الأربعاء 15 يناير 2025 02:06 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د.كمال يونس يكتب : عوض الله

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

منذ أن كان طالبا بكلية الطب كان شغله الشاغل أهل قريته الريفية الفقيرة ،ليس فقط من الناحية الصحية بل أيضا من كل النواحي ، إهمالهم لتعليم أبنائهم كي لساعدتهم في الحصول على لقمة العيش ،لولا تنبه أبيه الفلاح الأمي الفقير ويقظته وحلمه وإدارته لابنه العبقري،تشجيعه على التعليم ليتفوق ويصل إلى أستاذ بكلية الطب ،فاق أقرانه من الأساتذة في حب طلابه وتفانيه ،ورأفته بهم على خلاف الصرامة التي اشتهرت بها تلك الكلية وتشدد أساتذتها ،رزقه الله من وسع ،تزوج ،لم ينجب ، حمد الله وشكره ،لم يبخل على أبناء قريته فخصص لهم يوم إجازته ليعالجهم مجانا ،بعد أن يصلي الجمعة معهم مرتادا جلبابه الريفي ، ثم يصرفون العلاج مجانا على حسابه من الصيدلية القريبة من البلدة ،لكن فقرهم كان يؤرقه ،بدأ بأقاربه وجيرانه يسألهم واحدا تلو الآخر ماذا تتمنى لتصلح من حالك ،تنوعت طلباتهم مابين المساعدة في تأجير أراض لزراعتها ،جرار زراعي ،ماكينة درس أرز وقمح ، ماكينة ري، مناحل ،وغيرهنا مما يساعدهم في الإنتاج وزيادة دخلهم ،أما السيدات الفقيرات والأرامل فلقد انحصرت طلباتهم في ماكينة فرز اللبن ،ماكينة خياطة ، تعبئة وتغليف مواد زراعية ، محلات تجارية لبيع الأدوات المنزلية ولما كان قد أفاض الله عليه من رزق وافر كبير تدره عليه عيادته في العاصمة نظرا لشهرته،حقق مطالبهم شيئا فشيئا بنظام المشاركة ليحفزهم ،أما الكسالى فيسحب منهم مالم يحافظوا عليه من أدوات ،لم يعد في قريته طفل لايرتاد المدرسة ،ومعظم أبناء القرية الذكور أسماهم أهل القرية باسمه ،والكثير منهم أصبحوا طلابا في نفس الكلية التي يدرس فيها ، الأرباح التي تدرها تلك المشروعات أوقفها عليهم في صورة خدمات ، تحولت القرية على مدار سنوات لمدينة صغيرة ، فيها قبره الشبيه بالضريح ، وماتزال القرية على عهدها إذ يسمون مولودا ذكرا باسمه في كل بيت،عوضه الله حيا وميتا بمن يحملون اسمه ،ويبقون ذكره فمثله لاينسى .

6054c7d48e3a.jpg