الإثنين 16 سبتمبر 2024 12:26 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الومضه ٥٩( جزء ثان)

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز يكتب : الفرصه الاخيره

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز
الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز

اطلقوا عليه في الحاره لفظ حوده العبيط ، ولكن ظل اللقب يتداول سرا بينهم وبين بعضهم البعض كي لاتتأذي أسره العبيط ذات الحسب والنسب والوسعه في كل شئ، خاصه في المال والابناء فالعم حافظ ابو حوده كان يمتلكك طينا وارضا زراعيه تدر عليه قناطير من الخير فحافظ علي ثرائه المتنامي ولم تكن لديه مشكله فقر اوعوز كمعظم رجالات الحاره مما مكنه ان يكون اب لاربع اولاد وثلاث بنات ، حظي اثنتين منهم بالزواج وحوده صغير مازال يُحمل علي صدر امه ، وظلت اصغرهم بلا زواج لانها لم تبلغ سن الرشد بعد .
بلغت روميساء سن الرشد وخَرطها خراط الصبايا ، فسعي كل شباب الحاره يريدون خطبتها والارتباط بها، ولكنهم كانوا يقدمون رجلا ويؤخرون الاخري بسبب توجسهم وخوفهم من أخوها المدلل حوده اخر عنقود السيد حافظ والست جمالات، وبلغ من التدليل مبلغا عظيما جره لان يكون أحمقا في كثير من المواقف والظروف . عانت الست جمالات في حِمله فوضعته ابن سبعه أشهر قبل اكتمال نمو عقله كاملا ، يومها ابتهج "حافظ "ورفع طرف شاربيه الي الاعلي مفتخرا بنفسه وبقدرته الجنسيه التي مازالت تعمل بعد الستين بينما شباب الحاره اصحاب الموبيلات يلهثون ويتشقلبون لجل الاتيان بحته عيل فلايأتون به الا بشق الانفس " هكذا تحدث عم حافظ الي اهل الحاره يوم الاحتفال بمولد ابنه السابع ابن سبعه الموكوس و المنقوص.
لم يبقي في منزل الحاج حافظ سوي رميساء واخوها المدلل حماده الذي كان يحارب كل من يتقدم لخطبه اخته كي لاتتركه وحيدا في البيت الكبير، رميساء كانت ترعاه منذ ولادته فصارت أم اخيها، لذا كان لايريد الا تفارقه ابدا ، وعقد العزم علي تطفيش العرسان ، أولهما كان أحد شباب الحاره الذي ضرب مع العم حافظ موعدا للقاء كي يتقدم لصاحبه الصون والعفاف الجميله رميساء ،يومها انصرف اهل العريس غاضبين ولم يفاتحوا العم حافظ في الموضوع بعدما قلب الطفل الكبير "حماده" الجلسه الهادئه ضجيجا بزمارته ولم يقوي احدهم لا من اسره العريس ولا الحاج حافظ نفسه علي إسكاته أونزع المزمار من بين يديه أوشفتيه، يومها خرج عريس الغفله حانقا يتمتم ببعض كلمات مفادها " يغور الجمال مع هذا الخال المفترض"
تكرر هذا الوضع مع باقي ابناء الحاره الذين يودن التقدم للجميله رميساء، تاره يستعمل معهم حوده المزمار وتاره اخري فرقعه البمب في حجره استقبال الضيوف، وثالثه الغناء بصوت مرتفع بمايشبه الصراخ ورابعا بشد المفرش من تحت صينيه الشاي فيقع الشاي في حجر العريس فينتفض ويذهب هو واهله الي غير رجعه.
كبرت رميساء وعبرت الثلاثون ولم يكبر اخوها حوده الذي كان سعيدا انها مازالت في حوزته لم يُغَربها عنه أحد ،واطمئن ان اخته التي ترعاه لن تتزوج من أحد قط وسوف تشاركه الاقامه في البيت الي الابد بلا زواج ،ولكن ابوه كان يتطوق لإكمال رسالته وتزويج الثالثه ، وهاهي الفرصه الاخيره جائته من خارج الحاره ، عريس دمث الاخلاق من عائله كبيره ابن احد اصدقائه القدامي المتريشين،يومها عقدالاثنين الام والاب اجتماعا مغلقا واتفقا علي تسريب ابنهما حماده من البيت وحبسه في محل الفراخ التابع لا حد مشاريع الحاج حافظ بالحاره ، خلصا الاثنين الي هذا الحل وبالفعل أوصي الحاج حافظ أحد عماله ان يقوم بحراسته حتي ينتهي اتفاق الخطبه وتدوي الزغاريد في بيت حافظ .
كاد اليوم يمر بسلام وينتهي بالزغاريد لولم يتحرر حماده من محبسه ، ولكنه تحرر بطريقه ما ، وتفاجئ الجميع بحماده يدخل علي الجمع السعيد حاملا في يده ريشه فرخ رومي كبير يقربها ويدسها في فتحتي انف ام العريس ناصحا اياها ان تعطس،فصاحت ام العريس:
من الولد قليل الادب هذا!!
لم يجيبها احد من الجالسين ولكن رميساء تحررت من جلستها وهرعت الي اخيها تحضتنه وراحت تقبله واردفت:
هذا أخي الأصغر حوده الذي كسر الموانع حتي لا أفارقه، ولست اقل منه وفاءا ، فمن يريدني انا واخي فمرحبا به ومن يتولي علي الرحب والسعه ، في ذالك اليوم ضاعت من حافظ فرصته الاخير ، اما رميساء فقد جاءها نصيبها بعد موت ابيها حاملا الاثنين معا هي واخيها.