شحاته زكريا يكتب : اقتصاد قوي .. مفتاح المستقبل وجسر الاستثمار
الجارديان المصريةإن بناء اقتصاد قوي وجاذب للاستثمارات ليس مجرد هدف تسعى إليه الدول ، بل هو الضمانة الحقيقية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار في مواجهة التحديات العالمية. في عالم يشهد تسارعا غير مسبوق في التطورات الاقتصادية والتكنولوجية أصبحت القدرة على جذب الاستثمارات أحد المعايير الأساسية لتقييم قوة الدول وتنافسيتها على الساحة الدولية.
إن مفهوم الاقتصاد القوي لا يقتصر فقط على الأرقام والإحصاءات ، بل يتجاوز ذلك ليشمل منظومة متكاملة من الاستقرار السياسي والبنية التحتية المتطورة ، والقوانين الشفافة والبيئة الاستثمارية الجاذبة. هذه العوامل مجتمعة تمثل الأساس الذي يعتمد عليه أي اقتصاد لتحقيق نمو مستدام وقادر على تلبية تطلعات الشعوب وطموحات الأجيال القادمة.
في قلب هذا التوجه تأتي أهمية توفير بيئة استثمارية محفزة تسهم في جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. فالمستثمر يبحث دائما عن الاستقرار والأمان ، سواء على المستوى الاقتصادي أو التشريعي. لذا فإن تبني سياسات واضحة وشفافة تُعزز من ثقة المستثمرين هو المفتاح لجذب المزيد من الاستثمارات ، التي بدورها تمثل عصب الاقتصاد الحديث.
من جهة أخرى يشكل الاستثمار في البنية التحتية حجر الزاوية لأي نهضة اقتصادية. فبدون بنية تحتية متينة ، تظل أي محاولات لجذب الاستثمارات قاصرة وغير فعالة. لذلك فإن تطوير شبكات النقل، والموانئ، والمطارات، إلى جانب تعزيز خدمات الاتصالات والطاقة، يُعد ضرورة ملحة لتحقيق التكامل الاقتصادي وتسهيل حركة التجارة والاستثمار.
كما أن الاستثمارات ليست هدفا في حد ذاتها بل هي وسيلة لتعزيز القطاعات الإنتاجية وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة. ومن هذا المنطلق يجب أن تتجه الجهود نحو خلق منظومة اقتصادية متوازنة تستفيد من كافة الإمكانيات والموارد المتاحة ، سواء كانت طبيعية أو بشرية.
في هذا السياق يبرز دور التكنولوجيا والابتكار كعناصر أساسية لدفع عجلة النمو الاقتصادي. فالدول التي نجحت في دمج التكنولوجيا في مختلف قطاعاتها الاقتصادية تمكنت من تحقيق قفزات نوعية في مستويات الإنتاجية والتنافسية. لذا فإن الاستثمار في التعليم والبحث العلمي يعد أحد الرهانات الكبرى التي يمكن من خلالها تحقيق قفزة نوعية في مسار التنمية.
ولا يمكن أن نغفل أهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص في تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة. فالقطاع الخاص باعتباره المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي ، يحتاج إلى شراكة حقيقية مع القطاع العام لتحقيق التنمية المتوازنة. هذه الشراكة يجب أن تقوم على أسس واضحة ومتكاملة ، تضمن تحقيق التوازن بين مصالح الطرفين وتلبي احتياجات المجتمع ككل.
ختاما يمكن القول إن بناء اقتصاد قوي وجاذب للاستثمارات ليس رفاهية بل هو ضرورة تفرضها متطلبات العصر وتحدياته. إن الرؤية الواضحة والإرادة الصادقة هما الأساس لتحقيق هذا الهدف. ومع تكاتف الجهود وتضافر الطاقات، يمكن تحقيق اقتصاد يليق بطموحات الشعوب ويضع الدولة في مكانة ريادية على الخارطة العالمية.