الثلاثاء 14 يناير 2025 03:01 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د . القس جرجس عوض يكتب : شعار معرض الكتاب الدولي 2025 ( اقرأ..في البدء كان الكلمة )

د . القس جرجس عوض
د . القس جرجس عوض

تحت رعاية وتوجيه القيادة السياسية الحكيمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة امس الأحد، مؤتمرًا صحفيًا بدار الأوبرا المصرية، وقد شرفت شخصيا بلقائه في عدة لقاءات وقد حوي المؤتمر عن تفاصيل الدورة الـ 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد تم اختيار الشعار بكلمات مفتاحية دينية تعبر عن الهوية المصرية والنسيج الواحد الذي يجمع طرفي الدولة المصرية صارخا في وجه المتربصين بوحدتنا وامننا وكل من يريد كسر الوحدة الوطنية، ونشر الفتن والشائعات وقد جاء الشعار، اقرأ.. وهي كلمة متخذه من سورة العلق تحض هذه السورة المكِّيّة على القراءة، باعتبارها السّبيل إلى المعرفة وهي فعل امر لكل البشر
ثم نأتي الي الكلمات المفتاحية المقتبسة من انجيل البشير يوحنا والاصحاح الأول والآية الاولي وهي.. في البدء كان الكلمة، وفي التوراة وتحديدا في سفر هوشع يقول الرب "قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ (هو 4: 6) وقول السيد المسيح "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً" (يو 5: 39)
اذا ومن هذا المنظور الديني نجد ان الله يحض شعبه علي المعرفة والقراءة وقد خلق الله الانسان متميز عن كل الكائنات الأخرى فهو كائن عاقل خلاق مفكر ومبدع، لكن هناك من يسلم فكره وعقله للجهل فيصبح اّفه في المجتمع لا يجني منه المجتمع سوي المتاعب والتخلف والتعصب والإرهاب، ومن سمات تقدم الدول انها لا تقاس بالكم من البشر او الأموال، لكنها تقاس بالعلم والثقافة والبحث العلمي وبالرقي والتحضر، هناك بعض الدراسات التي تقول أن العالم العربي يقف خلف قائمة الأمم القارئة، ذلك أن متوسط معدل القراءة فيه لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنويا، بينما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى تصل معدلات القراءة في أميركا إلى 11 كتابا للفرد سنويا، ووفقا لدراسة لجنة "الكتاب والنشر" فإن العالم العربي ينشر ألفا و650 كتابا سنويا بينما تنشر الولايات المتحدة وحدها 85 ألف كتاب سنويا وأريد ان انوه عن
مخاطر عدم القراءة واثرها علي المجتمع وهي كالاتي : 1ـ انتشار الجهل وعدم الوعي وعدم المعرفة 2ـ انتشار الامراض والاوبئة 3ـ انتشار الفقر والبطالة 4ـ انتشار ثقافة النصب والاحتيال 5ـ انتشار التطرف والإرهاب وعدم قبول الاخر. كل انسان منا يختبئ خلف صور او صندوق قد بناه لنفسه وهو كلماته ومعتقداته وثقافته وعاداته، وعليه يجب ان يخرج خارجا، ويتحرر من تلك الاسوار او الصندوق، ويبدا في بناء الجسور بينه وبين الاخر، حتي يكتشف البيئة المحيطة به، فمن الصواب ان تحرر فكرك وقلبك من الأفكار البالية، والمعتقدات الخاطئة الهدامة، الشخصية القوية هي القادرة علي التغيير والتجديد في حياته فقد قال السيد المسيح: اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ لو 45:6.
وقد قيل ان حديثك هو جواز سفرك الي قلوب الناس فكلامك هو انت وانت هو كلامك اما ان تقبل او ترفض، والكلمة لها قوتها، فقيل: إن كنت حريصا مرة فى تداول النار فاحرص عشر مرات فى تداول الكلمات، لأنه بكلامك تبرر وبكلامك تدان، والحياة والموت فى يد اللسان، وتظهر معادن الناس من خلال كلامهم، فكم قامت حروب ودمرت دول بسبب كلمة وكم زهقت أرواح بكلمة، وكم دمرت بيوت وتفككت اسر بسبب كلمة قيلت في غير محلها، فاحرص علي كلامك، والعكس تماما، قيل عن الفيلسوف سقراط كان يجلس يوما مع تلاميذه فجاء احد الشباب المعتز بنفسه ولبسه واناقة مظهره ووسامه وجهه، فجلس في محضر الفيلسوف سقراط ولم يتكلم بكلمة، فقال له سقراط جملته الشهيرة (تكلم حتي اراك) كلامك هو هويتك ويظهر شخصيتك، أي من الرجال تكون، عاقل او مجنون، حكيم او جاهل، قائد او منقاد، متزن أو متهور، كاره او محب
من هنا احب ان أوضح الاتي: (في البدء كان الكلمة) والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله، ان الله سبحانه أراد ان يتنازل ويظهر محبته للبشر، واراد ان يبني الجسور بينه وبين البشر، ويعبر لهم عن حبه وصلاحه، وانه لم يخلقهم للجحيم بل للحياة الأبدية، فاخذ زمام المبادرة واراد ان يظهر نفسه للبشر، فالغير منطور اصبح منظور، فارسل كلمته الكائن في ذاته منذ الوجود حيث لا انفصال بين الله وكلمته، بين الناطق والمنطوق، فصلة الكلمة بالله صلة أزلية عجيبة كائنة بكينونته، ومن ثم دخل كلمة الله الي عالمنا بجسد بشريتنا لكنه كان عجيبا في ميلاده، في أقواله، في معجزاته، في محبته، لم يرفع سيفا علي احد، ولم يعلن الحرب حتي علي أعدائه، لم يؤذي إنسانا قط. لم يرفع عصا على أحد، ولم يشتم أحدا، ولم يكون جيشا للحرب، ولم يركب فرسا ولا بعيرا. وبالكاد ركب حمارا في دخوله اورشليم، لقد اظهر حبه للبشر ودعي اتباعه بان يحبوا حتي اعدائهم، لذا لا يستطيع ملاك او رئيس ملائكة او كائن اخر أن يخبرنا عن صفات الله وفكره ومحبته وغفرانه، إلا كلمة الله المتجسد في المسيح، وفي ختام كلمتي لا يسعني الا ان اقدم خالص شكري وتقديري الي فخامة رئيس الجمهورية ومعالي وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو علي اختيار هذا الشعار الذي يعبر عن الوحدة الحقيقية والهوية المصرية


#د. القس/ جرجس عوض كاتب ومفكر مسيحي

د . القس جرجس عوض مقالات القس جرجس عوض د . القس جرجس عوض يكتب : شعار معرض الكتاب الدولي 2025 ( اقرأ..في البدء كان الكلمة )