الإثنين 6 يناير 2025 02:33 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

المسرحي العراقي د.حسين التكمة جي يكتب عن الإخراج المسرحي في عروض المسرح العربي

المسرحي العراقي د.حسين التكمة جي
المسرحي العراقي د.حسين التكمة جي

لعل من المتفق عليه إن المسرح العربي صاغ لنفسه خطا مسرحيا متأثرا بما قدم له المسرح الأوربي ، بكل تمفصلاته وتوجهاته ،إذ صبت في بناء مسرح لا يمكن الانسلاخ منه بوصفه حدد طرائق وأساليب ،أستند اليها المسرح العربي بدءا من كتابة النص والأداء المسرحي والنقد منتهيا بالإخراج المسرحي ،الذي هو الأخر لم يفلت من قبضة التوجهات الإخراجية والنظريات التي قدم لها العديد من المخرجين الأوربيين ، ممن تأثروا بمجمل المتغيرات الثقافية والفكرية والاقتصادية والسياسية فضلا عن الفلسفية ، تلك التي شهدتها أوربا من بداية عصر النهضة وما تلاها من افرازات سياسية واجتماعية واقتصادية ، انطلاقا من الفلسفة الوضعية عند أوكست كوم وما تلاها من مفرزات حتى في الفلسفة الحسية والحدسية عند نيتشة وكروتشه ، وما قدمت له المدارس والمذاهب والتيارات المسرحية المعاصرة ، انطلاقا من الواقعة والبيئي والحي والشمس وغيرها على يد الكثير من المخرجين الأوربيين ، ولعل من جرائها تغيب العقل وجعل الحس بديلا له ، بموت المؤلف والبحث عن سمات أكثر تمردا وقسوة مستندين بذلك على تقديم اشكال وصيغ بدائية تناوبت بين طقسية واباحية وخرافية وسمات اكثر تمردا وقسوة ، حتى باتت تلك التوجهات تواجه عالما اكثر زيفا وغرابة ، حيث لا معنى للوجود ولا للحقيقة واللغة ، عالم مظلم يبدا بنقطة وينتهي بذات النقطة ، كما أن التيارات الفكرية لعبت دورا اخر حينما تاثر بها المخرجون ،كالبنيوية والدادائية والتفكيكية والحداثوية وما بعدها حين غيرت توجهات المسرح الأدبية من الشعرية والشعر نحو السرد غير المنظم والتكرار والأنماط الصورية وتداخل الأساليب التي تدعو الى استفزاز المتلقي دون الاكتراث للمعنى ، ولعل تلكم الفوضى يكمن خلفها تلكم التحولات المعاصرة التي هي بالأساس كانت من جراء الحربين العالمتين في أوربا ،وهو ما دعا الى تأثر المخرجين العرب من الذين درسوا في أوربا او الذين اطلعوا على تجارب الأخرين ، مما حدا بهم نقل التجربة دون وعي مسبق بمشكلات الجمهور العربي ,حتى أمسى المسرح العربي يبحث عن المخفي وغير المعلن لتقديم عروض دون وعي أو تحت يافطة التجريب ، لقد نسى أو تناسى المخرجون العرب أن المجتمع العربي يخبئ بين طياته العديد من الأفكار والمواقف والأحداث والشخصيات ما يخلق عرضا مسرحيا عربيا خالصا دون التوجه نحو الأعداد أو التوليف أو التعريب ، رغم الدعوات نحو تأصيل المسرح العربي التي تلاشت رويدا رويدا ،إن تلك العروض التي جاءت بها المهرجانات العربية شغلت نفسها بما شغل بها الأوربيون ، فكانت ردود الفعل الجماهيري بين متحفظ ومتردد وناكث ورافض ؟ .
ذلك لكونها لا تمت بصلة لمجتمعاتنا العربية الإسلامية بالخصوص ما قدم من التعري والاباحية واللغة الفاحشة دون حياء، ولعلها من تأثيرات المسرح الأوربي، فالإخراج المسرحي يدعو الى تثوير الجانب الإبداعي في الرؤية لتقديم رسالة تدعو لحل المشكلات ورفض النموذج الاجتماعي السيء.
ينبغي أن نخرج من جلباب المسرح الأوربي، ونطوي ذواتنا بجلباب المسرح العربي الصرف.

المسرحي العراقي د.حسين التكمة جي الإخراج المسرحي في عروض المسرح العربي