن يعرف القائمون على وسائل التواصل الاجتماعي أننا رأينا ما يفعلونه، ولن نسمح لهم بالإفلات من العقاب».
وقدمت الدراسة توصيات أيضاً منها أنه يجب منع الأطفال دون سن السادسة في رياض الأطفال من استخدام الشاشات بشكل كامل، وأنه لا ينبغي إعطاء الأطفال في المرحلة الابتدائية أجهزة لوحية للعمل عليها.
وتأتي هذا الدراسة استكمال لمشروع قومي فرنسي بدأ قبل ثلاث سنوات وتحديد في ١٧ يونيو عام ٢٠٢١ حيث
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتزامه الحشد لتشجيع القراءة كقضية وطنية فرنسية، من خلال المكتبات والمعلمين.
وأوضح في تغريدة على حسابه بموقع التدوين المصغر تويتر، : "لأنه يجب إعادتها إلى قلب الحياة الفرنسية، قررت أن أجعل القراءة قضية وطنية عظيمة".
وأضاف أنه: "مع المعلمين، والجمعيات، وبائعي الكتب، والمكتبات، والكتاب، سنحشد هدفًا واحدًا: جعل الناس يقرؤون!". ومنذ التصريح قبل ما يقرب من أربعة أعوام تعمل الحكومة الفرنسية على جعل
(القراءة) «قضية وطنية»، وقد وشرعت فى حملة توعية لتشجيع ممارستها، وعلى الأخص لدى الأطفال الصغار فى المدارس . مطلع عام ٢٠٢٣ هو مايظهر أهمية (القراءة) في الرابط بين التطور الفكري والتنمية فكلما تعلم الإنسان واكتساب مهارات جديدة استطاع المساهمة بشكل اكبر في التنمية
وهناك دراسة حديثة أُجريت حذرت من مخاطر عدم القراءة العميقة، وتقليص الوقت المخصص للقراءة مقابل تزايد الوقت المخصص لوسائل التواصل الاجتماعى، والإصدارات الإلكترونية. وهو ما يحتاج إلى ترابط القوى المجتمعية للحث على القراءة مثلما فعلت
جمعية «سكوت.. إننا نقرأ» وهي جمعية أهلية فرنسية تقوم بدور رائد فى تشجيع القراءة، ونجحت فى إقناع أكثر من ألف مؤسسة تعليمية فرنسية بتبنى فكرة العودة إلى القراءة بحيث تصبح نشاطا دراسيا يوميا لا تقل مدته عن ربع الساعة مهما تكن الظروف بحسب «تقرير » صحيفة نشرتها صحيفة «الشرق الأوسط» قبل عام ونصف تقريبأ
والحقيقة إن العودة إلى القراءة لا تعنى العداء مع وسائل التكنولوجيا الحديثة من الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعى.. وغيرها، فلابد من التكامل بينها جميعا دون تعارض، أو عداء.
القراءة العميقة لها فوائد ضخمة مثل تطوير التفكير، وتحسين الذاكرة، وتعزيز التركيز، والانتباه، وتطوير الحس النقدى لدى الفرد.. وكل ذلك كان وراء التقدم البشرى الهائل الحادث الآن، وفقدانه يعنى خسارة كبيرة للأفراد، والمجتمعات على السواء .