جرجس نظير يحاور السوري احمد شيخو حول سوريا والمجهول
الجارديان المصريةالمشهد في مجملة كئيب، وتنبع كأبته من ضبابيته، سوريا الذي صعدت على جبل المجهول، بعد حرب طويلة الأمد، باردة الأنفاس، فاترة الأحساس، انهار النظام السوري كأنهيار برج التجارة العالمي، فالحرب الذي طالت حبالها سنوات، تقطعت فجأة، كأنها حبال ود صديق مزيف، واستقرت سوريا في أحضان العبث، ولكن نحن نري عبثا، والأخرون يرون ومشاهدون صيحات فرحة النصر، بين هذا وذاك، نريد أن نعرف ما حقيقية الوضع السوري الآن؟ وما هو المآل؟
وهذا ما سيوضحه لنا، الكاتب السوري الكبير أحمد شيخو
@ النظام الذي لا يلتفت لشعبه، يفقد أسباب البقاء
@المشهد السوري الراهن عبارة عن ارادة اقليمية ودولية
@هناك رغبة تركية للسيطرة على شمال سوريا
@يقينا هناك مخطط إسرائيلي أمريكي بالتوافق مع روسيا وإيران
@تزايد قوة داعش وانتشار التكفيريين بشكل كبير في سوريا
@سوريا أمام تحديات صعبة لعوامل عديدة أهمها سياسة اللون الواحد والتداخلات الخارجية
#كيف شاهدت مشهد سقوط نظام الأسد؟
_مشهد يبين أن كل نظام لا يعتمد على شعبه ولا يلتفت لشعبه ومطالبه المحقة في الحرية والديمقراطية والعدالة يفقد أسباب البقاء، كما أن ما حصل يعكس أزمة في بنية وعقلية الدولة القوموية الأحادية التي نعتقد أن عهدها انتهت، كما أن المشهد السوري الحاصل هو عبارة عن إرادة إقليمية ودولية تريد إعادة ترتيب المنطقة لتكون متوافقة مع أجندة النظام العالمي المهيمن، وخاصة بعد حرب غزة ولبنان وقبلها أوكرانيا.
وبلا شك دخلت سوريا بعد 8 ديسمبر مرحلة معقدة وصعبة مع سيطرة فصيل متشدد مصنف على قوائم الإرهاب على الحكم في سوريا وخاصة أن السلطة الحالية وتعيناتها من لون واحد، والمعروف أن الشعب السوري وفي ثورته أراد التخلص من سياسة اللون الواحد وليس تكراره. وبالتالي هناك خطورة على الشعب والدولة السورية نتيجة توقعات بحصول اشتباكات بين هذه الفصائل ونتيجة التدخلات الخارجية.
# ما هي اسباب سقوط النظام الآن؟ هل تخلى عنه حلفاءه؟
_لسقوط النظام أسباب عديدة منها :
1- أن زمن الدولة القوموية والحزب الواحد واللون الواحد انتهى،
2- كما أن الوضع الاقتصادي السيء نتيجة العقوبات واستمرار الحرب.
3- عدم وجود أفق الحل بسبب تعنت النظام وتبعية المعارضة للخارج، وبالتالي بقى القرار الدولي معلقاً رغم عقد العدد من الجولات والمسارات التي لم تعطي شيء سوى استمرار الأزمة ومعاناة الشعب.
4- عدم قبول النظام لحقوق المكونات والأطياف السورية، مثل حقوق الشعب الكردي الذي رفض نظام الأسد أن يبدي أية مرونة تجاهها.
5- وجود مخطط دولي إقليمي أراد أن يكسر الهلال الشيعي، بعد تمدد إيران في المنطقة وتهديدها لمصالح بعض القوى الإقليمية والعالمية.
6- وجود رغبة تركية لفرض وصاية على سوريا وسيطرتها على شمال سوريا.
#يرى بعض المحللين أن النظام سقط نتيجة خطة إسرائيلية تركية روسية، هدفها تقسيم التورتة، إسرائيل تأخد الجنوب مع الجولان والشمال لتركيا وطرطوس لروسيا والجزء الاوسط للميلشيات والطوائف المسلحة...هل توافق الرأي؟
_صحيح إلى حد كبير، أعتقد أنه هناك مخطط إسرائيلي أمريكي وبالتوافق مع روسيا وإيران تم استعمال تركيا كأداة لإسقاط الأسد حتى تزداد التناقضات التركية العربية والتركية الإيرانية والتركية الروسية وبالتالي تستفيد القوى الأخرى المتربصة بالمنطقة.
لكن لا نستطيع القول أن الخطة نجحت بشكل كلي لكن التحديات القادمة بعد سقوط الأسد ستكون كبيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة وحتى الدول التي تقول أن أنها صاحبة الوصاية والكلمة في سوريا لن تكون بعيدة عن تداعيات ما حصل في سوريا، لأننا نلاحظ تزايد قوة داعش وانتشار التكفيريين بشكل كبير في سوريا الذين كانوا في إدلب، وهناك العديد من الأنباء أن داعش ينشط حوالي دمشق وعلى الحدود السورية العراقية.
