الجمعة 31 يناير 2025 02:05 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسين السمنودى يكتب : الرئيس السيسي... المنتصر من دون إطلاق رصاصة واحدة

الكاتب الكبير حسين السمنودى
الكاتب الكبير حسين السمنودى

في عالم تموج فيه الصراعات، وتتغير التحالفات، ويعاد تشكيل الخرائط بدماء الأبرياء، برز الرئيس عبد الفتاح السيسي كأحد أبرز القادة الذين نجحوا في تحقيق الانتصارات الكبرى دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. فمنذ توليه قيادة مصر، كان عليه مواجهة تحديات مصيرية، ليس فقط على الصعيد الداخلي، بل على مستوى إقليمي ودولي شديد التعقيد.

وعقب أحداث 2011، كانت المنطقة العربية هدفًا لمخطط جهنمي تقوده القوى الصهيو-أمريكية، يهدف إلى تفتيت الدول الكبرى وتحويلها إلى كيانات متصارعة تسهل السيطرة عليها. وعندما جاءت 2013، كانت مصر على شفا الانهيار، لكن السيسي تصدى لهذه المخططات بشجاعة وذكاء، فاستعاد الدولة المصرية من حافة الفوضى، وحطم أوهام المتآمرين الذين ظنوا أن سيناريو "الربيع العربي" سينجح في إسقاط مصر.

لم يكن الأمر مجرد مواجهة داخلية، بل كانت هناك حرب مفتوحة، إعلاميًا وسياسيًا واقتصاديًا، عملت خلالها أجهزة الاستخبارات المعادية على تحريض الفوضى، وضرب الاقتصاد، وإشعال الفتن، لكن القيادة المصرية بقيادة السيسي كانت تدرك أن المواجهة لا يجب أن تكون بالسلاح فقط، بل بالعقل والتخطيط الاستراتيجي.
وأدرك السيسي أن حماية الأمن القومي المصري لا تتوقف عند حدود البلاد، بل تمتد إلى العمق العربي والإفريقي. فكانت تحركاته القوية في ليبيا، ووقوفه بحزم ضد أي محاولات لإيجاد ميليشيات إرهابية تهدد أمن مصر، مما أجبر القوى الكبرى على إعادة حساباتها. كما عزز العلاقات مع الدول الإفريقية، وأعاد مصر إلى قلب القارة السمراء، بعد أن كادت تفقد نفوذها هناك.

أما في ملف غزة، فقد برهنت مصر بقيادة السيسي أنها اللاعب الأهم في المعادلة، حيث أدارت الأزمات بذكاء، ونجحت في فرض نفسها كوسيط قوي لا يمكن تجاوزه، رغم أن بعض الدول حاولت خطف هذا الدور. لم تسمح مصر بتمرير أي مخطط يستهدف أمنها القومي، أو استغلال القضية الفلسطينية لتمرير أجندات خبيثة.
ولم يقتصر الانتصار المصري على المجال السياسي والعسكري، بل كان الاقتصاد أحد أهم أدوات المواجهة. أدرك السيسي أن بناء مصر القوية يحتاج إلى نهضة اقتصادية شاملة، فبدأ بإصلاحات كبرى، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء مشروعات قومية عملاقة جعلت مصر أكثر قدرة على الصمود في وجه الأزمات العالمية.
ورغم الضغوط الاقتصادية ومحاولات إفشال الدولة، فإن مصر واصلت مسيرتها، وحققت معدلات نمو إيجابية، واستطاعت أن تؤمن احتياجات شعبها في أصعب الفترات، مثل أزمة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة التضخم العالمي.
وإن أعظم الانتصارات هي التي تتحقق دون الدخول في مواجهات عسكرية، وهذا ما فعله السيسي. فقد نجح في تحجيم المخططات الصهيو-أمريكية التي استهدفت مصر، وحافظ على سيادتها، واستقلال قرارها، وأعادها كقوة إقليمية يحسب لها ألف حساب.

لم تكن المواجهة سهلة، لكنها كانت مدروسة، قائمة على إدراك عميق لطبيعة الصراع. وبينما غُرِّر ببعض الدول فدخلت في حروب دمرت مقدراتها، نجحت مصر في تجاوز الفخاخ المنصوبة لها، وأصبحت نموذجًا للاستقرار في منطقة تمزقها الفوضى.
واليوم، تقف مصر شامخة، رغم التحديات، بفضل قيادة حكيمة أدركت أن الحروب الحديثة لا تحتاج فقط إلى الجيوش، بل إلى عقول قادرة على قراءة المستقبل، والتعامل بذكاء مع المتغيرات. السيسي لم ينتصر بالسلاح، بل بالاستراتيجية، والحكمة، والعمل الدؤوب، ليؤكد أن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على منع الحرب، لا خوضها.