الخميس 26 ديسمبر 2024 10:13 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حكايات مصيرية

الكاتب الصحفي الحسيني عبد الله يكتب : ترامب عاد

الكاتب الصحفي الحسينى عبدالله
الكاتب الصحفي الحسينى عبدالله

بعدما تم الإعلان عن فوز المرشح الرئاسى دونالد ترامب البالغ من العمر ٧٨ عاما بالانتخابات الأمريكية في ولايته الثانية فقد شغل منصب الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة من الفترة 2017 إلى 2021، والرئيس المنتخب الحالي بعد انتخابات عام 2024، حيث أنه سيتولى منصبه كرئيس رقم 47 في 20 يناير 2025. وتعهد دونالد ترامب، الذي سيعود إلى البيت الأبيض وفق نتائج الانتخابات الرئاسية، باتخاذ إجراءات بشأن قضايا تشمل الهجرة والاقتصاد والحرب في أوكرانيا، ومنع العابرات جنسيا من المنافسة في الرياضات النسائية، والإفراج عن من يعتبرهم "سجناء سياسيين" من المتهمين من أنصاره بارتكاب أعمال عنف أثناء اقتحام مبنى الكونغرس في سنة 2021.
ومنذ إعلان النتيجة تبادرت إلى الاذهان عشرات الأسئلة لماذا فاز ترامب بالانتخابات بنتيجة ساحقة؟
وجاءت الإجابات في العديد الصحف حول العالم فقد ذكرت صحيفة التلغراف البريطانية، التي بحثت في أسباب فوز ترامب، وقالت الصحيفة "إن الإجابة على هذا السؤال تكمن فى أن ترامب بالنسبة لملايين الأمريكيين ليس مجنونا، وأضافت أن الأمر بالنسبة للناخب الأمريكى يتعلق بوضع الاقتصاد، فهم يشيرون إلى سعر الدجاجة المجمدة الآن، الذي وصل إلى 20 دولارا، بينما كانت تتكلف ما بين 10 إلى 11 دولارا قبل عامين".
وتشير التلغراف إلى "استطلاعات الرأي، التي قد أشارت إلى ثلاث قضايا كبرى فى هذه الانتخابات، وهى الإجهاض والديمقراطية والاقتصاد. وكانت القضيتان الأولى والثانية من نقاط قوة هاريس، والثالثة لصالح ترامب، حيث يتذكر الناخبون أنه خلال فترة ولايته الأولى، وقبل وباء كورونا ارتفعت سوق الأسهم وتراجعت البطالة إلى مستويات متدنية تاريخيا".

وقد حللت صحيفة نيويورك تايمز بقولها إن ترامب استطاع الفوز على هاريس بدعم أصوات من الناخبين السود واللاتينيين من الطبقة العاملة فى معاقل الديمقراطيين، وهو منح الحزب الجمهورى قاعدة مؤيديين متنوعة عرقيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهوريين ظلوا لسنوات يحذرون من محدودية قاعدة الحزب واقتصارها على البيض فقط. وأكد الخبراء الاستراتيجي للصحيفة أن القدرة على المنافسة على البيت الأبيض تعنى ضرورة الحصول على دعم من السود واللاتينيين والناخبين الملونين.
وفى هذه الانتخابات، استطاع ترامب أن يظهر لهم كيفية تحقيق ذلك.
فكان انتصاره على كامالا هاريس حاسما، واعتمد على ناخبين من معاقل للديمقراطيين. وأظهرت النتائج أن ترامب واصل هيمنته بين ناخبى الطبقة العاملة البيض الذين كانوا سببا فى صعوده السياسى. لكن حقق أيضا مكاسب فى الضواحى والمدن، بين الناخبين السود وحتى اللاتينيين.
وتقول نيويورك تايمز إن أداء ترامب لم يحول الحزب الجمهورى فجأة إلى تحالف متعدد الأعراق من الناخبين من الطبقة العاملة، وهو التحالف الذى يقول بعض الخبراء الاستراتيجيين أنه ضرورى للبقاء فى بلد سريع التغير. لكنه دفعه فى هذا الاتجاه.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه فى بلد يسوده الانقسام الحاد، لاسيما بين الفقراء والأغنياء والجامعيين وغير الجامعيين، كانت حتى التحولات التدريجية كافية لإعادة ترامب إلى السلطة ووضعه على المسار الصحيح للفوز بالتصويت الشعبى.
وأشار الخبراء الاستراتيجيون المحافظون الذين دفعوا الحزب إلى توسيع قاعدته إلى هذه التغييرات باعتبارها دليلا. بينما عانى الديمقراطيون الذين طالما اعتمدوا على دعم الناخبين من الأقليات.
ونقلت نيويورك تايمز عن النائب ريتشى توريس، وهو ديمقراطى من أصل أفريقى لاتينى، إن الخسائر بين اللاتينيين لا تقل عن كونها كارثة للحزب. وأعرب توريس عن قلقه من أن الديمقراطيين أصبحوا أسرى بشكل متزايد لما أسماه اليسار المتشدد الجامعى، والذى يهدد بافتقار للتواصل مع الناخبين من الطبقة العاملة.
وقد أشارت نيويورك تايمز إلى أن ترامب استطاع أن يخوض حملة قوية وفعالة تواصل فيها جيدا مع الناخبين، فكان هذا أحد أسباب انتصاره.
وقالت الصحيفة إن ترامب كان خبيرا فى التواصل، واستطاع أن يحول المخاطر القانونية إلى أسطورة، ففاز بأنصار جدد واحتفظ بالقدامى.
وفى عشرات الفعاليات، كان ترامب يتواصل مع كافة الناس فى مختلف الأماكن، سواء كانت الأمهات فى ضواحى واشنطن أو عناصر الجيش فى ديتريوت أو الإنجيليين فى جنوب فلوريدا وأنصار البيتكوين فى ناشفيل، ومشجعو كرة القدم الجامعية فى ألاباما وغيرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأحاديث مع الناخبين كشفت أنهم كانوا يرون فى ترامب كل ما يريدون رؤيته، واعتقدوا أنهم بعد سنوات عديدة يعرفونه ويعرفهم أيضا. بل كان الانطباع الذى أجمع عليه كثير من الناخبين أن ترامب "يستطيع أن يفهمهم".
أما عن قضية الهجرة فكانت أحد أسباب الدعم القوى لترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، حتى من جانب غير الديمقراطيين الذين سئموا من تدفق أعداد هائلة من المهاجرين غير القانونيين إلى البلاد.
وتقول نيويورك تايمز إن الارتفاع فى معدلات الهجرة عبر الحدود الجنوبية الأمريكية، والذى وصل إلى مستويات قياسية فى عهد بايدن، قد تردد صداه فى كافة أنحاء البلاد، وأدى إلى تشدد آراء العديد من الأمريكيين فى هذه القضية.
وفى حين كان التحول الأكبر بين الناخبين الجمهوريين، إلا أن الديمقراطيين أيضا والمستقلين، قد تحولوا صوب اليمين، بحسب استطلاعات الرأى التى أجريت فى الأشهر الأخيرة. من بين هؤلاء إيملى تشافير، التى ساندت الترحيل الجماعى وتعارض منح الجنسية لغير الموثقين الذين يعيشون فى الولايات المتحدة منذ عقود وذلك رغم أنها ديمقراطية. شيفر، البالغة من العمر 52 عاما، قالت إنه لا تطيق ترامب، لكنها صوتت له.
وأضافت أنها لم تصوت لجمهورى فى حياتها، لكنهم أصبحوا مغرقين بالمهاجرين الذين تكون لهم الأولوية عن احتياجات المواطنين.