ربما يكون هناك توجه دولي لفرض واقع في سوريا ولكننا نعتقد أن الشعب السوري لن يقبل إلا بدولة سوريا واحدة وجمهورية سورية ديمقراطية رغم صعوبة الموقف وضبابية المشهد بعد 8 ديسمبر.
# منذ 13 عاما صاح أحد الإعلاميين أن القضية ليست بشار بل تقسيم سوريا إلى ثلاث دول وهناك صفقة بين إسرائيل وتركيا وأمريكا والاتحاد الأوربي لتنتهي قضية الجولان. فهل نجحت القصة وصدق التنبأ، وما مصير الاقليات؟ ما هو دور المجتمع الدولي فيما يحدث للاقليات في سوريا؟
_هناك محاولات كثيرة لتقسيم المنطقة ولكن من يعطي المبرر ومن يخلق هذه الأرضية هي الأنظمة الشمولية كنظام الأسد والفكر الأحادي كفكر البعث، بالطبع لدى تركيا مشروع العثمانية الجديدة الذي تريد وفقه العودة مجدد إلى مد النفوذ والتوسع داخل البلدان العربية. كما أن إسرائيل لديها مخطط ورغبة في الهيمنة على المنطقة، وقد راينا منذ 8 ديسمبر كيف أن هاتين الدولتين احتلتا أجزاء من الوطن السوري.
بالطبع تعاني المكونات الأثنية والدينية في سوريا حاليا نتيجة العقلية الإسلاموية والممارسات التي تؤكد تطرف هذه الجماعات فلقد تم الاعتداء على عدد من الكرد والمسحيين والدروز والعلويين وغيرهم رغم أن الإعلام لا يظهر ذلك لأن الغالب يريد التركيز على أجندات معينة والحصول على موقع قدم ونفوذ في دمشق الجديدة.
نعتقد أنه يجب أن لايتم الذهاب إلى الحالة الاستبدادية مجددا ولو تحت ستار الدين. وبالتالي المكونات أمام تحديات صعبة تزداد يومياً مع تفرد هيئة التحرير بالحكم وعدم مشاركة أو مشاورة المكونات السورية الأصيلة.
للمجتمع الدولي والعربي والإقليمي دور مهم بالنسبة لموضوع المكونات السورية وقد أكدت غالبية الأطراف على أن تكون سوريا لكل أبنائها وأن يتم الحفاظ على المكونات وحقوقها في الدستور القادم وأن يكون لهم دور أساسي.
5- ما لم يتدخل المجتمع الدولي ستغرق البلاد بالدماء خلال أسابيع .. باستثناء المناطق ذات الصبغة الواحدة التي تناسب مصاصي الدماء من التيارات المتشددة. وسينتهي الأمر بالتقسيم أو الفدرلة في كل الأحوال ..
#ماذا يفعل الشعب السوري؟ كيف ترى مستقبل الشعب السوري؟
_سوريا أمامها تحديات صعبة لعوامل عديدة أهمها سياسة اللون الواحد والتدخلات الخارجية، وبالتالي هنا يظهر أهمية المواقف العربية والدولية بأن يعملوا لضمان حقوق المكونات السورية، أما شكل الدولة السورية ونظام حكمها بالطبع يحق للشعب السوري أن يختار مايناسبه من نظم الحكم والدستور ومن الممكن أن يكون الصيغة اللامركزية مناسبة بسبب وجود أثنيات وعرقيات مختلفة ومن حقهم أن يعيشوا بخصوصيتهم وثقافتهم وأعتقد أن الضمان لعدم عودة الاستبداد هو النظام اللامركزي الذي يكون فيه السلطة موزعة بين مختلف الأقاليم وليس مجمعة في يد شخص أو حزب أو لون واحد.
أما مستقبل سوريا فهي على مفرق صعب أمام التعايش والتعدد وبناء جمهورية ديمقراطية أو اللون الواحد والفرض والإكراه والحرب، نتمنى أن تذهب سوريا إلى خيار الديمقراطية والبناء والإعمار ولكن العقليات والممارسات الموجودة الحالية في دمشق والتدخلات الخارجية ومحاولة بعض الدول فرض وصايتها تدفع باتجاه استمرار الحرب وبدء حرب جديدة كما هي موجوة الآن في شمال سوريا نتجة رغبة تركيا في تصفية المكون الكردي السوري وقوات سوريا الديمقراطية أحد أهم المكونات السورية التي لعبت وتلعب دور مهم واساسي في محاربة داعش والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها أمام التدخلات التركية ومشروع العثمانية الجديدة. وأعتقد هنا تظهر أهمية الدور العربي الذي يؤكد دايما على وحدة سوريا وسيادتها ورفض التدخلات الخارجية واحترام إرادة السوريين وأهمية ضمان حقوق كافة المكونات والأطياف.