الأحد 8 سبتمبر 2024 05:02 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

د.كمال يونس يكتب : الزحام

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

راقب دائرة الضوء جيدا بمن فيها ، مستطلعا أي وسيلة سلكها غالبية من استقروا مؤقتا على القمة، والأسباب التي تجعلهم يحرصون بل يستميتون البقاء عليها ، مستبيحين أي وسيلة للوصول إلى غايتهم ، من ينطبق عليه المقولة الشهيرة هناك موجات تدفع بأضعف السابحين إلى الشاطىء، وأخر عشيرته ممن سبقوه ثبتوا السلم كي يصعد عليه من ينتمون إليهم فيصعدوا بسهولة ، من استطاع بجهده وعرقه في زمن كان يحتفي بالموهبة والعلم ليستقر على جانب هاديء على تلك القمة المضطربة ، من كان صعوده مرتبطا بتفننه في عبوديته لسادته ، ساعيا بكل دأب على تنفيذ أحلامهم التي اعتبرها أوامر واجبة التنفيذ، وصنف وراءه ماض ملطخ لعائلته يسعى للهرب والفكاك منه وتجميله ، لايجد سبيلا إلا الصعود للقمة ظنا منه أن الناس ساعتها من هالة الضوء التي تحيطه لايرون إلا حسناته ، لايلحظون أو يشغلون بالهم بسيئاته ، معظمهم تجار سياسة ، دين ، شعارات،نخاسون ، تجار رقيق أبيض ، ومروجون للتفاهات ، وجميعهم مترابطون تواجدا ، متصاهرون نسبا ومصالح .
في وسط القمة المزدحمة دوامة تتلقفهم، تطيح ، تدفع بهم للقاع بعد انكشاف سترهم وحقيقتهم ، هل تم اختراقه بفعل فاعل لتقصير ، أم أن أقرانه فضوه عنوة ؟!، تأمل كل تلك الأصناف والنوعيات ، علم أن إمكانياته وقدراته يفترض بها أن تصل به لقمة راسخة ، لا قمة ذات رمال متحركة ، وسراب ، لما تأكد من استحالة الأمر بعد محاولاته العدة العنيدة ، لجأ إلى القاع بحثا عن الاستقرار ، بعيدا عن التقلبات ، وكانت المفاجأة ، القاع مزدحم بأولئك الذين سقطوا على جذور رقبتهم من القمة ، وأيضا الذين حاولوا بكل الوسائل اللحاق بتلك القمة وبقعة الضوء بكل إصرار ، لم يستطع العثور أبدا على مكان له ، مما اضطره إلى الإعلان باحثا عن مكان يقضي فيه بقية عمره .

b5744174c403.jpg