الأحد 29 ديسمبر 2024 08:18 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د.كمال يونس يكتب : مسرحية الجدار ..غثاء فكري وفني

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

بعد فوز مسرحية الجدار بالجائزة الأولى لمهرجان بغداد القومي الخامس والذي امتد عرضها لثلاث ساعات إلا عشر دقائق (170دقيقة)وسط اعتراضات علنية ومكتومة غطت عليها أصوات منافقة تؤيد وتنادي وتدافع عن حريتها الكاملة في عرض الغثاء والقبح المتدثر بالفن ،تحميها سلطة الردع وترهيب النقاد الذين تجاسروا واعلنوا اعتراضهم علنا وتم تحويلهم للتحقيق ، وأعرض في مقالتي هذا لمقالتي الناقد المسرحي
د.ثائر عبد حسين علي ،والذي تم تحويله للتحقيق بعد كتابة تلك المقالات ،
المقالة الأول
عاهرات أم مظلومات :
( النساء في مسرحية الجدار )
بقلم د. ثائر عبد علي
لن أستهل كلامي بمقدمات مطولة . فما أود طرحه يحتاج مواجهة مباشرة مع العقل والمنطق ومع المسرح بوصفه مراة للمجتمع . في مسرحية ( الجدار ) تقدم صورة النساء بطريقة تثير التساؤل : هل هن مظلومات أم عاهرات ، أم كلاهما معا؟ يقول سارتر " المرأة نصف ضحية ونصف متواطئة " . فهل هذه الشخصيات النسائية تمثل واقع المراة فعلاً أم أنها مجرد إساءة مقصود تلبس ثوب الفن ؟. دعونا نستعرض النماذج النسائية في المسرحية لنواجه الحقيقة دون مراوغة :
1. امرأة تمارس زنا المحارم :
شابه عاقلة تختار ان تعيش علاقة جنسية مع والدها لسنوات ، تجهض منه ثلاث أطفال . ثم تقرر قتله حرقاً بعد شعورها بالندم او شعورها بفتور العلاقة . هل هذه نموذج لامرأة مظلومة أم عاهرة ومجرمة ؟
2. الزوجة التي تراقب أغتصابها وبناتها :
امرأة متزوجة وام لبنتين تشك في زوجها بانه يضع مخدر في الطعام . تقرر الامتناع عن الطعام . ترى زوجها وأصدقاءه يغتصبونها هي وبناتها دون ان تتحرك ، وهي في كامل وعيها لكنها لاترفض وتكتفي بالتظاهر بالنوم! . بعدها ، تقرر قتل بناتها باغراقهن في النهر وتعيش في عذاب نفسي . هل هذه مأساة أم عهر مقنن؟ أم هذا الحل ليس سوى تجسيد أخر للذل والانحطاط . فهل هي مظلومة أم عاهرة وشريكة في الجريمة ؟
3. الاخت التي تتزوج اخاها :
شابة تتعاطى المخدرات مع أخيها ثم تتزوجه وتنجب منه طفلاً . إنها تمثل النموذج المتدني لامرأة لا تملك سوى نفسها . هل هذه صورة واقعية تعكس معاناة أجتماعية أم مجرد أستفزاز رخيص ؟ لان العرض يترك هذا الوضع دون محاسبة أو حل . فهل هي مظلومة أم عاهرة ؟
4. الرسامة القاتلة :
امرأة تمارس الجنس مع حبيبها بارادتها وبكامل قواها العقلية والعاطفية . ثم تقتله بفرشات الرسم وتستخدم دمه في تلوين لوحاتها الفنية . هل هذا ابداع أم انحراف وسادية ؟ .هل هذه امرأة مظلومة أم عاهرة ومجرمة ؟
5. البدينة القاتلة :
امرأة بدينة يستغلها حبيبها جنسياً ومالياً ثم يهجرها بسبب مظهرها. فتقررقتله وتقطيعه كقطعة لحم كأنه حيوان مذبوح . أهذا أنتقام مظلومة أم جريمة عاهرة ؟ هل هذا ما يراد من المرأة أن تفعله حين تظلم ؟ هل هذه امرأة مظلومة أم م م م عاهرة ؟
6. بائعة الشرف :
امرأة فقيرة تهجر عائلتها ويتوفى والدها ، وتبيع شرفها لرجل سياسي مقابل مكاسب مادية . وعندما يتركها تقتله بمادة الزرنيخ . وتواصل بيع جسدها وتمتهن الرقص والشذوذ . هل هذا سرد مأساوي أم تبرير فج للشذوذ ؟ هل هي مظلومة أم عاهرة وقاتلة ؟
