الخميس 26 ديسمبر 2024 05:12 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : التيك توك وغياب القدوة الحسنة

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين


نحن أمام أرخص استعمار وأسهل تغييب لعقول أجيال كاملة بأيفون ذهبي وساعة ألماظ ،{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} ﴿٧٢﴾ سورة الحجر ، إن أجندة تغيير الوعي بأيفون ذهبي وساعة ألماظ على التيك توك ،هذا أرخص مبلغ يتم دفعه لتغيير وعي أجيال كاملة ، إننا لسنا في عصر التفاهة ، نحن في عصر نشر التفاهة المُتعمد والمُمنهج والمخُطط له بإتقان! ،يظهر البعض على التيك توك والمنصات الترفيهية ، ليُقدموا لنا محتوىً تافهًا يستهلك الأذهان والأعمار في اللاشيء، لكنهم يطمعوا بتدفق أموال خارجية ضخمة من جهات غير معلومة ، بشكل غريب ومريب وهدايا مذهلة ،والنتيجة ستكون أكثر إذهالاً ،إذ ستتحول بعدها بأيام قطاعات كبيرة من الصبية والفتيات الصغار لمحاكاة هؤلاء العمالقة الذين يحصلون على أموال ضخمة بدون عمل ولا دراسة ولا مجهود، فقط يقدمون التفاهة والخلاعة وخدش الحياء في إطلاقها، ومع الوقت ومع كثرة هذه النماذج سيتغير الوعي وتتغير الأهداف وتتغير القدوات وتتغير ثقافة المجتمع وكل شيء ، إنه عصر السكرة للأسف أصبح هو المنطق السائد في البلد ، مطربي المهرجانات واليوتيوبرز والبلوجرز ولعيبه الكورة ، أصبحوا هما اللي راكبين التريند وبقوا المثل الأعلى للجيل الحالي إلا من رحم ربي ،لأنهم ببساطة استطاعوا ان يحققوا المعادلة الصعبة ،شهرة ومعجبين ،فلوس كتير لم يكن يحلم بها اجدادهم ، هذا مع أخبارهم التافهة التي يغطيها الإعلام الفاسد ، والذي يغفل إلقاء الضوء علي اي نماذج ناجحة تانية في البلد، هذا بخلاف مشاكل التعليم وغياب دور المدارس ودُور العبادة في تربية النشء وتصحيح مفاهيمهم وأفكارهم، بالله كيف تقنع ابنك او بنتك انهم لابد أن يجتهدوا يذاكروا وينجحوا، ويتفوقوا كي يشقوا طريقهم للنجاح في الحياة ، ويبقوا علماء او باحثين او مهندسين او مدرسين او او ، وهم يرون النماذج التي طفحت علي ساحة المجتمع وقد حصلت علي كل شيء من لا شيء، دون مجهود او تعب، نحن أمام أرخص استعمار للعقول ، ذلك الوباء والبلاء الذي ضرب المناعة الاجتماعية للمجتمع المصري ،ولوث أسماعنا وأبصارنا ، وانحدر بالذوق العام وقيم المجتمع ،تحاول أن تفرض علي المجتمع قيم التفاهة وخدش الحياء ، وبعد أن تراجعت القدوة الحسنة وتوارت خلف قضبان التعتيم والنسيان المتعمد ، فهل هناك من سبيل لوقف هذا الزحف اللا أخلاقي .