الأربعاء 5 فبراير 2025 05:49 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

شحاتة زكريا يكتب : أبيدوس للطاقة الشمسية ..خطوة نحو ريادة مصر الإقليمية في سوق الطاقة

الكاتب الكبير شحاتة زكريا
الكاتب الكبير شحاتة زكريا

في قلب الصحراء المصرية ، حيث تلتقي الطبيعة الخالدة بالتكنولوجيا الحديثة ، تقف محطة أبيدوس للطاقة الشمسية كأحد أبرز معالم التحول في مشهد الطاقة العالمي. لم تعد هذه المحطة مجرد مشروع وطني للطاقة النظيفة ، بل أضحت جزءا من رؤية شاملة تسعى إلى وضع مصر في طليعة الدول المنتجة والمصدّرة للطاقة في وقت يشهد العالم تحولا غير مسبوق نحو البدائل المستدامة.

تمثل أبيدوس خطوة متقدمة في استراتيجية مصر الطموحة لتصبح مركزا إقليميا لتداول الطاقة. فالبلاد تمتلك موقعا جغرافيا استثنائيا يربط بين قارات العالم الثلاث ، إلى جانب وفرة مواردها الطبيعية من الشمس والرياح ، ما يجعلها مرشحة مثالية لتكون عقدة استراتيجية في شبكة الطاقة العالمية. ومع نمو الطلب على الطاقة النظيفة عالميا، تقدم مصر نفسها كشريك موثوق قادر على تلبية هذا الطلب من خلال استثمارات طموحة وبنية تحتية متطورة.

ما يميز محطة أبيدوس ليس فقط قدرتها على إنتاج الكهرباء من الشمس ، بل رؤيتها المدمجة في خطة أكبر لتحويل مصر إلى دولة تعتمد على مصادر متعددة للطاقة. فالمحطة ليست مشروعا منفصلا ، بل هي جزء من شبكة متكاملة تشمل مشروعات رائدة للطاقة الشمسية والرياح، إضافة إلى شبكات الربط الكهربائي مع دول الجوار. بهذه الطريقة تعيد مصر صياغة علاقتها بالطاقة ، لا كمنتج للاستهلاك المحلي فحسب بل كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الدولية.

لكن الطموح المصري في هذا المجال يتجاوز الأبعاد الاقتصادية. فمن خلال هذه المشروعات ، تسعى البلاد إلى الإسهام في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. يأتي هذا في وقت تتزايد فيه التحديات البيئية التي تفرض على الدول تبني سياسات طاقة أكثر استدامة. بالنسبة لمصر ، فإن الاستثمار في الطاقة النظيفة ليس فقط ضرورة بيئية بل هو فرصة لإعادة تعريف دورها على الساحة الدولية كدولة تقدم حلولا بديلة لمشكلات الطاقة العالمية.

لا يمكن الحديث عن محطة أبيدوس دون الإشارة إلى تأثيرها الإيجابي على المجتمع المحلي. فإلى جانب دورها في تعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة، توفر المحطة فرص عمل للشباب وتسهم في تنمية المناطق المحيطة بها. كما تقدم نموذجا ناجحا للتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، ما يعزز الثقة في قدرة الدولة على جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.

الطريق أمام مصر لتصبح مركزا إقليميا ودوليا لتداول الطاقة ليس خاليا من التحديات ، لكنه مليء بالفرص مع دخول مشاريع مثل أبيدوس حيز التنفيذ ، تتحول هذه الرؤية الطموحة إلى واقع ملموس يعكس إرادة قوية للتغيير. من خلال التزامها بالتنويع في مصادر الطاقة وتعزيز قدراتها التصديرية، تضع مصر نفسها في موقع القيادة ضمن مشهد عالمي سريع التغير.

ربما تكون أبيدوس محطة طاقة شمسية على الورق لكنها تمثل في جوهرها رمزا لطموح أكبر. طموح يدفع مصر إلى استغلال إمكاناتها الهائلة، ليس فقط لتلبية احتياجاتها المحلية، ولكن أيضًا لتقديم نموذج يلهم الدول الأخرى في المنطقة والعالم. فبينما تشرق شمس جديدة كل يوم على رمال مصر الذهبية، تشع معها أحلام كبيرة بوطن يقود العالم نحو مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.