7. السمسارة المتدينة :
امرأة تختبىء خلف قناع الدين ، ولكنها في الحقيقة سمسارة تتاجر بالاعضاء التناسلية . فهل هي مظلومة أم عاهرة؟
8. السحاقية المغتصبة :
امرأة منحرفة اخلاقياً ومشوهة المظهر تدير مكاناً غامضاً يشبه الفخ للنساء الهاربات . تستغل ضعفهن لفرض سيطرتها عليهن ، وتمارس بحقهن التعذيب والانتهاكات الجنسية . هكذا نموذج مظلومة أم عاهرة وشريكة بالجرم ؟
9. الهاربة الى التحول الجنسي :
امرأة ضحية لزوج سادي ، تتعرض لانتهاكات جسدية ونفسية . تهرب الى مكان اخر لتجد نفسها في بيئة أكثر عنفاً وقسوة ليستمر انتهاكها . تتحول الى رجل وتقتحم عالم المثلية ، فتنتهك نساء اخريات بزواج المثليات متبنية نفس السلوكيات التي كانت ضحية لها. لتصبح هي نفسها جلاداً !. المسرحية تقدم هذا التحول كحل . هل هذا حل لقضية أم تعزيز للانحراف ؟ وهل هي امرأة مظلومة أم عاهرة وشاذة؟
10. مسرح منقلب على رسالته :
عبر التاريخ ، كان المسرح أداة لتهذيب واصلاح المجتمعات وتقويم اخلاقها، وتسليط الضوء على قضاياها الحقيقية العامة. اليوم ، أصبح مسرح عهر يتغذى على الاثارة ، عارضاً حالات فردية شاذة يجعلها قاعدة تتصدر المشهد . هل هذا المسرح " الجديد " مظلوم أم عاهر ؟
أخيراً - الاستنتاج :
هل يناصر المسرح قضايا النساء فعلآ ؟ أم أنه يختزل المرأة في صور شاذة تدمر مكانتها ؟ اختيار هذه النماذج وتسليط الضوء عليها هو اغتيال مقصود لصورة المرأة . بل هو استغلال تجاري ساذج لصدمة الجمهور ، وتحويل المأساة الى مادة أستعراضية بلا غاية . ان عرض " الجدار " لا يقدم لنا سوى صورة لعينات مشوهة من النساء ، صور تجنب الواقع وتلعب على أوتار الانحراف ، الشذوذ ، واللامبالاة ألاخلاقية . فهل هذه النساء فعلآ نموذج للضحية ، أم هن مجرد أدوات للفضائح تمثل العهر بكل معنى الكلمة ؟ فهكذا اعمال مسرحية تتخلى عن دورها الاصلاحي لتغرق في مستنقع الاثارة والانحراف . ولا تقدم حلولً ، بل تقوي صورة نمطية سلبية عن النساء ، وتجعل من القلة الشاذة مرآة للغالبية . نحن بحاجة الى مسرح يعكس الحقيقة ، لا مسرحاً يبيع القبح ويعزز الظلم . قضايا المرأة ليست في المحارم ولا في القتل والسادية والمثلية ، ولا في الشذوذ والانتهاك المتبادل . تصوير المرأة بهذاه الطريقة هو خيانة لدورها في الحياة ولرسالة الفن . فاذا كانت مسرحية " الجدار " تهدف الى أستفزاز العقل والضمير لدى الجمهور ، فقد فعلت ذلك ، لكنها فعلت بأسوأ الطرق . ضنن منها بانها حققت نجاحاً . المسرح إن أراد نصرة المرأة ، يجب أن يعالج قضاياها الحقيقية . لا أن يتاجر بمأسيها .
المقالة الثانية
مسرحية "الجدار": خطر فكري وقيم مشوهة : د. ثائر عبد علي
بعد التحية لكادر العرض ومباركة جهودهم المسرحية المضنية ، أود أن أطرح رأيي بصراحة وبدون مواربة وبشكل صارخ وواضح : إذ أن مسرحية "الجدار" تستحق الوقوف عندها بعين الناقد اليقظ لما تحمله من أفكار خطيرة وتوجهات تثير القلق وتتنافى مع جوهر رسالة المسرح الرائدة وأهدافه الإنسانية في بناء المجتمعات . واسمحو لي أن أطرح رأيين في هذا السياق .
