في مقال للمسرحي السعودي فهد ردة الحارثي على صفحته بالفيس بوك
((لأن ( المسارحة) أصحاب كلام لزج لانهاية له ، فهم يخلطون في تصوري بين حالة المهرجان المسرحي وحالة الموسم المسرحي، فيطلبون هذا من ذاك وذاك من هذا .
المهرجان المسرحي هو حالة مختبرية في غالب تكوينه، وهو فرصة لتجمع مسرحي تعرض فيه النتاجات المسرحية المختلفة والمتنوعة ليتعرف المسرحيون بعضهم على بعض، ويقيسوا تجاربهم وتجربتهم، وقد يتنافسون فيما بينهم على ذلك الأمر فيذهب كل منهم نحو معمله ليقدم عرضه ضمن وفي إطار هذه الحالة.
إنها حالة تشبه المؤتمرات العلمية التي يحضرها المتخصص ليقدم بحثه وخبرته وتجربته ليفيد منها حضور المؤتمر من الخبراء والعارفين والمتعلمين والمتدربين، ولذلك سنجد في المهرجانات المسرحية الورش والدورات والندوات الفكرية والتطبيقية.
ربط المهرجان بالجمهور هو ربط خاطيء في تصوري، فما هي المساحة الذي يتحملها عرض يقدم لمدة مرة واحدة أو مرتين لجمهور طويل عريض؟.
والحضور النوعي الدائم لعروض المهرجان وإنه من المسرحيين أنفسهم فذلك أمر طبيعي جدا ، نظرا لنوعية التعامل والتعاطي مع المهرجان وفكرته ومناطق بحثه وتوجهه
وبالتالي كيف يمكن أن نقيس الحضور نوعه وكمه واستجاباته على عرض واحد للمسرحية في حالة معملية غير متجه نحو الجمهور مباشرة؟،وفي المقابل سنجد أن عروض الموسم المسرحي هي تلك التي تقاس عليها عملية الاستجابة والتوجه والقياس نظرا لنوعيتها وتوجهها نحو الجمهور مباشرة دون معمل أو مختبر ،الخلط بين حالة المهرجان وبين حالة الموسم هو ما يجعل قياسات التوجه لدينا دوما غير دقيقة )).
المهرجانات لمن وخاصة أن العروض المقدمة فيها مفترض بداهة أنها أنتجت للعرض على الجمهور كأفضل بضاعة لمنفذيها
فإذا ما كانت كما هو الحال وعلى غير المفترض فلتقصروا حضورها على ذات المجموعة من النقاد والفنانين .
مهرجانات في مجملها صفرية المردود وقرع للطبل الأجوف إذ لم تنعكس على الحرص على الجمهور والمحافظة عليه وخاصة بعد أن بات واضحا للعيان هجر الجمهور للمسارح،إذن ان العلة في عروض طاردة له غريبة عنه وعن اهتماماته وخالية من المتعة والفن والفكر .
وهل سيقضون العام كله للتعارف على بعضهم وجوه مكررة لا تفسح المجال للوجوه الجديدة ، والكلام على الطريقة الطوطولوجية (تكرار الكلام بنفس المعنى بعدة طرق )،تكرار للجان التحكيم ولجان اختيار العروض والنقاد والنتيجة صفر .
اما عن لزاجة المسارحة كما يسمهم صاحب المقال تأففا وإزدراء فلينزل قليلا عن برجه العاجي وليتأمل واقع المسرح بصدق وهل لايزال كما يبدو من كلامه انه ليس في الإمكان أحسن مما كان ويكون وسيكون ..
ولم يفرق في كلامه بين العروض والمهرجانات المخبرية وتناسى أن مكانها جدران الأكاديميات ثم يطبقون مبتكراتهم بعد ذلك في عروض للجمهور.
وحين يدرك المهرجاناتية ماهية عمل المهرجانات وآلياتها ويقصروها على أنفسهم كالمهرجان التجريبي فيقصرون حضوره على شلتهم ستكون الرؤية أوضح ،المشكلة أن عدد المهرجانات وخاصة في مصر أصبح مبالغا فيه حوالي ٣٤ مهرجانا بمعدل مهرجان كل ١٠ أيام ، لتطيح بالمواسم المسرحية ، فيكون جل اهتمام المسرحيين المهرجاناتية ما الذي سيقدمونه ليعرض في مهرجانات تحصيل حاصل ، وفرقعة إعلامية كاذبة ،وهل يفرق المستفيدون الحقيقيون من حضور المهرجانات وسياحتها وقد اقتصر حضورها عليهم الفرق بين المهرجان والآخر، وخاصة بعد ان أصبح كل من هب ودب يقيم مهرجانا للسبوبة وتبادل المنافع والأضواء .
ولذا كان لزاما أن أذكر مقولة د.مدحت الكاشف العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية بمصر ورئيس أحد دورات المهرجان العربي والمهرجان القومي :
واقع المسرح العربي اليوم لا يبعث على السرور ، فالمسرح اليوم أصبح يقدم للمسرحيين ، وهذا بعيد عن هدفه الأساسي بسبب عزوف الجمهور عن الذهاب للمسرح.
المسرح لا يمكن أن يتوقف عن مواكبة قضايا المجتمع هناك قضايا عالمية تستحق أن يطرحها المسرح العربي وفي نفس الوقت هناك قضايا أكثر خصوصية في بعض المجتمعات .
شخصيا أعتبر أن المسرح يجب أن يناقش جميع القضايا المسكوت عنها في جميع المجتمعات الأهم أن يوظف أدواته بشكل جيد لطرح هذه القضايا، المسرح من أجل الجمهور ، وقضايا الجمهور ، في حين أن مناقشة القضايا السطحية أمر غير مقبول ويبعد المسرح عن هدفه الأساسي.
و يجب أن يوضع في الحسبان مقولة د.كمال زغلول عن أهمية الجمهور للعرض المسرحي :
يعتقد البعض أن الجمهور مجرد مشاهد للعرض المسرحي، ولهذا يصبح عرض (المسرح) مجرد مشاهدة تقبل الاستحسان أو الرفض، وهذه النوعية من العروض قيمتها الجمالية بالنسبة للجمهور، مجرد متعة جمالية عابرة في حالة الاستحسان، أما في حالة الرفض تصبح بلا قيمة ويتم غلقها ونسيانها.
ولهذا لا ينتبه صناع (المسرح) إلى مشاركة الجمهور في العرض المسرحي، مشاركة حقيقية، وليست مشاركة بكسر الحاجز الرابع، أو مشاركة بالتعبير عن الاستحسان بالتصفيق والصراخ والضحكات، ولكن المشاركة الحقيقية للجمهور تكون من خلال الوجدان الجمعي، الذي يجمع الجمهور بالممثلين.