الأربعاء 5 فبراير 2025 09:02 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : شفرة( إدريس ) خدعت إسرائيل

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

سيبقى نصر أكتوبر المجيد نقطة فارقة في تاريخ مصر المعاصر ، ورمزًا لشموخها وعزتها ، ولقد سطَّرَ رجال العسكرية المصرية وقادتها أروع ملاحم الفداء والتضحية والعبقرية لاسترداد أرض سيناء الطاهرة ، وضربوا المثل العظيم ، بمساندة شعب أعظم ، في الصمود وتحقيق النصر ،في الحروب الخداع والسرية مطلوبين، ومن اهم الأمور سرية الاتصالات بين القوات في الميدان ومراكز القيادة والسيطرة، حرب أكتوبر كان بها الكثير من السرية والخداع حتي تكون مفاجأة للعدو، واليوم نتحدث عن أحد طرق السرية والخداع لإخفاء الاتصالات بين قواتنا عن أذن العدو المتصنت باستخدام لغة شفرة لا يستطيع فكها او فهمها ، بطلنا اليوم هو (أحمد محمد إدريس ) مواليد عام ١٩٣٥في قرية تابعة لمحافظة أسوان جنوب مصر، تطوع أحمد إدريس بالقوات المسلحة المصرية ١٩٥٤ م، وحضر حرب العدوان الثلاثي على مصر سنة ١٩٥٦ ، ثم خدم في صحراء سيناء منذ عام ١٩٥٧ حتى حرب اليمن، وبعدها شارك في حرب ١٩٦٧ ، بطلنا اليوم كان له الفضل في فكرة استخدام اللغة النوبية كشفرة للتواصل بين القوات المسلحة المصرية مما كان لها الفضل في المساهمة في انتصار حرب أكتوبر ١٩٧٣، كان إدريس أثناء خدمته في حرس الحدود في عام ١٩٧١ م قد علم بانزعاج الرئيس السادات من تمكن العدو الإسرائيلي في كثير من الأحيان من فك شفرة العمليات للجيش ، وعندما لاحظ إدريس وجود علامات الحيرة على قائد وضباط الكتيبة التي يخدم إدريس فيها، ،فقام بالضحك وقال لهم: «نرطن بالنوبي» اي نتحدث بها لأن اللغة النوبية تنطق ولا تكتب بالحروف العربية، فأعجبتهم الفكرة وقاموا بإبلاغ قائد الجيش بها ، والذي تساءل عن عدد من حضر الحوار مع إدريس ، وكانوا خمسة فقط وعلم أنهم لم يسمعه أحد غيرهم ، فتم تقييد الصول إدريس بالأغلال الحديدية كنوع من التمويه والخداع ،وتم نقله في سرية إلى جهة غير معلومة ليجد نفسه في مقابلة مع الرئيس السادات والذي أعجب بالفكرة واقتنع بها ،وأمر بتنفيذها فتم نقل إدريس إلى مقر القيادة في سرية مع توفير عناصر نوبية في صحراء سيناء للتواصل مع إدريس حتى يوم ٥ أكتوبر ٧٣م لنقل التعليمات لقوات الاستطلاع ، حيث تم انسحابهم لبداية المعركة في اليوم التالي ، بهذه الطريقة لم يستطع العدو أن يتعرف علي أسرار الاتصالات المتبادلة بين القوات والقيادة، ونظير ما قدمه للوطن كُرَّمته القوات المسلحة في عام ٢٠١٧م بوسام النجمة الذهبية ، وفي عام ٢٠١٩ وفي لقاء تلفزيوني تحدث عن سر الشفرة والتي خبأها لمدة ٤٠ عاما حتى عن أولاده ، إلى أن سمح له بالتحدث عنها وتم انتاج فيلم تسجيلي عن الخدعة وسُمّي "الشفرة"،في ٢١ سبتمبر من عام ٢٠٢١ أعلنت أسرته بالصحف المصرية عن وفاته وتم دفنه بمقابر الأسرة بمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية ، رحم الله البطل إدريس ابن صعيد مصر الذي سطر اسمه بين أبطال أكتوبر.