حسين السمنودى يكتب : مزاد الشر: عندما تتحول المآسي إلى تجارة دموية
الجارديان المصريةفي عالمٍ يموج بالصراعات والحروب، أصبحت مآسي البشر سلعة تُباع وتُشترى على موائد المصالح الدولية والإقليمية. يُعقد "مزاد الشر" في الخفاء وأحيانًا في العلن، حيث يتنافس اللاعبون على استغلال المآسي لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، بينما يدفع الأبرياء الثمن غاليًا من دمائهم وأحلامهم ومستقبلهم.
مزاد الشر في غزة
غزة، ذلك الجرح المفتوح في قلب العالم العربي، باتت مثالًا حيًا على هذا المزاد. تُستخدم معاناة الأطفال والنساء كأداة ضغط سياسي، فيما تتنقل صور الدمار والضحايا بين وسائل الإعلام، لتتحول إلى مادة إعلامية هدفها تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة أو مكاسب سياسية لبعض الأطراف.
المزايدون: إسرائيل تواصل عدوانها بوحشية تحت ستار "حق الدفاع عن النفس"، بينما تسعى بعض القوى الإقليمية والدولية لاستثمار المشهد لإعادة ترتيب أوراق المنطقة.
الضحايا: مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار والجوع والخوف، لا يُنظر إليهم إلا كأرقام في تقارير دولية أو أدوات للتفاوض.
مزاد الشر في الحروب بالوكالة
الحروب بالوكالة أصبحت أبرز ساحات هذا المزاد، حيث تدعم الدول الكبرى أطرافًا متناحرة لتحقيق مصالحها.
اليمن: مأساة لا تنتهي، حيث يستمر الصراع بين الحوثيين والتحالف العربي، في ظل دعم خفي من قوى كبرى تُغذي الصراع لتحقيق مكاسب جيوسياسية.
أوكرانيا: الحرب الروسية الأوكرانية تحولت إلى ساحة استنزاف، تُستخدم فيها الأسلحة المتطورة كوسيلة لإبراز النفوذ، بينما يُترك الشعب الأوكراني ليواجه الفقر والدمار.
الإعلام والربح من المزاد
وسائل الإعلام العالمية والمحلية ليست بعيدة عن هذا المزاد. تُركز بعض المنصات على تغطية الحروب والمآسي بمنظور الإثارة لجذب المشاهدين وتحقيق أرباح الإعلانات، دون الاهتمام بحقائق المعاناة الإنسانية.
دور المؤسسات الدولية في المزاد
المؤسسات الدولية التي يُفترض أنها صممت لحماية حقوق الإنسان، أحيانًا تكون جزءًا من المزاد. قراراتها متأثرة بالمصالح السياسية للدول الكبرى، ما يجعلها غير فعّالة في وقف الانتهاكات أو إنهاء الصراعات.
السبيل للخروج من المزاد
إحياء الضمير الإنساني: يجب أن يكون هناك تحرك عالمي حقيقي قائم على الإنسانية، لا المصالح.
إصلاح النظام الدولي: لا بد من إعادة بناء مؤسسات دولية تعمل بجدية بعيدًا عن هيمنة الدول الكبرى.
تعزيز دور الشعوب: الوعي الشعبي والضغط من المجتمعات يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإجبار الحكومات على تغيير سياساتها.
"مزاد الشر" لن ينتهي إلا عندما يدرك الجميع أن الإنسانية ليست سلعة تُباع في المزادات، وأن لكل روح قيمة تفوق كل مكاسب السياسة والمال.