اول قضية من نوعها .. مواطن يطالب شركة فودافون بإعادة خط باعته الشركة لمواطن آخر
الجارديان المصريةفي سابقة تعد الأولى من نوعها في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر، قام المواطن محمد مختار عبد الوهاب سليمان بتقديم إنذار رسمي إلى شركة فودافون مصر، مطالبًا بإعادة خطه الذي تم بيعه دون وجه حق، وهو ما اعتبره انتهاكًا لخصوصيته وحياته الشخصية.
وأوضح سليمان في الإنذار، الذي تم توثيقه على يد محضر قانوني، أنه يطالب الشركة بسرعة إعادة الخط رقم 01066453453، مع التعويض عن الأضرار المادية والنفسية والمعنوية التي لحقت به جراء هذا التصرف.
يعود تاريخ العقد الذي يربط سليمان بشركة فودافون إلى 9 يوليو 2012، حيث كان يستخدم هذا الخط في إجراء المكالمات المحلية والدولية، وإرسال الرسائل النصية والبريد الإلكتروني، بالإضافة إلى استخدام الإنترنت. وأكد سليمان أنه لم يخل بأي من التزاماته تجاه الشركة، وأنه يحتفظ بسجلات تدل على تعامله المستمر معها.
لكن المفاجأة التي صدمت سليمان هي اكتشافه، دون أي إنذار مسبق، أن الشركة قامت ببيع خطه واستخدام بياناته الشخصية، مما ألحق به أضرارًا جسيمة، خاصة أنه يعمل كاتبًا، حيث يعتبر هذا الرقم جزءًا أساسيًا من أدوات عمله اليومية.
إزاء هذا الموقف، وجه سليمان إنذارًا رسميًا لشركة فودافون مطالبًا بإعادة الشريحة المتنازع عليها والتعويض عن الأضرار التي لحقت بسلامة معلوماته الشخصية.
في هذا السياق، يبدو أن موضوع الهاتف المحمول في عصرنا الحديث قد تجاوز مجرد كونه أداة اتصال، ليصبح جزءًا أساسيًا من هويتنا الرقمية. إذا كان رقم بطاقة الرقم القومي يمثل الهوية الشخصية للأفراد من الميلاد حتى الوفاة، فإن رقم شريحة المحمول أصبح يمثل الهوية الرقمية التي لا غنى عنها في ظل التقدم التكنولوجي السريع. في عصر الميتافيرس والتطورات المذهلة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، أصبح الهاتف المحمول بمثابة مفتاح المنزل الرقمي، كما أكد ذلك الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات، في عدة مناسبات إعلامية.
لقد أصبح رقم الهاتف المحمول هو الرابط الأساسي للخدمات الإلكترونية التي يعتمد عليها الأفراد، مثل الحسابات البنكية، والإشعارات المالية، والخدمات الحكومية عبر بوابة مصر الرقمية، إضافة إلى استخدامه في التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي. وبالتالي، فإن فقدان هذا الرقم يمكن أن يؤدي إلى توقف هذه الخدمات الحيوية ويشكل خطرًا كبيرًا على خصوصية الأفراد.
كما أن قانون الاتصالات المصري يحدد شروطًا لحيازة خطوط الهاتف المحمول، حيث لا يسمح بتوقف الشريحة لفترة تتجاوز 3 أشهر في نظام الشحن المسبق أو 6 أشهر في نظام الاشتراك الشهري، وإلا يتم سحب الشريحة وإعادتها للشركة. هذا الأمر يثير تساؤلات حول كيفية التعامل مع الأضرار التي قد تلحق بحياة الأشخاص نتيجة فقدان أرقامهم.
أوضح تقرير وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أكتوبر 2024 أن عدد مشتركي الهاتف المحمول في مصر قد بلغ 112.89 مليون خط محمول، مما يعكس نموًا في القطاع بنسبة 6.75% مقارنة بالعام الماضي. كما أشار التقرير إلى زيادة نسبة انتشار الهاتف المحمول في البلاد.
فيما يتعلق بعقده مع فودافون، أشار سليمان إلى أن العقد الذي وقع عليه يعد من عقود الإذعان، وهو نوع من العقود التي تضع شروطًا ثابتة لا يمكن تعديلها من قبل المستخدم. وقد أكدت محكمة النقض على أهمية حماية حقوق المستهلكين في هذه النوعية من العقود، حيث يُعتبر الاحتكار أو السيطرة على الخدمة سببًا رئيسيًا لتطبيق هذه العقود.
سليمان، الذي يواجه الآن أزمة تتعلق بخصوصيته وبياناته الشخصية، أكد أنه سيقوم باتخاذ خطوات قانونية في حال لم تستجب الشركة لمطالبه خلال عشرة أيام من استلام الإنذار.
وأوضح أنه حتى مع قبول بنود الإذعان في العقد، فإن ذلك لا يعطي الشركة الحق في بيع الخط لعميل آخر. وأشار إلى البند 7.3 في العقد الذي يمنح الشركة الحق في وقف الخط إذا لم يقم صاحبه بشحنه لفترة معينة، إلا أنه لا يتضمن أي حق في بيع الخط.
وأكد سليمان أن بيع الخط لعميل آخر يعد انتهاكًا لحياته الخاصة، حيث يمكن للمالك الجديد للخط الوصول إلى بياناته الشخصية وحساباته البنكية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اختراق بياناته المسجلة على موقع مصر الرقمية.
تقصير الشركات في إرسال إنذارات وقف الخدمة
أضاف سليمان أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قد ألزم شركات الاتصالات بضرورة إرسال إنذار لصاحب الخط مرتين قبل التصرف في الخط، وهو ما لم يحدث في حالته. وأكد أن دليل الإثبات لا يحتوي على أي ما يثبت إرسال الإنذار سوى عبر الطريق القانوني، مما يعني أنه لا يجوز للشركة الاحتجاج بأنها أرسلت رسائل عبر نفس الخط الموقوف، لأن تلك الرسائل ببساطة لن تصل إليه. كما أشار إلى أنه لا يجوز أن يكون الخصم هو نفسه مرجع الإثبات القانوني في إجراء اتخذته ضد الطرف الآخر في الخصومة. وبالتالي، يجب أن يتم الإنذار عبر الطريق القانوني وعلى يد محضر، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة. وقد جرت محكمة النقض على ذلك في حكمها، حيث أكدت أنه: "لا يملك الشخص أن يتخذ من عمل نفسه لنفسه دليلاً يحتج به على الغير" (نقض مدني في الطعنين رقمي 29 و 31 لسنة 38.10/09/2021).