رأي أول
" الجدار" بلا شك عرض جريء ومميز بصريًا وادائيا وموسيقيًا، لكن جرأته الفكرية تثير الكثير من التساؤلات عن مغزى طرحها في مجتمعنا العراقي . العرض ينضح بروح أوروبية متعالية على الهوية المحلية وقيمها، ويتجاوز حدود الفن التعبيري الاصيل ليصل إلى طرح أفكار ملوثة قد تزعزع قيمنا وتطعن في أساسيات الأخلاق والعلاقات الإنسانية ، وقد تفسد العقول وتثير الفضول وتغزو النفوس بأفكار تجرح الفطرة السليمة ؟
رأي ثانٍ : تساؤلات نقدية
المسرحية بما تحمل من أفكار، تفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات العميقة حول الرسالة التي يراد إيصالها ( ثيمة العرض ). ومن هنا، أضع بعض الأسئلة التي تتعلق بعمق وخطورة ما جاء في العرض .
1. ما هي الرسالة الفكرية التي يدعو لها العرض؟: هل " الجدار " يناسب أهداف المسرح كمنبر للتنوير ونشر القيم الانسانية ، أم أن هدفه تقويض الأخلاق وتشويه القيم؟
2. هل يشجع العرض على العنف؟: بمشاهد الانتقام البشعة التي تدفع المشاهد إلى الشفقة على المظلوم وتحريضه ضد الظالم بوسائل تبرر القتل ، وتصوير الانتقام بأنه الطريق الوحيد للخلاص ؟ هل أصبح المسرح يبرر لنا حرق الجثث وتقطيع الاجساد وسمها بالزرنيخ وكأنه حل مشروع لتحقيق العدالة ؟: أي مبدأ إنساني هذا الذي يقودنا لهذا الانحدار الفكري ؟ أليس هذا انتهاكًا صارخًا لقيم الإنسانية؟
3. التحريض ضد الرجل أم أنتقاد الذكورية السامة ؟: هل "الجدار" دعوة صريحة أم غير مباشرة لتمرد المرأة، أم محاولة لتحريضها ضد "ذكورية الرجل " بطرق تجعل القتل مشرعأ قانونياً وكأنه الحل الأمثل؟
4. تهديم دور الأبوة: هل يعقل أن تكون دعوة لتشويه صورة الأبوة وتحميلهم جميع إخفاقات المجتمع، ومسؤولية كل ما يقع بحق الأبناء؟ أم محاولة لتدمير فكرة الأبوية والترويج للتمرد ضدها واستبدالها بفكرة الذات المنفردة المتحررة من سلطة الاباء وإشاعة القيم الفردية الهدامة: المسرحية أجدها تدعو إلى فردانية قاتمة، تشجع كل فرد على اعتبار نفسه وحده صاحب الحق المطلق.
5. تشويه صورة المرأة وتسليعها : هل تنحصر النساء في العرض ضمن أدوار "أجساد للمتعة"؟ إن لم يكن هناك أي نموذج إيجابي واحد يُعزز قيمة المرأة الحقيقية، فإلى ماذا يسعى العرض حقًا؟ هل يسعى لتأصيل مفهوم أن النساء لا قيمة لهن سوى كأدوات للشهوة أم وعاء لتفريغ حمولات الرجل . أم كيف صور العرض النساء ؟ ولماذا اختزل أدوارهن في الجانب الجسدي ، ولم يظهرهن ككيانات أسمى ؟.
6. تحريض على السلوكيات المنحرفة: هل ينشر العرض أفكارًا تحت قناع " كسر التابو " مثل ( زنا المحارم، ولواطة الاطفال، والسحاق، وتبادل الزوجات، واغتصاب النساء، وتجارة الاعضاء التناسلية، والقوادة ، والسادية الجنسية، والزواج الموقت، وزواج المثلية ) وغيرها من الانحرافات الأخلاقية بشكل ضمني ليثير رغبات وغرائز مكبوته غير مباشرة لتحفيزها في محاكأة ممارسات محرمة "إثارة الفضول"؟ هل المسرح الوطني الممول من المال العام أصبح سوقأ مفتوحاً للترويج للشذوذ والأنحرافات الاخلاقية المحرمة ، ولكل ما يخدش الحياء ويهدم القيم والاخلاق ويفكك الاسرة ويمزق البنى الاجتماعية والثقافية؟
7. الترويج للمثلية وزواج المثلية والتعاطف مع التحولات الجنسية ؟: هل يعمد العرض إلى تجميل المثلية الجنسية واستساغة فكرتها وإضفاء مبررات شرعية اجتماعية لها تحت ستار "التحولات من اجل البقاء"؟ ويصبح الضحية جلادا، والشاذ الخنثى نموذج ثوري وقائدا للثورة .
