الأربعاء 15 يناير 2025 11:39 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتبة داليا مهني تكتب : تعددت الأسباب والتخلي واحد

الكاتبة داليا مهنى
الكاتبة داليا مهنى

مما لا شك فيه أن وجود طفل من أصحاب الهمم في الأسرة ليس تحديًا للطفل ذاته فقط، بل هو تحدٍ للأسرة بأكملها. وليس كل من يواجه تحديًا قادرًا على الفوز؛ فهناك من يخسرون التحدي من الجولة الأولى، وبهذه الخسارة لا يخسرون الجولة فحسب، بل يخسرون إنسانيتهم أيضًا. سنتحدث هنا عن الخاسرين في تلك الجولة: الآباء الذين يتخلون عن أبنائهم من ذوي الهمم.

تخلي الآباء عن أبنائهم من أصحاب الهمم هو قضية مؤلمة ومعقدة تثير مشاعر الأسف والأسى في نفوس الكثيرين. هذه الظاهرة ليست مجرد مشكلة فردية تخص العائلات المتضررة، بل هي انعكاس لعدة عوامل اجتماعية، ثقافية، واقتصادية تؤثر على قرارات الآباء وتصرفاتهم. ومن المؤكد أن هؤلاء الآباء لديهم أسبابهم من وجهة نظرهم، ولكن في حقيقة الأمر، لا يوجد أي مبرر لهذه الأفعال المشينة.

تتعدد الأسباب والدوافع التي قد تدفع بعض الآباء للتخلي عن أبنائهم من أصحاب الهمم. قد يكون عدم الاستعداد النفسي لتحمل مسؤولية رعاية طفل ذي احتياجات خاصة هو العامل الأبرز. بعض الآباء يشعرون بالعجز أمام التحديات الجسدية، النفسية، والمالية التي تتطلبها رعاية طفل من أصحاب الهمم، خاصة في ظل نقص الدعم المجتمعي والخدمات المتاحة.

كذلك، الضغوط الاجتماعية والثقافية تلعب دورًا كبيرًا في هذه الظاهرة. في بعض المجتمعات، ينظر إلى الإعاقة على أنها وصمة عار، مما يدفع بعض الآباء إلى الشعور بالخجل أو الخوف من حكم المجتمع السلبي، فيلجؤون إلى التخلي عن أطفالهم بدلاً من مواجهة هذا الواقع.

وينتج عن هذه الظاهرة تأثيرات نفسية واجتماعية سلبية، حيث يترك تخلي الآباء عن أبنائهم من أصحاب الهمم آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الأطفال. هؤلاء الأطفال قد يكبرون وهم يشعرون بالرفض والعزلة، مما يزيد من معاناتهم ويؤدي إلى تفاقم حالتهم النفسية. الشعور بأنهم مرفوضون وغير مرغوب فيهم من قِبل أقرب الناس إليهم يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، زيادة مستويات القلق والاكتئاب، وصعوبة تكوين علاقات صحية في المستقبل.

علاوة على ذلك، يعاني هؤلاء الأطفال من نقص الدعم الأسري الذي يعتبر أساسيًا لنموهم وتطورهم بشكل سليم. وفي غياب هذا الدعم، قد يجدون أنفسهم في مؤسسات أو مراكز رعاية قد لا تلبي احتياجاتهم بشكل كامل، مما يزيد من شعورهم بالعزلة.

من الضروري أن يكون للمجتمع دور فعال في مكافحة هذه الظاهرة. يجب على الحكومات، المؤسسات الخيرية، والجمعيات المدنية العمل على توفير برامج دعم شاملة للأسر التي لديها أطفال من أصحاب الهمم. هذه البرامج يجب أن تتضمن دعمًا نفسيًا وتدريبًا للآباء على كيفية التعامل مع أطفالهم بشكل صحيح، بالإضافة إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتخفيف العبء الاقتصادي عن كاهلهم.

علينا أن ننتبه إلى أن تخلي الآباء عن أبنائهم من أصحاب الهمم هو جرح عميق في نسيج المجتمع، ويعكس نقصًا في الوعي والدعم المتاح لهؤلاء الأطفال وأسرهم.

ed0854bb736b.jpg