الخميس 26 ديسمبر 2024 01:06 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : جريمة غسيل الاموال ( أثارها ومكافحتها )

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

يُقصد بغسيل الأموال العملية التي يتم من خلالها إخفاء المصدر الحقيقي لدخل مكتسب بطريقة غير شرعية، وفيها يحدث على سبيل المثال “غسيل” الأموال المكتسبة من تجارة المخدرات او السلاح أو الآثار من خلال إدراجها في دورة رأس المال الاقتصادية والمالية ، وبذلك تُمْنَع سلطات الملاحقة القضائية من الوصول إليها وملاحقتها ، ويعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال متحصلة من جريمة أصلية وقام عمداً بأي مما يلي : تحويل متحصلات أو نقلها، وذلك بقصد إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك ، أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأصلية ، اكتساب المتحصلات أو حيازتها أو استخدامها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو التلاعب في قيمتها ، أو إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية لها أو لمصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها ، مما لاشك فيه ان هناك اسباب ادت الى تنامي ظاهرة جريمة غسل الاموال، ومن الضروري تشخيصها لغرض الحد منها كأجراء وقائي ، حيث من المتعارف ان الوقاية اقل كلفة من العلاج وهي من القضايا الفاعلة التي يجب الاهتمام بها ، واهم هّذه الاسباب : تنامي ظاهرة الفساد الاداري والمالي في ظل بيئة عدم المحاسبة لبعض مرتكبي هذه الجريمة بالرغم من وجود بيئة قانونية جيدة من حيث التشريعات والقضاء العادل ،️ وجود قصور في القيم الدينية والاخلاقية والاجتماعية لدى البعض ، ادت الى توجه رجال الاعمال والبنوك لعمليات غسل الاموال بسبب الارباح المتحصلة من تلك الجريمة، القصور الحاصل في النظام المصرفي حيث كان لهذا القطاع الدور الكبير في انتشار هذه الجريمة من خلال العمليات المصرفية وبيع العملات الاجنبية ، وكذلك القروض وعمليات البيع والشراء في السندات المالية ، قصور التنظيم الاقتصادي والاداري لعمليات الاستثمار المحلي والاجنبي في جميع قطاعات الاستثمار ، ظهور عمليات التحويل المالي الالكتروني بين المصارف المحلية والاجنبية نتيجة الثورة الهائلة في العالم الرقمي وعدم وجود ادوات رقابة فاعلة لمتابعة هذه العمليات ، السرية المصرفية المفروضة على الحسابات الشخصية وعدم بذل العناية اللازمة لمعرفة مصادر الاموال لاهتمام البنوك بالنقد الموجود في حسابات المودعين ،وعن الاثار السلبية لعمليات غسيل الاموال فعلي الرغم من أن البعض قد يرى أنه لا فرق بين الأموال القذرة والأموال النظيفة ، وأن الأموال القذرة تستطيع أن تساعد في دفع عجلة التنمية في دولة ما ، إلا أنه من الواضح أن اللجوء إلى الأموال القذرة يترتب عليه عدة نتائج سلبية ، يتمثل أهمها في إضعاف قدرة الدولة على تنفيذ السياسات الاقتصادية بكفاءة، ارتفاع التضخم المستوى العام للأسعار، إضعاف استقرار سوق الصرف الأجنبي وانتشار ما يعرف بالسوق السوداء للعملات الأجنبية خارج البنوك والمصارف الرسمية ، وجود خلل في توزيع الموارد والثروة داخل الاقتصاد ،توجيه الموارد نحو الاستثمارات غير المجدية على حساب الاستثمارات المجدية التي تسهم في التنمية ، كذلك تهديد الاستقرار المالي والمصرفي مع تهديد استقرار البورصات وإمكانية انهيارها ، أما الآثار السياسية اهمها انتشار الفساد السياسي والإداري واستغلال النفوذ ، الإضرار بسمعة الدولة لدى المؤسسات المالية الدولية ، استغلال الأموال المغسولة في تمويل الارهاب ، وعن الآثار الاجتماعية : وجود تفاوت بين الطبقات الاجتماعية ، صعود فئات اجتماعية دنيا إلى أعلى الهرم الاجتماعي، انتشار الفساد الوظيفي والرشوة وشراء الذمم ، عدم خلق فرص عمل حقيقية مما يؤدى إلى تفاقم مشكلة البطالة وتدنى الأجور للأيدي العاملة وتدنى مستوى المعيشة ، ايضا من مخاطر غسل الاموال إضعاف قدرة السلطات على تنفيذ السياسات الاقتصادية بكفاءة. إضعاف استقرار سوق الصرف الأجنبي. وجود خلل فى توزيع الموارد والثروة داخل الاقتصاد. توجيه الموارد نحو الاستثمارات غير المجدية على حساب الاستثمارات المجدية التى تسهم فى التنمية ، تجري مكافحة غسل الأموال بالتوازي مع التحقيق في الجرائم التي يرتبط بها. ويتمثل غسل الأموال في إخفاء أو تمويه مصدر العائدات التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، بحيث يبدو أنها تأتت من مصادر مشروعة. وغالبا ما يكون واحدا من مكونات جرائم خطيرة أخرى مثل الاتجار بالمخدرات أو النهب أو الابتزاز ،عقوبة من يقوم بغسيل الاموال: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مثل الأموال محل الجريمة كل من ارتكب أو شرع في ارتكاب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في هذا القانون إذا كانت الأموال متحصلة عن جنحة ، وفي الختام من الضروري التعرف على مدى إدراك موظفي البنوك التجارية واكتشافهم لعمليات غسيل الأموال ومدى وعيهم بالآثار السلبية لها ، وتطبيق التشريعات والقوانين لمكافحة هذه العملية ، كما لديهم الخبرة الكافية في متابعة واكتشاف العمليات المشبوهة التي تحدث والإبلاغ عنها وضبطها، والإضرار التي تسببها هذه العمليات على القطاع المصرفي والاقتصادي ككل.