8. المؤمنون الواعظون مزيفون: هل يسعى العرض لتقديم الواعظين كفاسدين وزائفين ومنافقين؟ مما يثير تساؤلاً صارخا حول شخصيات العرض : اي نموذج يروج له العرض ؟ بتحويل شواذ القاعدة الى العموم ؟
9. تحريض على كراهية السلطة وتشويه صورتها: هل يهدف العرض لمحاربة الفساد فعلاً أم يحاول أن يزرع كراهية شاملة تجاه كل من يمارس السلطة؟ فهذا عبث ، بل تحريض غير مسؤول .
10. التشكيك في الثورات ودعوة للخضوع : هل يقصد العرض أن يجعل من الثورة فعلًا خاسراً فاشلًا أمام جبروت قوى الظلم، ليصبح الاستسلام هو الحل الوحيد؟ هل هذا هو دور المسرح ؟ مروجا لفكرة استحالة تغيير الواقع ؟ وتثبيط أي أمل في التغير ، وقتل روح المقاومة بدعوى أن " الظلم هو المنتصر دوماً " وهو "أقوى" من أن يُهزم؟ هل العرض يعارض الظلم فعلأ ، أم أنه يدعو للاستسلام أمامه ، وان العدالة مستحيلة ،( ضد الظلم .. أم للظلم !؟).
11. تشرين والجدار صدام الرموز في فضاء المسرح : هل مسرحية "الجدار" تروي حكاية تشرين بنظرة متناقضة. كمحاولة ذكية للتنديد بثورة شباب تشرين وتوجيه الإدانة لهم؟ هل كان استخدام الحوار " الاحزاب هم قتلوا أولادنا بالرصاص" وتزامن ظهور صور الشباب باقنعة جوكرية كمعادل صوري للحوار . إشارة متعمدة ناعمة لتجسيد هذا المعنى؟ لماذا تظهر الجوكرية كقوة مسيطرة على مكان افتراضي يستقبل ويحتضن تلك النسوة والحالات الشاذة والمنحرفة، في رمزية تبدو واضحة تشير إلى ( المطعم التركي )، المكان الذي اتهمت فيه السلطة شباب الثورة بأنهم جوكرية يهددون بتدمير "المدينة الفاضلة". فما هي المبررات الحقيقية لاستخدام "الجوكر" ورمزية عدد الشباب الجوكرية في هذا العرض وتوالدهم ؟ ولماذا تم تحويل هذه الشخصية الأجنبية إلى نسخة عربية عراقية تنجب اطفالأ بزي عربي وبيئة عربية مقنعين بقناع الجوكر؟
12. فضح الحقائق أم تأجيج الانحرافات؟ : هل يتعارض العرض مع مبدأ " ليس كل ما يُعرف يُقال " هذه القاعدة تحمي المجتمع من أن تصبح الحالات الشاذة ظواهر تُشجع عليها النفوس الساذجة في المجتمعات المحافظة، ما قد يؤدي إلى تطبيع الانحرافات السلوكية عبر تقديمها للعلن. كل مجتمع وكل بيت وكل فرد لديه افعال واسرار لا يتداولها علناً، لانها تضرب نسيج المجتمع. ( ربما الفكرة نبيلة .. ولكن لكل شيء مقدار ... وليس مطلق ). وبدلاً من معالجة هذه القضايا بذكاء، يقدم العرض قضايا مثيرة كأنها حقائق مسلم بها دون تقديم حلول بناءة ، ما يسهم بشكل غير مباشر في ترويج وتكريس الشذوذ. ينبغي أن يتحمل المسرح مسؤولية تناول الظواهر المجتمعية بمعايير دقيقة، بحيث لا يعرض حالات فردية شاذة عن القاعدة وكأنها ظواهر تطفو على السطح ، لأن ذلك يؤدي إلى منحها الشرعية بمرور الوقت. ويضع المسرح في موضع يساهم عن غير قصد في توجيه سلوكيات المجتمع نحو العنف والانحراف. لذلك لا يمكن للمسرح أن يكون بوقًا لمثل هذه الأفكار المسمومة، التي قد يدعي البعض أنها "جرأة " لكنها في حقيقتها مساس بقيمنا ومبادئنا. للمسرح دور مسؤول في بناء القيم وليس في هدمها وتفكيكها، فما يقدمه المسرح اليوم يتخطى حرية التعبير ويقترب من إغراق المجتمع في مستنقع الأفكار التي تتعارض مع الفطرة السليمة، وتساهم في نشر ثقافة التطرف الأخلاقي والسلوكي. لأنها ليست مجرد حالات شاذة، بل أفكار يمكنها – إن خرجت عن السيطرة – أن تتخذ طابع الظاهرة. وتحت ستار "التنوير"، يغذي هذا النوع من العروض، بشكل عكسي، انحرافات فردية وسلوكيات خطيرة تفتك بالنسيج الاجتماعي .