الأربعاء 15 يناير 2025 12:29 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

مدحت الشيخ يكتب : البيئة مسؤولية الجميع

الكاتب الكبير مدحت الشيخ
الكاتب الكبير مدحت الشيخ

تلوث البيئة والتغيرات المناخية وما نتج عنها من تأثيرات ممثلة في العديد من الظواهر كارتفاع درجة حرارة الكوكب وتغير أنماط الطقس المعتادة، بالإضافة إلي الخلل الواضح في الطبيعة،
يعد خطرا داهم علي البشر وسائر المخلوقات الحية كحرائق الغابات وذوبان الجليد في القطبين نتيجة الاحتباس الحراري والذي يهدد بغرق العديد من المدن نتيجة إرتفاع منسوب البحار.
علاوة علي الفيضانات المتكررة والانهيارات الأرضية التي ضربت العديد من بلدان العالم وأسفرت عن خسائر ضخمة في الأرواح والممتلكات والتي تعد أجراس إنذار متكررة للحد من التغيرات المناخية،
وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خطر بات يهدد البشرية بأكملها علي حد سواء.
ويعد السلوك البشري السبب الرئيسي للتغيرات المناخية نتيجة الأنشطة الصناعية الملوثة للبيئة،
بالإضافة إلي الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري كالفحم والبترول والغاز وغيرهما، والذي يعمل بطبيعته علي إطلاق كميات ضخمة من المركبات السامة مثل أول وثاني أكسيد الكربون،
بالإضافة إلي أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين والتي تعتبر غازات ثقيلة.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الصناعية الأولي في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون بنسبة 93%،
ولم يكن الوقود الأحفوري هو السبب الوحيد فحسب بل كان للتوسع العمراني وقطع الأشجار وتلوث البحار والنهار أسباب رئيسية فيما آلت إليه الأمور.
من هنا يأتي دور التنمية المستدامة وأهميتها في إدارة الموارد الطبيعية بشكل سليم للعمل علي استخدامها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من جانب عن طريق تطوير وسائل الإنتاج وأساليبه المتبعة وإدارتها بطريقة سليمة،
بحيث لا تؤدي إلي استنزاف الموارد الطبيعية والحفاظ علي البيئة مع تلبية احتياجات الأجيال الحالية وحفظ حقوق الأجيال القادمة من جانب أخر.
فمن المعروف ارتباط التنمية ارتباط وثيق بالموارد الطبيعية المتاحة فلا يمكن صنع تنمية دون توافر للعناصر والموارد الطبيعية في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد الطبيعية نتيجة لأسباب عديدة،
ومنها تضاعف الاستهلاك للموارد الطبيعية بسبب زيادة أعداد السكان في مقابل مواد غير متجددة كالماء ومصادر الطاقة والمواد الأولية في ظل اعتقاد خاطىء بأنها موارد لا تنضب أبدا وعل سبيل المثال
ندرة المياه.
لقد أصبحت ندرة المياه واقع لا يمكن إنكاره وباتت شبح يهدد العديد من الدول بشكل عام والدول العربية بشكل خاص.
وتعد المنطقة العربية هي الأكثر ندرة للمياه في مناطق العالم حيث تعاني 19 دولة عربية من بين 22 دولة من مشكلة شح المياه بينما تحصل 21 دولة عربية من 22 دولة علي مواردها الأساسية من المياه من مياه عابرة للحدود،
وهذا وفقا لتصريح السفيرة شهيرة وهبي رئيسة قسم استدامة الموارد الطبيعية والحد من مخاطر الكوارث بجامعة الدول العربية،
من هنا يجب علينا تغيير السلوك الاستهلاكي للمياه مع العمل علي إعادة تدوير مياه الصرف وحصاد مياه الأمطار والاستخدام الأمن للمياه الجوفية، وبالتبعة ندرة الماء لها تأثير كبير علي إنتاج الغذاء.

ندرة المياه والأمن الغذائي

تعد ندرة المياه أبرز مشكلات الأمن الغذائي وتنقسم ندرة المياه إلي قسمين:-
الأول:- الندرة المادية وتتمثل في تجاوز الطلب علي المياه المتوفرة للكميات المتاحة.
ثانيا:- الندرة الاقتصادية وتتمثل في فقدان البنية التحتية للاستفادة من المياه رغم توفرها في العالم العربي.
نموذج واضح للندرة المادية للمياه حيث تتزايد أعداد السكان مع ثبات مصادر المياه العذبة مما يؤثر بشكل مباشر علي الإنتاج الزراعي وتوفير الغذاء.
وتعد مصر من أكثر الدول التي تعاني من نقص المياه، حيث تعتمد اعتمادا رئيسيا علي نهر النيل في المقام الأول،
من هنا بدأت مصر منذ العديد من السنوات في إتباع إستراتيجيات جديدة منها تغيير نظم الري من الري بالغمر إلي الري بالتنقيط الذي يقلل الفاقد بشكل كبير،
والعمل علي استزراع محاصيل غير مستهلكة للمياه، بالإضافة إلي تبطين الترع للحد من إهدار المياه.
ويعد التلوث البيئي الذي أدي إلي التغيرات المناخية سبب من أسباب ندرة المياه وبالتابعية التأثير علي توافر الغذاء، حيث أثر بشكل واضح علي مواسم هطول المطار،
وتعاني العديد من بلدان العالم من ذلك خاصة الدول التي تعتمد علي الزراعة اعتمادا علي الأمطار حيث أدي عدم انتظام هطول الأمطار إلي تلف المحاصيل وبالتالي يؤدي إلي ندرة الغذاء.

جهود الدولة المصرية للحد من التغيرات المناخية

كانت مصر من أولي الدول التي اتخذت العديد من الخطوات الجادة للحفاظ علي البيئة والحد من أثر التلوث، حيث شجعت العديد من المشروعات التي تعمل علي تحسين الطاقة بعيدا عن الوقود الأحفوري واتجهت إلي استخدام الطاقة المتجددة الطاقة الشمسية والمائية.
بالإضافة إلي السعي إلي حماية الشواطىء وإنشاء العديد من معاهد البحوث المتخصصة.
علاوة علي دعم القطاع الخاص وتشجيعه علي الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب بل قامت مصر بدعم المراكز المختصة لإجراء بحوث بشكل دوري علي تأثير التغيرات المناخية علي الإنتاج الزراعي واستنباط أنواع جديدة قادرة علي تحمل الحرارة.

دور الإعلام

من المؤكد إن الإعلام يلعب دورا حيويا في القضايا الكبرى ومنها بالطبع قضية التلوث البيئي وما ترتب عليها من تغيرات مناخية والتي احتلت مؤخرا مساحة واسعة في الإعلام الدولي والإقليمي.
وذلك بنشر الوعي وإلقاء الضوء علي المخاطر الناتجة بسبب التلوث البيئي والتغيرات الماحية وتشجيع الحكومات علي إتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة للوقف العبث بالبيئة. بالإضافة إلي العمل علي تغيير الصورة الذهنية المغلوطة لدي البعض والاعتقاد أن الموارد الطبيعية لا تنتهي،
علاوة علي إنشاء أقسام مختصة في الصحف والمواقع الإلكترونية للإعلام البيئي فالحفاظ علي البيئة مسؤولية جماعية يتحملها كل منا.