طارق محمد حسين يكتب : لغتنا العربية في عيدها
الجارديان المصريةبمناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية ،اللغة العربية لغة الضاد، هي وعاء الحضارة الإسلامية وميراث الإنسانية الغني. في يومها العالمي، نستحضر روائعها وجمالياتها التي ألهمت الشعراء والفلاسفة والعلماء ، فاللغة العربية بما تملكه من مفردات وأساليب، تستطيع التعبير عن أدق الأحاسيس وأعمق الأفكار ببلاغة وسلاسة ،وهذا يؤكد دورها في بناء الحضارات ونقل العلوم. اللغة العربية هي لغة الأجداد وتراث المستقبل، تستحق الاحتفاء بها كل يوم، لا سيما في عيدها، لا يمكن لعين أو اذن أن تخطيء لهذا التراجع المريع للغتنا العربية ، التي صارت غريبة بين أهلها ، وقد ازاحتها عن عرشها لغة شعبية أقل ما توصف بالسوقية ، تبث بإلحاح وتقتحم حياتنا عبر كافة وسائل الإعلام من إذاعة وتليفزيون ، أفلام ومسلسلات وأغاني ومنصات التواصل الاجتماعي ، حتي صارت هذه اللغة الهابطة هي ما يجري على ألسنة الناس في حديثهم وتعاملاتهم اليومية ، والأخطر أن العربية تراجعت في أوساط المثقفين وحتي بين أهل الاختصاص، وهو أمر خطير لا يجب السكوت عليه ، فاللغة هي وعاء الفكر، وهي المعبر الرئيس عن الهوية وتفرد الشخصية ، وتشويهها يعني مسخا للشخصية وتفتيتا للهوية ، ويعد ضعف لغة المجتمع دليلا قاطعا على تدهور هذا المجتمع على كافة المستويات ، فاللغة ترتبط بأهلها قوة وضعفا ، ولابد لأمة تريد أن تتقدم أن يكون لها لغة قومية تصنع فكرها وتشكل عقلها ووجدانها ، إن ولع المثقفين من أبناء العربية باللغات الأجنبية والعناية بها أكثر من لغتهم الأصلية وافتنانهم بمظاهر الحضارة الغربية الخادعة ، تسبب في انفصالهم عن مجتمعهم الاصلي ، الي الحد الذي بلغ بنا ان نعلم اطفالنا اللغة الاجنبية حتي قبل ان ينطقوا العربية !! ، إن الجيل الجديد من الشباب والصبية اختاروا لغة جديدة يجرى التعامل بها ولها مفرداتها الوقحة جدا من وجهة نظرنا ، وصعود هذه اللغة إلي قاموس تعاملات الشباب ، يعني بناء أسوار من العزلة بينهم والمجتمع ، إن اختيار الله سبحانه وتعالى للغة العربية لتكون لسانا لوحيه ووعاء لأحكامه هو دليل علي صلاحية هذه اللغة للبقاء والاستمرار، وقدرتها على استيعاب متغيرات العصر، فالقرآن الكريم نزل بالعربية، وفيه قال الله تعالى: "إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" .هذا النص المعجز أبرز قوة اللغة وعمقها، حيث تتفاعل الحروف والكلمات لتخلق معاني بديعة تتحدى الزمن، إن أهل اللغة العربية هم أول من أساءوا اليها بإهمالهم لها بحدود استخدامها في الكتابة والخطابة فقط ،وبما أننا اتفقنا على أن وسائل الإعلام والتواصل قد ساهمت بشكل كبير في تدهور احوال اللغة العربية ، فإن هذه الأجهزة مطالبة بتحمل مسئولياتها في تصحيح المسار، وعلينا أن نسعي إلى عودة اللغة العربية الي مجدها القديم وأن نركز جهودنا علي مواجهة هذا الاسفاف ، إن لغتنا العربية حائرة تزاحمها علي أرضها كل لغات الكون بما فيها اللغة العامية بكل مفرداتها الركيكة ، فهل نجد أذان صاغية لوقف طوفان العولمة الجامح المهدد للغتنا بالضياع ؟ . كل عام وانتم ولغتنا العربية الرائعة في رقي وارتقاء ورفعة واتساع لعشاقها....