أين هي القيم الأخلاقية التي يريد المسرح القومي زرعها في قلوب الناس؟ هل حقًا تشح علينا كفنانين عراقين القضايا الجادة والحساسة التي يجب مناقشتها في هذا الوقت العصيب. ينبغي أن تكون المسارح الوطنية حذرة في طرحها لمثل هذه القضايا، لانها قد تثير فضول البعض أكثر من توعيتهم فيتعاطف البعض مع الشخصيات ويمتثلون بها، وهذا يحفز البعض على الانتقام أو على تقليد الفعل الشاذ . واجزم بأن الفن والسلطة بامكانياتها وقوانينها لا تستطيع معالجة تلك الافعال ، لانها افعال ذاتية سرية تحدث داخل مناخات مغلقة وغرف مظلمة وبيوت سوداء محمية وبموافقة الطرفين . نعلمها فقط عندما يبوح بها اصحابها في مواقع التواصل القذرة المدفوعة الثمن وفي القنوات الفضائية المغرضة واجنداتها التسقيطية . ويأتي المسرح لتناول القرف والقذارة على خشبته المقدسة . لذلك لايحق للمسرح تناولها لانه لايستطيع اقتراح حلول لها بل سيساهم بالترويج لها ، واوكد بان الفن والاعلام سلاح ذو حدين . ولو تسائلنا نحن المعنين بالمسرح متى يحق للمسرح ان يتناول الحالات الفردية في المجتمع. هل عندما تصبح ظاهرة شائعة ومعرفة من قبل الجميع وبهذا تقع علية مسؤلية تناولها والتصدي لها. ام عندما تكون شذرات او يرقات بطور التكوين فيسعى لأحتظانها ورعايتها وإظهارها للعلن كي تنمو وتستفحل وتصبح ظاهرة اجتماعية، وبهذا يحق للجميع احقية تناولها مما يؤدي الى صعوبة تدارك تداعياتها لانها ستكتسب الشرعية بالتقادم كما اكتسب الفساد المالي والاداري في مجتمعنا العراقي واصبح غير معيبا ممارسة افعاله بل شجاعة وافتخار وقوة وجاه ونفوذ . هل المسرح اداة بناء ام هدم ؟. نحن نريد من المسرح ان يكون طبيباً جراحا ماهرا لتطبيب جروح المجتمع. أقولها بكل وضوح، هذا العرض، بما يروجه من قيم هدّامة، لا مكان له في مسرح الدولة الملتزم ، ولا يجب أن يكون هناك مكان له في مجتمعٍ محافظ . المسرح ليس بوقًا للانحراف _ المسرح ليس بوقًا للانحراف ، وليس ساحة لنشر أفكار تهدد سلامة النسيج الاجتماعي. كل مسؤول أجاز هذا العرض عليه أن يواجه المجتمع ليبرر كيف مرر عملًا يُسيء إلى ثقافتنا وقيمنا، ويخدم أجندات تسعى لتشويه صورتنا من الداخل . المسرح الوطني – إن كانت له رسالة حقيقية – يجب أن ينحاز إلى قضايا المجتمع الحقيقية " المسرح ابن بيئته " لا أن ينزلق إلى ترويج مظاهر الانحراف الأخلاقي تحت قناع حرية الفن.
واخيرا أجد من المعيب تقديم خطاب فكري مشوه بهذا الشكل أمام الأشقاء العرب والأجانب، والأكثر عيبًا أن تحمل مثل هذه الحكايات الفردية المنحرفة في حقائب سفرك وتستخدمها لتمثيل العراق في المهرجانات الدولية.
ولابد من تحذير إدارة المهرجان التجريبي من الآن من قبول عرض مسرحية الجدار في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي 2025

0a3b22cafff6.jpg
eb38b4ebfd46.jpg