الأربعاء 1 يناير 2025 07:12 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. عبدالله زلطة يكتب : هل يتمكن المجلس الأعلي من مواجهة التجاوزات ؟

دكتور عبدالله زلطة
دكتور عبدالله زلطة

يعد المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام أعلي سلطة إعلامية في مصر بمقتضي الدستور الصادر منذ أكثر من عشر سنوات، حيث تضمن ثلاث مواد تنص علي إنشاء ثلاث هيئات إعلامية : المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام ، والهيئة الوطنية للصحافة ، والهيئة الوطنية للاعلام . وحدد الدستور في مواده ٢١١ و ٢١٢ و٢١٣ الاختصاصات الرئيسية لهذه الهيئات ، ثم صدر قانون تنظيم الصحافة والاعلام رفم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ حاويا فصلا كاملا يتناول تشكيل وأهداف واختصاصات المجلس الأعلي، كما صدر لكل من الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للاعلام ، قانون مستقل ينظم تشكيل وأهداف واختصاصات كل منهما . وفي هذا المقال نلقي الضوء علي بعض جوانب من اختصاصات المجلس الأعلي والتحديات التي تواجهه في الوقت الراهن ، خاصة بعد إعادة تشكيله بقرار من السيد رئيس الجمهورية ، واختيار وزير الشباب والرياضة السابق المهندس خالد عبد العزيز لتولي رئاسة هذا المجلس . بداية نود أن نشير الي ماأكده القانون ١٨٠ بشأن طبيعة عمل المجلس ، إذ نص علي أن المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية ولا يجوز التدخل في شؤونه . وبالتالي فإنه ليس من حق أي سلطة من سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية ، التدخل في شؤون عمله ، مما يحقق له كافة الصلاحيات لاتخاذ ما يراه من إجراءات في مجال العمل الإعلامي المطبوع والمسموع والمرئي والرقمي . واذا كان الدستور ، في المادة ٢١١ قد حصر اختصاصات المجلس في مالايزيد عن أصابع اليد الواحدة، فقد جاء قانون تنظيم الصحافة والاعلام مانحا له ٢٣ اختصاصا ، مثل " وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل الإعلامية والصحفية بأصول المهنة وأخلاقياتها ، والحفاظ علي حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها " . كما منح القانون المجلس الأعلي كافة السلطات لاتخاذ القرارات اللازمة لرصد الأداء الصحفي والإعلامي ومتابعته ، وإعداد تقارير دورية تتناول وضع التعدد والتنوع في هذا الشأن، ورصد الممارسات الاحتكارية واتخاذ اللازم لمنعها ومكافحتها ، وغيرها من الاختصاصات ، التي يعد في مقدمتها مراقبة مصادر التمويل ، والمنع التام لأي ممارسات احتكارية، حتي لانفجأ بظهور شخص طبيعي أو اعتباري يسيطر علي شؤون الإعلام في مصر !

وقد شاهدنا في الآونة الأخيرة، وعقب إعادة تشكيل المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام ، نشاطا قويا وإجراءات نافذة بشأن ما تشهده الساحة الإعلامية من تجاوزات في بعض الأحيان ، وتفعيل لائحة الجزاءات التي سبق أن أصدرها المجلس منذ أكثر من ثلاث سنوات ، وتحوي ١٩ مادة تتصدي لكافة المخالفات ، كالسب والقذف باستخدام ألفاظ واضحة وصريحة ، إذ نصت لائحة الجزاءات علي معاقبة الوسيلة الإعلامية بغرامة فورية لا تزيد عن ٢٥٠ ألف جنيه واتخاذ اجراءات إحالة الاعلامي والفريق المخالف للتحقيق ، ويجوز وقف البث المؤقت للبرامج المخالفة أو وقف الأبواب الصحفية أو الصفحات التي ارتكبت المخالفة . عقوبات مشددة نصت عليها لائحة الجزاءات ، لردع كل من تسول له نفسه مخالفة المعايير والمدونات الإعلامية، والتحريض علي العنف أو الحض علي الكراهية ، أو استخدام عبارات سوقية أو غريبة أو تعبيرات أو ايماءات أو إشارات
تهين شخصا أو جهة ما ، أو عرض صور أو فيديوهات لمتهمين لم تصدر ضدهم أحكام بالإدانة، وغيرها من التجاوزات التي تتنافي مع الأعراف والتقاليد الاجتماعية ومانصت عليه مواثيق الشرف الصحفية والإعلامية. تحديات ضخمة تواجه عمل المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام لضبط إيقاع العمل الإعلامي في مصر ، بما لايتنافي مع حرية الرأي والتعبير والنقد المباح وحق المواطن في المعرفة .

ونحن علي ثقة من أن المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام ، في عهده الجديد ، سوف ينهض بصناعة الإعلام في مصر ، وهو مايتطلب جهدا كبيرا وعملا دؤوبا كي تستعيد مصر ريادتها الإعلامية في ظل منافسة قوية بين وسائل الإعلام العربية والدولية ، وفي ظل عالم ممتلئ بالصراعات الإقليمية .

* أستاذ التشريعات الصحفية والإعلامية بجامعة بنها )